قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: أيها الإنسان أُخاطب فيك إنسانيتك ..

أيها الإنسان أُخاطب فيك إنسانيتك ..
أيها الإنسان أُخاطب فيك إنسانيتك ..

لقد أصبح الافتراء والظلم والحسد والعداوات الشخصية بين بعض الناس من الأمور المستشرية التي تبعث على الكراهية بينهم , فإن أصعب ما يتعرض له الإنسان أن يُتَهم بشيء هو منه بريء , مما يجعله يشعر بالضيق والألم والحزن , أما المفتري الظالم الذي يفتعل هذه الأفعال المنكرة والذي يعتبرها إرضاءً لنزواته وشهواته ليغيظ خصومه الأبرياء ويشهر بهم فيجعله الله يشعر بالتعاسة جزاءً على افتراءه وظلمه .

لذا فإنني في مقالي هذا سأتناول موضوعاً مهماً كثر تناقله وتأويله بين بعض الناس , وهو الافتراء على الأبرياء الذي يُعد جريمة نكراء , وخطيئة عظيمة سوداء , ما أنزل الله بها من سلطان , فيقعون في مُنزلَق عميق وخطير بسبب الظن السيئ الآثم والغيبة النكراء ، والبهتان المبين ، فإن اتهام الأبرياء بالتهم الباطلة والتسرع في الحكم عليهم وخلق قضية باطلة لا أصل لها لإيذائهم ، والتخمين ورمي المؤمنين بما لم يعملوا ، وبهتانهم بما لم يفعلوا , فجزاء ذلك عاقبة خطيرة في الدنيا والآخرة , حيث قال رب العزة في سورة الأحزاب : { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانً وَإِثْمًا مُّبِينًا }

إن الله سبحانه وتعالى نزع صفة الإيمان من أولئك الظالمين المفترين ووصفهم بالكاذبين لقوله تعالى : { إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون } , فإن ما يقود المفترين إلى الافتراء هو سوء الظن والكراهية العمياء من آفات النفوس المريضة التي هدمت كثيراً من البيوت العامرة , وشتت شمل كثيراً من الأسر , وفرقت بين الأزواج والأبناء , وباعدت بين الأحبة , وأي ظلم أعظم وأسوأ من أن يرحل إنسان عن بلده ويترك زوجته وأبنائه بسبب الافتراء والبهتان وظلم الأبرياء وسوء الظن بهم .

إن الله سبحانه وتعالى أمرنا بالصبر والثبات على ظلم الظالمين والمفترين , فإن التثبيت والثبات في زماننا هذا أعظم صبر , وأشد أهمية وحاجة لما نمر به من ألم وحزن وحسد واتهامات باطلة وافتراءات وأخبار كاذبة يتم تناقلها هنا وهنالك وعبر وسائل التواصل الاجتماعي على اختلاف مسمياتها , فذلك يجعل الإنسان المظلوم والمُفترَى عليه أن يتحلى بالصبر والثبات .

إن معظم ما يجعل بعض الناس يقعون في هذا المنزلق الخطير هو التسرع في الحكم واتهام الأبرياء وإطلاق العنان للظنون السيئة , فذلك لا يجوز في إسلامنا الحنيف , فعلى اولئك الناس أن يتحروا في استقبال الأخبار الكاذبة وعدم تصديقها حتى لا تقع موقع يتهمون فيه مخلصين أبرياء وأنقياء قلوبهم بيضاء .

فعلى المسلم أن لا يظن الظنون السيئة الآثمة بأخيه المسلم , وأن لا يتسرع في الاتهامات الباطلة للأبرياء ومن ثم رميهم بما لا يعلمون , فإذا سمع المسلم عن أخيه المسلم شيئاً عليه أن يحسن الظن به , وأن لا يتهمه بالاتهامات الباطلة ويطلق عليه الظنون والشكوك , بل وجب عليه أن يصد المتكلم الذي ينقل الأخبار الكاذبة , وأن لا يتمادى معه بالافتراءات الظالمة , فذلك من أجمل الصفات والقواعد والسمات التي يتم التعامل من خلالها لبطلان ما وصل إليه من معلومات وأخبار كاذبة .

وعلى ضوء ذلك فلنقتدي بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال محذراً من هذا الافتراء الخطير { من رمى مؤمناً بشيء يريد به شينة حبسه الله تعالى على جسر جهنم } فأي عقوبة هذه التي تنتظر هؤلاء الأشخاص الذين يتجرأون على الناس بالظلم ويقذفونهم ويفترون عليهم بالأكاذيب الباطلة ؟!  

البث المباشر