قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: الحرب في دائرة الوعي !

الرسالة نت-كتب: عماد عفانة

قد يكون الاسم غريبا أو مجهولا نوعا ما للقارئ، لكن في الحقيقة يمارس العدو الصهيوني الحرب في دوائر الوعي الغربي لجهة تزييف الحقائق منذ مؤتمر بازل في سويسرا 1897م، حتى أدرك الغرب طريقة لتوظيف هذا التزييف الصهيوني للحقائق لتحقيق مصالحه عبر الاستعمار الناعم للشرق الأوسط والاستمتاع بخيراته وثرواته أكبر فترة ممكنة، حيث كان وعد بلفور أولى ثمار معركة الوعي صهيونيا، وأولى مراحل خطة تفتيت واستعمار الشرق الأوسط واستحمار الشعوب غربيا.

الحرب في دائرة الوعي تستدعي من كل قوى المقاومة العمل على جمع ثلة كبيرة من ذوي العقول الكبيرة والرؤى الواسعة تحت سقف واحد إن أمكن، في مطبخ فكري دائم للعمل على تخطيط كل النشاطات الناعمة، إزاء الدول الأجنبية والعربية، الدبلوماسيين، وسائل الاعلام الأجنبية والرأي العام، ليس لإيضاح الحقائق وتصحيح الصورة المقلوبة فقط، ولكن لحصد ثمار هذا الوعي أيضا.

صورة المظلومية الفلسطينية التي يراها العالم بالبث المباشر لا يبدو انها باتت كافية لإنضاج ثمار التغيير بالسرعة التي تناسب تلك السرعة التي تغير بها القوى الغربية معالم المنطقة من حولنا.

ما يلزمنا بسرعة ممارسة النشاط الناعم غير التصادمي في الساحات العربية كما في الساحات الغربية، للتأثير في الجهات الخارجية، سواء كانت عسكرية، دبلوماسية، سياسية جماهيرية شعبية أو حتى وسائل الإعلام.

وللتعامل كذلك بمنهجية مؤسسية وليس اجتهادات فردية أو هبات موسمية مع ما يسمى بالشرعية الدولية والجوانب القانونية لجرائم العدو، وأن تحظى هذه الجهود برعاية واهتمام حصري مركزي من قيادة المقاومة كجزء هام لا يتجزأ ولا يقل أهمية عن المعركة العسكرية مع العدو الصهيوني.

ويقع ضمن دائرة نشاط معركة الوعي العمل على تجنيد قادة وأركان وطبقات قيادية سواء في النخب الحاكمة أو النخب الثقافية والإعلامية فضلا عن النخب المعارضة، كجزء من الجهد الفلسطيني بل والعربي والاسلامي للتأثير على العدو، وعلى موقف الدول الغربية من انتهاكات العدو فضلا عن مبدأيه احتلاله لفلسطين.

لن يعرف أحد كيفية معرفة أننا حققنا الانتصار على العدو الصهيوني، دون النجاح في حرق الوعي لدى العدو، واعتراف العدو الصهيوني بأن كل حروبه ومجهوده الحربي لن يفرض على المقاومة التنازلات، ولن يحقق له العيش بسلام.

القوة العسكرية للعدو مهما بلغت فإنها تضعف كل يوم بمقدار ما تراكم المقاومة من عوامل القوة، الأمر الذي بات العدو يدركه أكثر من غيره، بحيث لابد وأن يتوصل لاستنتاج أنه لا يمكن تحمل الثمن الذي تجبيه المقاومة ردا على ذلك من أمن ورفاهية كيان العدو فضلا عن شرعية وجوده.

ومن الأمور التي تمكن من استخدام عدد من وسائل التأثير والتركيز على جماعات مستهدفة مختلفة هو التطور التكنولوجي، وسهولة الوصول وسهولة النشر والانتشار، ما يخلق فعليا ساحة قتال أخرى إلى جانب ساحات القتال الحركية الكلاسيكية.

حيث باتت جيوش ودول يجدون أنفسهم مطالبين بالتعامل مع وسائل تأثير للخصوم، مستغلين الفضاء التكنولوجي والشبكات الاجتماعية، وهذه الظاهرة تلزمنا بالعمل على كافة الصعد لتحقيق أهدافنا المشروعة بواسطة التأثير على الجماعات المستهدفة، وضمن ذلك متخذي القرارات والقادة والمقاتلين، وكذلك الرأي العام المحلي والدولي.

ونستطيع كمبتدئين التعلم من حملات التأثير التي تدار في العالم المدني بواسطة مكاتب الدعاية والعلاقات العامة، وذلك عندما يريدون تحسين مكانتهم السياسية سواء في الانتخابات أو من الدول الصغيرة لدى الدول الكبيرة.

ويمكن اعتبار عودة التغطية الواسعة في وسائل الإعلام العربية والغربية لأحداث الساحة الفلسطينية، وانتهاكات العدو، والخطاب السياسي للمقاومة الفلسطينية بمفرداته الثورية، وحتى تصحيح المعلومات التي تنشر بشكل مفصل في وسائل الإعلام العربية والغربية، هو البداية لظاهرة يمكن أن تتسع من حيث حجمها وتأثيرها.

المهم ان نعي أهمية المعركة في دائرة الوعي، وأن نبدأ بالتخطيط المتجرد، وأن نواصل المعركة على أسس علمية توظف كافة العقول والكفاءات آخذة في الاعتبار كافة القدرات المتاحة في مختلف الساحات.

البث المباشر