قائد الطوفان قائد الطوفان

مكتوب: هل غزة على موعد من كسر الحصار؟

وسام حسن أبو شمالة
وسام حسن أبو شمالة

وسام حسن أبو شمالة

يبدو ان آمال الشعب الفلسطيني في غزة بالتخلص من الحصار الجائر الممتد منذ 11 عاما عن طريق "المصالحة الفلسطينية" قد تراجعت بشكل كبير بعد إصرار أبو مازن على الاستمرار في فرض العقوبات على غزة وعدم الوفاء بوعده بصرف رواتب موظفي السلطة التي ينتمي أغلب موظفيها لحركة فتح، إضافة لتمسكه باستلام قطاع غزة بما فيه سلاح المقاومة تحت ذريعة "التمكين والسلاح الشرعي الواحد" لتصبح غزة كما الضفة خالية من التشكيلات العسكرية لفصائل المقاومة في خطوة وصفت بالتعجيزية للتهرب من استحقاقات المصالحة لا سيما استحقاق إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وتشكيل مجلس وطني جديد عبر الانتخابات او التوافق وفقا لاتفاق القاهرة 2011 ومخرجات بيروت 2017 مما يفسر بخشية رئيس السلطة من ان تصبح حماس القوة الرئيسة في المنظمة إضافة لخشيته من انتخابات تفقده مواقعه في رئاسة السلطة والمنظمة، لذا سارع أبو مازن لعقد مؤتمر في رام الله أسماه "المجلس الوطني" بغياب القوى الوطنية الرئيسية باستثناء أنصاره ومواليه من حركة فتح.

 ومع انطلاق مسيرة العودة الكبرى في غزة تجددت الآمال الفلسطينية في إنعاش ملف المصالحة بعد الوحدة الميدانية التي فرضتها المسيرة في غزة، وبعد تفاقم الأزمة الصحية نتيجة العدوان الصهيوني الذي أوقع آلاف الجرحى في ظل عجز في الأدوية والمستلزمات الطبية نتيجة عدم توريد حصة غزة المكدسة في مخازن الصحة برام الله، إلا ان تلك الآمال تلاشت رغم ارتفاع الأصوات داخل فتح وخارجها لرفع العقوبات وخاصة صرف الرواتب.

ومع استشعار عمق الأزمة الإنسانية في غزة وخطورة استمرار الحصار والعقوبات على كل مكونات الحياة فيها وتعثر مسار المصالحة والإصرار على فرض العقوبات أصبح هدف كسر الحصار مصاحبا لهدف العودة وافشال مخططات تصفية قضية اللاجئين.

ورغم النجاح الكبير الذي حققته مسيرة العودة في غزة من خلال استمرار الاعتصام المفتوح في مخيمات العودة وإحياء الروح الوطنية واكتشاف قوة الجماهير وقدرتها على الصمود والتحدي واستنزاف العدو رغم التضحيات الكبيرة الناتجة عن همجية جيش الاحتلال الذي فقد توازنه وهو يواجه شعبا أعزل، إلا ان الشعور بالمرارة والحزن أصاب كل فلسطيني بغزة وهو يجد نفسه وحيدا في مواجهة الاحتلال، فقد أخفقت مسيرة العودة في إنجاز أحد أهم أهدافها وهو التحشيد المتصاعد الذي ينطلق من غزة ويتمدد لكل ساحات الوطن والشتات وبدلا من إقامة خمس مخيمات كنقاط اعتصام مفتوحة في غزة تقام عشرات المخيمات في الضفة بالقرب من المستوطنات وغيرها في لبنان والأردن وسوريا وعلى أراضينا عام 48 إضافة لتنظيم اعتصامات ووقفات في الساحة الأوروبية والآسيوية والأفريقية وقد كان الرهان الأكبر على الضفة الغربية ولبنان والأردن خاصة في ذكرى سبعينية النكبة التي تزامنت مع تنفيذ قرار ترمب نقل سفارة بلاده للقدس والتي سبقها تدنيس آلاف المستوطنين لباحات المسجد الأقصى في مشهد أهان كل المشاعر الوطنية والإسلامية. كانت الآمال تنعقد على تمدد مسيرة العودة وتحولها لحراك جمعي فلسطيني في الوطن والمنافي على ان يبقى البعد السياسي الوطني هو العنوان الرئيس الذي يصحح مسار المشروع الوطني بل وينقذه من التصفية ويفشل الصفقة المشؤومة وإذا ما تحقق هذا المسار فإن مسألة كسر حصار غزة تصبح تحصيل حاصل.

ان حصر الحراك في غزة فرض عنوان الحصار على الأجندة الوطنية والإقليمية والدولية أكثر من عنوان إفشال مخططات تصفية القضية الفلسطينية لا سيما قضية اللاجئين والقدس، وربما فوت الشعب الفلسطيني والقوى الوطنية في الضفة الغربية والشتات فرصة ذهبية لاستعادة مكانة القضية الفلسطينية وافشال "صفقة القرن" وتتحمل قيادة حركة فتح المسؤولية الأكبر عن عدم استثمار اللحظة التاريخية، ولا شك بأن حركة حماس والقوى الوطنية الأخرى -حسب حجمها وتأثيرها - تتحمل أيضا مسؤولية الفشل في تفعيل وتحشيد الشارع الفلسطيني في الضفة والخارج مما يستوجب إعادة النظر في وسائلها وأدواتها لمواجهة التحديات غير المسبوقة التي تتعرض لها القضية الفلسطينية، فخطورة المرحلة تستوجب خطوات غير تقليدية تتحدى البيئة الأمنية والسياسية الكابحة للحراك الجماهيري في الضفة والخارج.

الرهان الأكبر لحماس والقوى الوطنية في غزة هو نجاح مسيرة العودة في كسر الحصار في إطار آليات متعددة قد تختلف في الشكل لكنها تتفق في المضمون وهو الحد من الأزمة الإنسانية في غزة دون دفع حماس لاستحقاقات سياسية كشروط الرباعية الدولية المعروفة او اشتراطات أمنية كنزع السلاح او منع تطويره، ويبدو ان هناك العديد من الأطراف الدولية والإقليمية تتوسط للوصول لصيغة تفاهم في هذا الإطار تحقق مصالح كافة الأطراف وتبعد شبح المواجهة العسكرية التي لا يرغب بها أحد في هذه المرحلة.

البث المباشر