قال كاتب إسرائيلي إنه "بعد مرور عشرين عاما على انهيار اليسار الإسرائيلي، ها هو اليمين يشهد ذات العملية من التدهور والتراجع، ولأن أسباب تحطم معسكر اليسار تركزت في أنه انزاح كثيرا لهذا الخيار، فإن اليمين الإسرائيلي يمر بذات العملية من الانهيار، على اعتبار أن التغيرات التاريخية لا تحصل بين عشية وضحاها، وإنما هي عبارة عن عمليات متراكمة حدثا بعد آخر".
وأضاف بن درور يميني في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت أن "اتفاق أوسلو مع الفلسطينيين عام 1993 لم يتسبب مباشرة بانهيار معكر اليسار الإسرائيلي، بدليل أنه في العام 1999 صوت معظم الجمهور لصالح إيهود باراك رئيسا للحكومة، مع أن أخطاء وإشكاليات اتفاق أوسلو بدأت تبرز وتظهر للعيان، ومع ذلك بقي معسكر اليسار مصنفا في الجانب الوطني، لم تمس صورته، ولم تتضرر".
وأشار الكاتب، المعروف بمواقفه اليمينية العنصرية، إلى أن "الانكسار في صورة اليسار بدأت تظهر تدريجيا حين انسلخ من صورته الوطنية، وانتقل ليكون لنفسه صورة مزيفة، حتى أن أبراهام بورغ رمز اليسار الإسرائيلي شكل بداية النهاية لهذا المعسكر، فرغم أنه ترأس الوكالة اليهودية، ثم تزعم الكنيست، لكن مقاله الشهير الذي اتهم فيه إسرائيل بالصراع القائم، شكل اعترافا ضمنيا بمصداقية الكفاح المسلح الفلسطيني".
وأوضح أنه "رويدا رويدا لم يبق بورغ لوحده في المشهد، فنظريته هذه بدأت تحتل قطاعات واسعة من معسكر اليسار، ممن تبنوا رأيه ومواقفه، وتسبب بتوجيه ضربة قاضية لهذا المعسكر، كما أوضحته تسافيا غرينفيلد بكتابها الشهير المعنون "الانهيار" التي شخصت عن قرب مراحل هذه العملية التاريخية كونها قادمة من داخل هذا المعسكر، فقد كانت عضوة كنيست عن حزب ميرتس اليساري".
وأكد أن "هذه الأيام تشهد إسرائيل تغيرات مشابهة، فكما أن اليسار ذهب بعيدا في يساريته، اليوم يظهر اليمين يبتعد في يمينيته أكثر من اللازم، مما قد يتسبب بانهياره هو الآخر، في ضوء مضاعفته للميزانيات المخصصة للمدارس الدينية اليهودية، ويسعى لتطبيق ضم الضفة الغربية، ويأخذنا نحن الإسرائيليين إلى دولة ثنائية القومية، هذا كله يعتبر يمينا آخر لم نعهده من قبل، ليس يمينيا صهيونيا، بل معادي للصهيونية".
ولفت إلى أنه "في حال تواصلت هذه المعدلات من المواقف السياسية في التصاعد والتنامي، فسنكون بحاجة لطبعة جديدة من كتاب "الانهيار"، لكنه هذه المرة لعسكر اليمين، حيث يعتبر بنيامين نتنياهو الممثل الحقيقي لهذه العملية أكثر من أي سياسي آخر، فهو يتحول عمليا إلى ابراهام بورغ بنسخته اليمينية، نحن لا نتكلم عن سياسي عابر، وإنما سياسي من العيار الثقيل".
وأضاف أنه "قبل وقت قصير فقط، كان نتنياهو يمثل اليسار المتطرف في معسكر اليمين الإسرائيلي، لقد كان الوحيد من معسكر اليمين الذي تجرأ، وأخرج من فمه عبارة "الدولة الفلسطينية"، ويمكننا الحديث ألف مرة بأنه لم يقصد، أو أنها خرجت عفويا، أو أو أو، لكنه في النهاية نطقها، وتحدث عنها، وصرح بها، والكلمات لها دلالات واستنتاجات".
وأوضح أن "الجمهور الإسرائيلي صوت لنتنياهو لأنه بنظره سياسيا معتدلا، يده على الزناد لم تكن رخوة، بل حذرا ومكبوح الجماح، سعى لدولة يهودية وليس ثنائية القومية، لكنه تغير مع مرور الوقت، وبعيدا عن قضايا الفساد الغارق فيها، لكن نتنياهو ذهب بعيدا في يمينيته".
وختم بالقول إن "نتنياهو بعد أن كان يخوض صراعات مع الحريديم حول الميزانيات، يبدو اليوم كمن يعمل مستشارا لديهم، وبعد ان كان يتلقى انتقادات قاسية من مجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية لأنه دعا لتقييد البناء الاستيطاني، بات اليوم يعمل مساعدا لغلاة المشروع الاستيطاني، وكل ذلك يعني كتابة الفصل الأخير في كتاب انهيار المعسكر اليمين الإسرائيلي".