قائد الطوفان قائد الطوفان

إندبندنت: غزة ليست قنبلة موقوتة بل انفجار يتحرك ببطء

صورة "أرشيفية"
صورة "أرشيفية"

القدس المحتلة- الرسالة نت

نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا آخر من سلسلة تقارير لمراسلتها في الشرق الأوسط بيل ترو، حول صلاحية الحياة في قطاع غزة.

ويشير التقرير، إلى أنه "في الوقت الذي نقترب فيه من الوقت الذي حددته الأمم المتحدة في تقريرها الصادر عام 2015 لاستحالة الحياة في غزة، فإنه أصبح واضحا أن المنطقة لم تعد قنبلة موقوتة لكنها انفجار بطيء الحركة".

وتبدأ ترو تقريرها بالقول: "على بعد ساعة في السيارة فقط من تل أبيب يقع القطاع، وعرضه ثمانية أميال من الأرض الملوثة، حيث يحاصر فيه مليونا إنسان على مدى أكثر من عقد".

وتقول الصحيفة إن "الرحلة إلى غزة مثيرة للحنق: ففي جانب من الجدار العازل هناك بارات السوشي ومراكز التسوق والشواطئ والشوارع السريعة، وفي الجانب الآخر شوارع ترابية تتشابك في مناطق مدمرة تشرف عليها أبراج المراقبة الإسرائيلية، وتنتهي تلك الطرق إلى بحر، وهو أيضا لا يمكن الوصول إليه".

ويلفت التقرير إلى أن الأمم المتحدة قد تنبأت قبل خمس سنوات بأنه إن لم تتحسن الأوضاع الإنسانية فإن غزة ستصبح غير صالحة للعيش مع حلول 2020، مشيرا إلى أنه "تم ترديد هذا التحذير إلى حد الملل في الوقت الذي اقترب فيه هذا الموعد".

وتستدرك الكاتبة بأن الحقيقة هي أن غزة أصبحت غير صالحة للعيش منذ زمن، فغزة ليست قنبلة موقوتة إنما هي انفجار يتحرك ببطء، مشيرة إلى أن قطاع غزة تحاصره كل من إسرائيل ومصر منذ عام 2007، بعد أن استولت حركة حماس على السلطة على مدى العشر سنوات الماضية، وقد خاض الجناح العسكري في حركة حماس مع المجموعات المتحالفة، مثل الجهاد الإسلامي، ثلاثة حروب مع إسرائيل، وهو ما يقول الإسرائيليون إنه يبرر استمرار الحصار.

 وتفيد الصحيفة بأن اسم غزة أصبح مرادفا للبؤس الذي تسبب به الحصار، لدرجة أن الناس ينسون أنه مر وقت كان فيه الإسرائيليون يذهبون بسياراتهم هناك لتناول الغداء ويسافر الغزيون لإسرائيل للعمل، مشيرة إلى أن الأمور كانت سيئة لفترة، لكنها أصبحت أسوأ على مدى العام ونصف الماضي، حيث ظهر نوع جديد من حالات الطوارئ.

 وينوه التقرير إلى أن آلاف الفلسطينيين قاموا بالتظاهر أمام الجدار الفاصل منذ آذار/ مارس العام الماضي، مطالبين بالعودة إلى أراضي الأجداد التي أخرجوا منها بالقوة، أو فروا منها خلال الصراع الذي صاحب قيام دولة إسرائيل عام 1948.

 وتذكر ترو أن الجيش الإسرائيلي قام بقتل 300 شخص من غزة خلال هذه المظاهرات، فيما جرح 35 ألفا آخرين، بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، مشيرة إلى أن الإسرائيليين، الذين يتوقع أن تقوم محكمة الجنايات الدولية بالتحقيق في أفعالهم، يدافعون عن أنفسهم بالقول إن المشاركين في المظاهرات يشكلون خطرا على حياة الإسرائيليين بإلقاء متفجرات وقنابل حارقة من فوق الجدار العازل (حيث تم حرق كيلومترات من الأراضي الإسرائيلية بقنابل حارقة مربوطة ببالونات).

 وتشير الصحيفة إلى أن هناك 150 فلسطينيا فقدوا أحد أطرافهم، ويتوقع أن يفقد 200 آخرين أحد أطرافهم على مدى السنوات القليلة القادمة، لافتة إلى قول المسؤولين في الصحة إنه ليس لديهم 68 مليون دولار يحتاجونها لمعالجة المصابين بجراح خطرة، بالإضافة إلى أنه ليس في غزة مركز للأطراف الصناعية.

