لعبت الأصابع الرشيقة أدوارا متعددة في مواضع وأوصاف مختلفة سواء باعتبارها إحدى مظاهر الجمال للمرأة، أو لكونها وسيلة عزف رئيسية لإنتاج أجمل الألحان الموسيقية، أو حتى تلك الأصابع التي تظهر رشاقتها في المطبخ، فتشبع العين قبل أن تملأ المعدة.
في عصر الإعلام الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي التي باتت تسيطر على العالم، وتحتل حياتنا، أصبحت أصابع النشطاء الرقميين غاية في الرشاقة والسرعة على مفاتيح الكيبورد، وأجهزة الهواتف المحمولة، ترسل رشقات سريعة ومتتالية ومكثفة من الأخبار والمعلومات، تختلط فيها الحقائق مع الإشاعات والآراء، فيما منحت هذه المنصات الجميع فرصاً متساوية للنشر والتعبير، رغم الفروق العقلية والثقافية والمعرفية، خصوصاً وأن فايروس النسخ واللصق يخترق كل مجموعة وشبكة دون أي مناعة، حتى من أولئك الأميين ثقافيا.
الأصابع الرشيقة أصبحت أدوات لتنظيمات وجماعات ضغط وأجهزة مخابرات، تمرر المعلومات أو تستفز الأعضاء والنشطاء الرقميين، الذين يتطوعون لتسريب المعلومات، وكشف "المتخبي" والمستور، وهكذا أصبحت هذه الأصابع تعبث من خلف ظهورنا، وتتحكم في ردات الفعل وتؤثر في رأي الجمهور.
الأصابع الرشيقة أبرزت شريحة من المهووسين بالسبق، حتى على حساب المسئولية الوطنية والاجتماعية، ما يهمهم أن يشار لهم بأصابع الإعجاب أنهم أول من كشف، وأسرع في نقل النبأ، على أمل أن يصبحوا أشهر من جهينة صاحبة الخبر اليقين.
الدراسات الإعلامية تشير إلى أن نسبة من يتلقون الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في تزايد خلال السنوات الأخيرة، في حين لا يملك هؤلاء القدرة ولا المهنية، على اختبار مدى صدقيتها، ولا يبدو فضائنا الفلسطيني بمعزل عن مشكلة الأخبار الملفقة وتأثيرها.
يمكن لأصحاب الأصابع الرشيقة أن يستمعوا لنصيحة العميل الأميركي السابق في الاستخبارات الأميركية " جوليان آسانج"، مُفجِّر أكبر قضايا القرن عبر تسريبه وثائِق "ويكليكس" الذي يقول: إن الهاتف الذي بين أيديكم صار أهم وسيلة للتجسّس عليكم، ويضيف: إن مواقع الإنترنت صارت تعرِفكم أكثر مما عرفتكم أُمهاتكم".
ليس دائما الأصابع الضاغطة على زناد الكلمات رشيقة في اللعب على المفاتيح والحروف، فكثير منها أصابع متهورة، تطيش فتقلع عيوننا أو تضلل عقولنا وتحولنا إلى أغبياء في زمن التكنولوجيا الذكية.