قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: مسيرة العودة الفرصة الكبرى

إبراهيم المدهون
إبراهيم المدهون

إبراهيم المدهون

لا شك أننا امام فكرة جديدة لم نجربها من قبل في قطاع غزة وهو تحويل طاقتنا لعمل جماعي منظم وعفوي وهادر، لا يهدف للالتحام والاستعراض والصدام والمواجهة بقدر ما يعمل على ابراز صوتنا بطريقة اعتصامية جماهيرية جمعية موحدة، وهنا تذوب الفصائل والشخوص والبطولات الفردية وتنصهر في طاقة كامنة كاملة معبرة عن حالة خلاص جمعي، يتجاوز التفاصيل والهوامش لعمق الازمة ومشكلتها الاستراتيجية الواضحة، أننا شعب تحت الاحتلال يبحث عن حق كامل بعدما تآكلت حقوقه حتى وصل به الحال ليقتات اللقمة ويتوسلها في ظل حصار خانق أصاب الاساسيات بعدما أجهز على الكماليات.

ماذا يريدون من مليوني فلسطيني يعيشون في سجن كبير، لا يخرجون ولا يبنون ولا يتطورون، محكوم عليهم بالألم والمعاناة وقلة الاموال والثمرات وتعب الأنفس، لا علاج ولا حركة ولا تطوير ولا عمل ولا نموا طبيعيا، كل ما هنالك تضخم في الفقر والبطالة، وجيل تتسع رقعته في البحث عن الذات فلا يجحد إلا الاحباط والتعقيد، رغم ما يملك من طاقة وإبداع وقوة فكرية وروحية لا يحدها حد.

 الخيارات القديمة محصورة إما مصالحة جربت عشرات المرات وفي كل مرة يثبت أنها بيد الاحتلال وأنه لا يسمح باي تقدم فيها، ويبتز السلطة ويمنعها من تقديم أي من التزاماتها، أو مواجهة عسكرية من غير ظهير سياسي تخلف مئات الشهداء والاف البيوت المهدمة والعائلات المشتتة، أو الاستسلام لهدوء طويل وحصار قاس يأكل الأخضر واليابس ببطء وخبث، ولهذا لم يبق إلا خيارا جديدا فيه يتحمل الكل الفلسطيني مسؤولياته ويعمل على تغيير واقعه بيده.

ميزة الحشود والمسيرات السلمية أنها تُحيد السلاح الفتاك وتعيد الصراع لطبيعته، فهنا المواجهة ليست بين دبابة وبندقية، بل بين الانسان والظلم، بين صاحب الحق النقي والملوث بالبنادق والسلاح، بين حق تحميه مئات الاف الانفس وكيان أسس على العدوان، إن سلاحنا الفلسطيني القوي بتمسك ملايين الفلسطينيين بهويتهم وأرضهم وحقهم، وجودنا هو السلاح الأمضى في وجه عدونا واليوم آن الاوان لاستثماره وتوجيهه بشكل سليم.

غير مطلوب من مسيرة العودة ان تنادي باي حزبية إلا فلسطين، وأن ترفع أي راية إلا العلم الموحد بألواننا المختلفة، أو يُغنى أي من اهازيجنا التمييزية إلا ما تحمله الالحان من وطن يجمعنا ويضمنا ويشجينا.

مسيرة العودة مشروع وطني حقيقي، وعلينا جميعا تحمل مسؤوليته والعمل على انجاحه والدفع به، فنحن أمام فرصة فلسطينية كبرى لنعيد قضيتنا لمكانتها ومسارها الحقيقي، فنحن شعب باحث عن الحرية، ويطالب بالعيش بكرامة إنسانية في وطنه.

البث المباشر