لم تعد حواجز الخجل موجودة، بعد أن بات تطبيع العلاقات بين دول عربية وخليجية مع الاحتلال (الإسرائيلي) على المكشوف ودون مواربة في سابقة هي الأولى من نوعها بتاريخ الصراع الفلسطيني مع الاحتلال.
وبعد تطور العلاقات الدافئة بين دول عربية و(إسرائيل) والتي كانت تمارس طوال السنوات الماضية في ظل أجواء خفية وبعيدا عن الأضواء، تعدت العلاقات المجال السياسي لمجالات أخرى اقتصادية وتجارية تكنولوجية وغيرها.
وبرز ذلك في إعلان دولة الإمارات العربية استعدادها فتح أبوابها أمام السائحين (الإسرائيليين) دون أي قيود أو تأشيرات مسبقة، إلى جانب مشاركة رجال أعمال (إسرائيليين) في تخطيط مدينة "نيوم" السعودية.
وتصف صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية هذا الأمر بأنه سيساهم في تحقيق حلم آلاف (الإسرائيليين) هذا العام، لا سيما مع اقتراب معرض "إكسبو" الدولي - دبي في تشرين الثاني/ أكتوبر 2020.
ومن المقرر أن يضم المعرض جناحا (إسرائيليا)، تعرض فيه (إسرائيل) آخر ابتكاراتها في عدة مجالات.
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مصادر في إدارة "إكسبو"، تأكيدهم أن السلطات الإماراتية تنوي السماح (للإسرائيليين) بزيارتها، ونقل عن أحد هذه المصادر قوله إن اتصالات تجري منذ مدة، بين أعلى المستويات في الإمارات و(إسرائيل)، من أجل فتح أبواب الإمارات أمام السائحين الذين يحملون جواز السفر (الإسرائيلي).
في سياق ذي صلة، نقلت الصحيفة عن مصادر سعودية تأكيدها، أن رجال أعمال (إسرائيليين) في مجال التكنولوجيا والسيبرانية يشاركون في تخطيط وبناء البنى التحتية للمدينة السعودية الجديدة "نيوم".
حرف الصراع
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب أن النقطة الأساسية في دروس عملية التطبيع بين بعض الدول العربية وخاصة الخليجية مع الاحتلال تأتي إثر نجاح حكومات نتنياهو المتعاقبة في صناعة عدو آخر جديد لا تكون فيه (إسرائيل) العدو الأساسي والرئيسي، موضحا أنها نجحت في جعل إيران هي العدو الأساس ومحور الخطر للعالم.
ويوضح حبيب في حديثه لـ"الرسالة" أن الجهود الأمريكية وتعزيز العلاقة الخليجية باتت تعتبر أن جوهر الصراع في المنطقة ليس القضية الفلسطينية وإنما هو صراع عربي خليجي إيراني.
ويبين أن الاحتلال استغل هذا الانحراف من أجل توسيع العلاقات وتعميقها والتي اتخذت طرقا وأساليب متعددة للتطبيع من خلال المؤتمرات الدولية أو البعثات الرياضية وأخيرا ما نشرته وسائل الإعلام (الإسرائيلية) أن الإمارات سعت لتكون هناك حرية لدخول أراضيها (للإسرائيليين) دون ترتيبات مسبقة وبشكل يفتح المجال أمام أي (إسرائيلي) للدخول والعودة دون قيود.
تنوّع التطبيع
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب أن التطبيع بات يأخذ مسارات ومعطيات مختلفة في ظل عدم خجل عدد من الدول العربية من التواصل علانية، عدا عن استضافة قادة الاحتلال في عدد من الدول الخليجية وتجاوز الأمر ليصل للتطبيع الرياضي والتكنولوجي والاجتماعي وحتى الثقافي.
ويضيف الغريب في حديثه لـ"الرسالة" أن الثقافة الجديدة التي أصبحت تغزو هذه الدول هي محاولة لتغيير الوعي العربي وبث روح أن (إسرائيل) دولة موجودة في المنطقة وهي مثل الدول العربية الموجودة وهو ما يمهد ويجسد لواقع جديد وخطير على الأمة العربية والشعب الفلسطيني ويتماشى تماما مع ما يطرح من أفكار من شأنها أن تسهل الاعتراف بالاحتلال كمكون أساسي من الدول في الشرق الأوسط.
ويشير إلى أن المواقف العلنية تلك تعني الاصطفاف لمحور تحاول أمريكا صناعته تحت عنوان دول الاعتدال في المنطقة والتي تكون شريكة مع الاحتلال في كل شيء وهي مواقف تعني التخلي عن المواقف العربية الأصيلة التي تدعم القضية الفلسطينية.