قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: التدخين بين الإدمان ودمار الأبدان!

دكتور
دكتور

 

لم يبق الآن لا صغير ولا كبير ولا متعلم ولا جاهل، إلا ويعلم أن التدخين بكل صوره ضار بالصحة، بل وقاتل بكل معنى الكلمة.
وأصبح الآن واضحا أن تأثير التدخين لا يتوقف فقط على الرئتين بل قد يترك آثاراً كارثية على جميع أجهزة وأعضاء الجسم وسأحاول معكم تسليط الضوء على بعض أجهزة الجسم وكيف يؤثر عليها التدخين. 


الجهاز التنفسي:
عندما يقوم المدخن بإشعال السيجارة - أو من يجلس بجانبه- فإنهم يستنشقون مئات المواد الكيميائية الضارة والتي تدخل إلى الرئتين مباشرة، ومع مرور الوقت تترسب داخلها وتضر الرئتين ويبدأ تأثيرها، ومن أهم المضاعفات التي تظهر على رئتي المدخن وجليسه:

1. التهاب الشعب الهوائية الحاد والمزمن: وهو التهاب يحدث داخل القصبات ومن ثم الشعب الهوائية وهي المسئولة عن إدخال الهواء إلى الرئتين وينعكس ذلك من خلال السعال المتقطع أو الدائم.


2. انتفاخ الرئتين: وهي المرحلة التي تتبع التهاب الشعب الهوائية وفيها يحدث خلل يتلخص في فرط انتفاخ التجويفات الهوائية -الحويصلات الهوائية - في الرئتين، مما يسبب كسلها وعدم مرونتها في الحركة مما يعيق حدوث الشهيق والزفير وحدوث تنفس سطحي وسريع، بالتالي نقص دخول الأكسجين إلى الجسم وخلاياه وأجهزته.


3. الربو: وهو اختلال كلي في عملية التنفس وضيق في كل مسالك الجهاز التنفسي مما ينعكس على حياة وسلوك ونشاط المصاب، بل ويدخله في أمراض أخرى مثل أمراض القلب 


4. سرطان الرئة: وهو خلل ناتج عن تهتك البنية الكيميائية لنسيج الرئتين بسبب مكونات التبغ الكيميائية والتي تدخل وتترسب بل وتنتشر دمويا داخل الخلايا، مما يفقدها -

الخلايا الرئوية- شكلها ووظيفتها الطبيعية وقد ينتشر منها إلى الكثير من الأعضاء المجاورة وحتى البعيدة عن الرئتين مثل البروستاتا والمبايض والرحم والجهاز الهضمي.
القلب والأوعية الدموية:
1. يؤثر التدخين على جميع أنظمة القلب بأكملها والأوعية الدموية، حيث يتسبب النيكوتين في تضييق الأوعية الدموية وهو ما يتسبب في إعاقة تدفق الدم فيها على المدى المتوسط والبعيد.


2. التضييق الدائم والمستمر يؤدي إلى إحداث تلف بالأوعية الدموية وهذا يتسبب بمرض يسمى  "الشريان المحيطي"، وهو من أساسيات ومضاعفات تصلب الشرايين، وسببه ترسب طبقات في الشرايين الطرفية في الأقدام وخصوصا الشرايين الكبيرة والمتوسطة منها.

3. وأصبح الآن واضحا أن التدخين من مسببات ارتفاع ضغط الدم ويعمل على إضعاف جدران الأوعية الدموية، ويزيد من احتمال الإصابة بجلطات الدم، مما يُعتبر سببا محتملا لخطر الإصابة بالسكتة الدماغية.

الجهاز العصبي المركزي:
1. من المعروف أن أحد أهم مكونات التبغ هو مادة كيميائية مخدرة "النيكوتين" وهو مادة كيميائية منبهة تؤثر بالأساس على عمل الجهاز العصبي المركزي.


2. يعتبر النيكوتين المسئول المباشر عن إدمان الشخص المدخن على التدخين، ويدخل إلى الجسم بشكل مباشر عبر الرئتين.