 ويبين التقرير أنه بسبب ذلك فإن المصابين إصابات بليغة يضطرون للسفر خارج غزة للعلاج، إلا أن تصاريح العلاج في الخارج التي تصدرها إسرائيل تراجعت من 92% عام 2012 إلى أقل من 60% اليوم، بحسب منظمة الصحة العالمية، مشيرا إلى أنها منحت في بداية المظاهرات تصاريح لـ18% فقط من الذين يصابون خلال تلك المظاهرات، وهو ما يحتمل أنه تسبب بمزيد من عمليات قطع الأطراف.

 وتلفت الكاتبة إلى أن الإصابات التي عانى منها الفلسطينيون خلال المظاهرات تسببت بانهيار النظام الصحي في القطاع، فكل أسبوع هناك أعداد جديدة من المصابين يدخلون المستشفيات، ما يضطرها إلى تفريغ المزيد من الأسرة في الأقسام وإلغاء عمليات جراحية كانت مقررة (فهناك 9 آلاف شخص ينتظرون أن تجرى لهم عمليات جراحية ليست طارئة)، بالإضافة إلى أن المستشفيات تستنفد مخزونها من الأدوية (وتفتقر المستشفيات في غزة إلى 50% من الأدوية الضرورية التي تحتاجها).

 وتقول الصحيفة إنه مع أن منظمي المظاهرات قالوا إن المظاهرات ستصبح شهرية بدلا من كونها أسبوعية، إلا أن الضرر قد تحقق، مشيرة إلى أن هذه الأزمة الصحية يضاف إليها أنه غادر القطاع مئات العمال من القطاع الصحي في الوقت الذي تم فيه تقليص رواتب من بقي منهم إلى النصف؛ لأن السلطة وحركة حماس لم تستطيعا دفع رواتبهم كاملة.

 ويفيد التقرير بأن مشكلات غزة الصحية لا تتوقف على الحدود، فعانى مرضى السرطان هذا العام من أشد نقص في الأدوية، فلم تتوفر 63% من الأدوية التي يحتاجها هؤلاء المرضى، بالإضافة إلى أنه ليس هناك جهاز علاج إشعاعي لعلاج السرطان في غزة.

 وتورد ترو أنه بحسب آخر الدراسات من منظمات، مثل سلطة المياه الفلسطينية ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة "إيكوبيس"، فإن حوالي 97% من مياه غزة غير صالحة للشرب، في حين أن المصدر الطبيعي الوحيد لمياه الشرب في غزة، وهي المياه الجوفية، مستخدمة بشكل كبير جدا بحيث أنها على وشك الانتهاء.

وتنوه الصحيفة إلى أن غزة قامت حديثا ببناء ثلاث محطات تحلية صغيرة، إلا أنها ليست كافية لتوفير المياه النظيفة للقطاع، مشيرة إلى أنه يتم إنشاء محطات تحلية أكبر، لكن المشاريع تتعطل بسبب نقص الطاقة وقطع الغيار والتمويل الكافي لإنهاء هذه المشاريع ثم تشغيلها.

وينقل التقرير عن باحث في سلطة المياه الفلسطينية، قوله بأنه حتى لو استطاعت غزة إنتاج المياه النظيفة فإن شبكة المياه وخزاناتها مليئة بالأمراض، ما يعني أن الناس سيحصلون على مياه قذرة.

 وتقول الكاتبة إنه "كان هناك تحسن طفيف العام الماضي، مثل توصيل الكهرباء، لكن لا تزال هناك مشكلات كبيرة: فمحطات معالجة الصرف الصحي مثلا لا تزال لا تعمل بشكل صحيح، ما يجعل نصف شواطئ غزة ملوثة وغير صالحة للاستخدام، بالإضافة إلى ارتفاع البطالة بين الشباب إلى 70%، في الوقت الذي تستمر فيه أزمة في الصحة النفسية لم تأخذ حقها في البحث".

وتضيف ترو: "المعجزة أن غزة لا تزال تتهادى بمساعدة من المنظمات الإنسانية، وقال لي بعض المسؤولين في منظمة الصحة العالمية إن الشيء الوحيد الذي يمنع انتشار أوبئة في غزة هو كونها إحدى أكثر مناطق العالم تغطية في اللقاحات، فلو كان هناك عدد قليل من حالات الكوليرا مثلا لتسببت بسقوط سكان غزة كأحجار الدومينو".

وتختم "إندبندنت" تقريرها بالقول: "يجب عدم فهم تحمل سكان غزة المدهش لهذه الظروف الصعبة على أنه إثبات بأن غزة صالحة للعيش، فإن الوضع لا يمكن الاستمرار فيه ويجب إيجاد حل".

عربي21

البث المباشر