قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: قرار العودة شعبي بامتياز

مصطفى الصواف
مصطفى الصواف

مصطفى الصواف

"قرر الشعب الفلسطيني معتمدا على الله أولا وعلى إرادته بالعودة إلى أرضه التي هُجّر منها قبل سبعين عاما بدءا من يوم الثلاثين من مارس، وسيواصل التحضير لهذه العودة حتى ساعة الصفر التي حددها بنفسه من أجل العودة تطبيقا لقرارات الأمم المتحدة التي عجز العالم على تطبيقها وفرضها على الاحتلال الصهيوني، اليوم يقرر الشعب الفلسطيني أخذ زمام المبادرة بنفسه لتحقيق قرار العودة".

نعم هذا كان قرار الشعب الفلسطيني الذي خرج أمام مرى ومسمع من الجميع عربيا ودوليا وصهيونيا غير ملتفت إلى كل التهديد والوعيد الصهيوني والأمريكي وكل اشكال التخذيل واللامبالاة العربية والعجز العالمي، وعندما يقرر الشعب الفلسطيني وإي من شعوب العالم لا يمكن أن تمنعه قوة في الكون من تحقيق هذا القرار على أرض الواقع وهو يدرك أن قراره لن يمر بسهولة؛ بل سيدفع مقابله ثمنا كبيرا بدأه يوم الجمعة بستة عشر شهيدا ونحو الف وخمسمائة جريح .

نعم كان السلاح المهمل من قيادة الشعب الفلسطيني والتي تغرد وحدها بعيدا عن العمل على استنهاضه والرجوع اليه ومشاورته وتصديره في مواجهة الاعداء لتحقيق ما يرنو اليه، أكد في مسيرته الشعبية السلمية التي بدأت لتحقيق حلم العودة أن السلاح الأمضى ليعيد مرة أخرى للقضية الفلسطينية رونقها وبريقها واهتمام العالم بها، مؤكدا أن الوحدة التي ميزت هذه المسيرة والتي كانت تحت العلم الفلسطيني وبمشاركة كل الوان الطيف السياسي الفلسطيني لتؤكد على السياسي الفلسطيني أن اقصر الطرق للتحرير ولإقامة الدولة يمر عبر الوحدة والشراكة السياسية وتحمل المسئولية وليس الاهمال والاستفراد والأقصاء.

نعم، خرج الشعب الفلسطيني استجابة لنداء الوحدة، وخرجت قيادات الشعب الفلسطيني التي هددها الاحتلال والتحمت من جماهيرها عند خط الهدنة الفاصل بين قطاع غزة وفلسطين المحتلة للتعبير عن رفضهم جميعا لما يسمى صفقة القرن التي يعمل الرئيس الأمريكي ترامب من خلالها على تصفية القضية الفلسطينية لصالح الاحتلال الصهيوني، ولتؤكد هذه الجماهير وقياداتها السياسية رفضها التام والكامل لمشروع  التصفية الأمريكية، ولتؤكد بصوت واحد (راجعين) وتؤكد أن ترامب ونتنياهو ومن لف لفهم من عرب وعجم لن يثنوا الشعب الفلسطيني الذي قرار العودة الى أرضه التي هجر منها قصرا قبل سبعين عاما، وأكدت هذه الزحوف الهادرة التي فاقت كل تصور أن فلسطين لنا والقدس لنا وكل الأرض لنا في تحدي واقتدار أنها لن تتراجع وستمضي لتحقيق حق العودة والذي لم ولن يسقط بمرور الزمن، وأن الكبار لم يموتوا قبل أن يورثوا هذا الحق لأبنائهم وأحفادهم الذين خرجوا جماعات وفرادى لتحقيق ذلك دون خوف أو تردد.

هكذا ستعود الحقوق، وستتحقق العودة، رسالة واضحة من الشعب الفلسطيني عبرت عنها مسيرة العودة الكبرى والتي نجحت في جعل الاحتلال أكثر قلقا وخوفا واستفزت الاحتلال عن بكرة أبيه حتى طبعت على خطابة الاعلامي التخبط وعلى صدور سيل من التصريحات المتناقضة على ألسنة قادته وجعلته يلغي الاجازات في صفوف جيشه حتى أجبرت قادته على المكوث طويلا بالقرب من خط الهدنة الفاصل بين قطاع غزة بين مترقب ومتخذ قرارات حتى أنه طالب المستوطنين بالابتعاد عن خط الهدنة الفاصل مع قطاع غزة اربعين كيلو متر خشية حدوث اختراقا من قبل الفلسطينيين، وفي نفس الوقت طالبت المستوطنين بحمل السلاح في غلاف قطاع غزة خشية دخول الفلسطينيين.

الاحتلال أصيب بحالة من الهستيريا والتخبط في بروفة ولم يكن في وارد اصحاب القرار اجتياز السلك الشائك؛ ولكن الاستجابة الكبيرة من كل فئات الشعب في قطاع غزة في نقاط التجمع الست أربكت الحسابات الصهيونية، وجعلت العالم ينتظر على قدم وساق شرقه وغربه، ولم تفلح كل الضغوطات من التأثير على القرار الشعبي، لأن من لديه عقل ويعي ماذا يعني تحرك الشعب بهذا الحجم وهذه التشكيلة يدرك يقينا أن قرار الشعب عندما يكون نابعا من نفسه سيكون قرارا صائبا يحقق فيه الشعب ما يريد.

نعم، كان الثلاثون من مارس يوما مشهودا في تاريخ الشعب والذي بدأ به كتابة تاريخه من جديد ويضع بنفسه نهاية لهذا الكيان الغاصب والذي اعتقد يوما أن دولته باقية إلى الأبد وإذ به يصحوا على فاجعة النهاية والتي لن تكون بعيدة.

البث المباشر