في هجمات وصفت بأنها الأعنف منذ العدوان الأخير على قطاع غزة عام 2014 م، وفي ظل انتقادات (إسرائيلية) هدأت نسبيا الأوضاع في قطاع غزة بفعل الوساطات الدولية والمصرية.
لكن وبحسب مراقبين قد لا تفلح تلك الوساطات مستقبلا مع اتساع الفجوة مع مرور الوقت؛ خاصة في ظل نجاح المقاومة في تثبيت نظرية "القصف بالقصف" وهو ما يتطلب حكمة في التعامل مع الأوضاع وعدم الوصول لمفترق طرق.
وكانت حركة حماس قد أعلنت أنه لا تراجع عن معادلة "القصف بالقصف" مع العدو الإسرائيلي، وذلك ردا على تصعيد (تل أبيب) الأخير ضد قطاع غزة.
وقالت الحركة في بيان، مساء السبت، "إن تعمّد استهداف العدو لأطفال غزة وقتله الطفلين أمير النمرة، ولؤي كحيل، يكشف حجم جرائمه ووحشيته بأن أخذ على عاتقه نقل معركته مع أطفال غزة بعد ما فشل في كسر إرادة وعزيمة المقاومة التي تعاملت بكل مسؤولية وواجب وطني في الدفاع عن شعبنا وحماية مصالحه".
أما مكتب نتنياهو فقد أصدر محددات للوزراء للحديث بها أمام الإعلام أهمها: إن (إسرائيل) تعمل بقوة ضد حماس، ولن تتردد بزيادة وتيرة قصفها، كما أن الجيش على استعداد لكل السيناريوهات، والقوة العسكرية ضد غزة ستزداد حسب الميدان.
الكاتب والمحلل السياسي الدكتور تيسير محيسن قال إن الجولة الأخيرة من التصعيد حاول الاحتلال من خلالها إحداث تأثير إضافي على المقاومة لخلق نوع من الاختلال في قواعد الاشتباك وكسر النظرية التي تعمل المقاومة على تثبيتها وهي القصف بالقصف.
ويبين أن الدليل على ذلك هو استهداف مناطق مدنية خلال الجولة الأخيرة، موضحا أن ذلك رسالة ذات سقف أعلى للمقاومة بأن سكوت الاحتلال او عدم جهوزيته غير صحيح وعلى المقاومة تحمل مسؤولية ذلك ووقف البالونات والمسيرات.
ووافقه الرأي الكاتب والمحلل السياسي الدكتور هاني البسوس الذي اعتبر أن القصف الإسرائيلي لمبنى الكتيبة وسط غزة وانفجار قذيفة فلسطينية في مستوطنة سديروت تعتبر رسائل عسكرية قوية تجاوزت قواعد الاشتباك الحدودية.
وذكر أن الرسائل العسكرية على طرفي الحدود مع قطاع غزة وفي وسط القطاع قد تكفي في تثبيت حالة مؤقتة من قواعد الاشتباك تتبعها حالة من الهدوء الزائف، لكن المواجهة قد لا تكون بعيدة زمنيا.
وبحسب محيسن فإن الاحتلال حاول أن يثقل كفة الميزان لصالحة إلا أنه لم ينجح في ذلك، خاصة وانه حاول في الوساطات أن يضع شرط وقف البالونات الحارقة وفشل.
ويرى مراقبون إن البيئة (الإسرائيلية) مازالت رافضة للحرب في ظل استراتيجية تقدّم تهديد الجبهة الشمالية على الجبهة الجنوبية وبذلك تبريد جبهة غزة مصلحة إسرائيلية في هذا التوقيت، لا سيما حاجة (إسرائيل) لاستكمال بناء الجدار على حدود غزة للقضاء على الأنفاق الاستراتيجية للمقاومة الفلسطينية، كما أنه مازال هناك متسع للتلويح بالجزرة لتمرير صفقة القرن.
في المقابل يرى محيسن أن المقاومة حافظت على النظرية التي نحتتها "القصف بالقصف" وأثبتت أنه لا إمكانية لدى الاحتلال في أن يخل في قاعدة الاشتباك المعمول بها.
المراسل العسكري الاسرائيلي "بمزراح هتيخون": "للمرة الألف، حماس تنجح في هزيمة رئيس الوزراء والمؤسسة العسكرية، إن حماس هي التي تحدد متى تبدأ ومتى تنهي الجولات -هذه جولة أخرى بانتصار ساحق لحماس".
إلا أن محيسن قال مستدركا: لكن على المقاومة ألا تأمن مكر الاحتلال وتدرس إمكانية مواصلة الضغط وإلى أي حد يجب التوقف، موضحا أنه يجب ألا نجعل الاحتلال أمام مفترق طريق إما توجيه ضربات موجعة أو أن يستسلم وهو الأمر الذي لن يحدث خاصة في ظل عناد لدى قيادة الجيش.
وبين أن الأمر يحتاج لحكمة كي لا تتدحرج الأمور لعواقب قد لا نكون جاهزين لدفع أثمانها، المقاومة مطلوب منها الا تضع الاحتلال أمام قرار نهائي أما حرب أو استسلام.
ووفقاً للمعطيات على الأرض وكما يشير مراقبون فإن فرص الحرب تكاد تكون منعدمة، ولكنها ليست مستحيلة، لذا يجب على الجميع تحمل المسؤولية والعمل لمنع نشوبها، وأهم الخطوات لتحقيق ذلك، الذهاب لتهدئة طويلة مقابل رفع كامل وشامل للحصار المفروض على قطاع غزة.