3. يتم امتصاص النيكوتين بواسطة الدم الغني بالأكسجين الذي يحمله إلى القلب، ومن ثم يتم ضخه إلى الأوعية الدموية وصولاً الى الدماغ من ثم يدخل في كل التفاعلات الكيميائية والبنائية والتبادلية في جسم الإنسان.


4. يشعر المدخن بالمتعة لحظة دخول النيكوتين إلى الجهاز العصبي، ولكن في حال تلاشيه يتم استبدال شعور المتعة بشعور القلق والتوتر وأحيانا كثيرة يحدث الهيجان، بحيث قد يصاب المدخن بعدة أعراض منها:


1. آلام في الرأس
2. العصبية
3.  الدوار
4. القلق
5. الاكتئاب
6. مشكلة في التركيز
7. مشاكل النوم
8. زيادة الشهية أو قلتها 

 

الجهاز الهضمي:
1.  يزيد من خطر الإصابة بسرطان الفم والحلق والحنجرة والمريء وحتى البنكرياس.
2. له تأثير مباشر على الأنسولين، مما يجعل المدخن عرضة للإصابة بمقاومة الأنسولين، الأمر الذي يزيد من احتمالية الإصابة بمرض السكر من النوع الثاني.

 

تأثير التدخين على الجهاز التناسلي:
بسبب ضيق الأوعية الدموية الناتج عن تأثير مادة النيكوتين يقل تدفق الدم إلى المناطق التناسلية عند الرجال والنساء:
1. يؤثر التدخين على الرجال وفي أدائهم الجنسي، مثل سرعة القذف، أما النساء يمكن أن يؤدي إلى عدم الرضا الجنسي من خلال عدم القدرة على الوصول إلى النشوة الجنسية.
2. التدخين قد يقلل أيضا من مستوى إنتاج وتأثير الهرمونات الجنسية لدى الرجال والنساء، مما يؤدي إلى انخفاض فعالية تلك الهرمونات وخصوصا في بعض حالات العقم والإجهاض.

 

الأظافر والجلد والشعر:
1. يؤثر التدخين على البشرة ويعود ذلك إلى المواد المتواجدة في دخان التبغ، والتي قد تغير في بنية البشرة ونضارتها وليونتها فتقل وتتجعد.
2. يؤثر التدخين أيضا على الشعر والذي غالبا ما يتساقط تدريجيا حتى يصل إلى مرحل الصلع عند الرجال وان كان صلعا جزئيا أو الشيب.
3. تتأثر الأظافر أيضاً نتيجة التدخين، وخصوصا في اليد التي تمسك بالسيجارة، فقد يزيد من احتمال إصابات الأظافر بالالتهابات الفطرية وتغير لونها.
وأخير يجب أن نعلم أن التدخين لا يؤثر على المدخن فقط بل يؤثر على صحة من هم حوله أيضاً، وذلك من خلال تعرضهم للتدخين السلبي، ليكونوا عرضة لجميع المضاعفات التي ذكرتها.


 ورغم الصورة القاتمة التي ذكرتها عن مخاطر التدخين إلا انه مازال هناك وقت ليساعد المدخن نفسه قبل الوقوع بهذه الآثار من خلال الإقلاع عن التدخين.
ويجب أن يكون معلوما للمدخن الذي يريد وقرر أن يقلع عن التدخين الان، ان الإقلاع عن التدخين يعد أمراً صعباً. ولكن صعوبته تقل بالرغبة والإصرار والعزيمة الحقيقية، ويجب أن نعلم أن الإقلاع عن التدخين يمكن أن يتسبب في احتقان مؤقت في الحلق، وعدم الشعور بالراحة في الجهاز التنفسي، مثل السعال المتتالي ولكنه يكون مؤقتا، وهذا يدل على بداية التعافي من إدمان التدخين، ودمتم بصحة وعافية.


دكتور بسام أبو ناصر 
أمراض باطنية وصدرية
طبيب أُسرة

البث المباشر