لم تجد حركة فتح ردا على المعتصمين أمام بوابة حاجز بيت حانون "إيرز" للمطالبة برواتبهم المقطوعة منذ سنوات من قبل سلطة التنسيق الأمني برام الله، سوى بالبلطجة التي قام بها وزراء حكومتها بدعس المعتصمين وإصابة عدد منهم، فيما تواصلت المواجهة بإرسال تهديدات بالقتل للقائمين على خيمة الاعتصام.
ومنذ أسبوع يواصل عشرات الموظفين في السلطة اعتصامهم المفتوح للمطالبة بإعادة رواتبهم، ورفع العقوبات التي يفرضها رئيس السلطة محمود عباس على قطاع غزة بشكل فوري، وتخللت الخيمة محاولة تسليم وزراء حكومة فتح في غزة مأمون أبو شهلا ومفيد الحساينة وهيفاء الأغا رسالة موجهة لعباس تحمل مطالبهم، إلا أن الموكب دعس عددا من المشاركين وهم من أبناء حركة فتح خالد جحجوح ومحمد خويطر ورأفت الندر.
وقال رأفت الندر وهو أحد القائمين على الاعتصام: "تعرضنا للدعس من جيب الوزير أبو شهلا أثناء دخوله إلى بوابة بيت حانون المسماة 4/4، بعد أن حاولنا إعطاءه رسالة موجهة لأبو مازن، أصبت أنا واثنين من المعتصمين برضوض نقلنا على إثرها للمستشفى"، مؤكدا أن الكاميرات المثبتة في منطقة الحدث تثبت تعمد الموكب دعس الموظفين المقطوعة رواتبهم على بوابة الحاجز.
ولم تكتفِ حركة فتح بهذه البلطجة التي مارسها وزراء الحكومة، بل وصل الحد بإرسال تهديدات بالقتل عبر مظاريف تحمل رسالة ورصاصة إلى منزل القائمين على الاعتصام رأفت الندر وعبد العزيز المقادمة، تهددهم بالقتل بشكل علني، في مشهد لم تعهده غزة منذ أحداث عام 2007.
وأضاف الندر وهو أحد كوادر حركة فتح البارزين في شمال قطاع غزة أنه تم العثور على مظروف التهديد على باب منزله ليلة الأربعاء، أثناء دخول عدد من الزوار إليه، مؤكدا أن من بعث هذا التهديد: "هم من الدخلاء على حركة فتح، والمأجورين لدى فئة فيها، ولا يمكن لهذا التهديد أن يوقف مسيرة المطالبة بالحقوق المشروعة".
وشدد على أنه جرى إبلاغ الأجهزة الأمنية بغزة بما جرى، والتي أكدت من جهتها أنها ستفتح تحقيقا في الحادثة الخطيرة، وستبحث عن القائمين على هذا التهديد، ومن يقف وراءهم، في أقرب وقت، داعيا الموظفين المقطوعة رواتبهم إلى استمرار الفعاليات حتى نيل الحقوق المشروعة كأي موظف حكومي.
من جانبه، نفى الوزير أبو شهلا الأمر، قائلًا إنه: "لا يسمح أن يصاب أي متظاهر بأي أذى من موكبه ومرافقيه في أي حال من الأحوال"، مشيرا إلى أن "ما يُروج عن دعس موكبه للمتظاهرين كلام من الكذب، وأن المتجمهرين حاولوا اعتراض الموكب، إلا أن السائق تجازوهم بسرعة دون أن يصاب أحد". وأضاف "هناك مئات الشهود على ذلك".
ورأى أن "تلك الإشاعات تم اختلاقها لتبرير موقفهم (المتظاهرين) لمهاجمته وإهانته"، موضحا أنه أبلغ مدير عام قوى الأمن الداخلي في غزة توفيق أبو نعيم بوقائع الحادثة.
ويتوقع أن تحمل الأيام المقبلة المزيد من التصعيد بين الجهات المحسوبة على عباس في غزة والأخرى المحسوبة على النائب دحلان، والذي يشكل أفراده نسبة كبير من الموظفين المقطوعة رواتبهم من قبل عباس خلال السنوات الماضية.
بدوره، حمل عبد الحميد المصري عضو المجلس الثوري في حركة فتح والقيادي في تيار الإصلاح الديمقراطي التابع لدحلان الوزير ابو شهلا، مسئولة ما حدث مع الموظفين المقطوعة رواتبهم.
وقال المصري: "مأمون أبو شهلا يتحمل مسؤولية دعس موكبه مجموعة من المعتصمين عند حاجز إيرز وهذا الفعل دليل على التنكر للقرصنة التي يمارسها محمود عباس وزمرته بحق موظفي قطاع غزة".
وكانت السلطة قد قطعت رواتب مئات من موظفيها في قطاع غزة تحت حجج واهية كالانضمام إلى تيار النائب المفصول من حركة فتح محمد دحلان، كما أحالت مئات آخرين إلى التقاعد القسري المبكّر، وفرضت خصومات بنحو 50-70% من رواتب الموظفين ضمن سلسلة العقوبات التي تفرضها على قطاع غزة منذ أبريل الماضي.
ويشار إلى أن الوزراء المحسوبين على قطاع غزة في حكومة حركة فتح التي كانت قد شكل بشكل توافقي، لم يقدموا لأهل غزة ما كانوا ينتظرونه منهم، ولم يبدو أي موقف معارض لعقوبات عباس على غزة والتي طالت كافة مناحي الحياة رغم سفرهم الأسبوعي للضفة الغربية