قائد الطوفان قائد الطوفان

هل تستغل السلطة قرار التحقيق بجرائم الحرب في فلسطين؟

مقر الجنائية الدولية (لاهاي)
مقر الجنائية الدولية (لاهاي)

غزة- محمد عطا الله

في خطوة مهمة، يأتي تأكيد المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي فاتو بنسودا مجددا أن للمحكمة صلاحية التحقيق في "جرائم الحرب في فلسطين".

تلك الخطوة التي جاءت في أعقاب الضغط الذي تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلفها (إسرائيل) منذ سنوات لمحاولة إفشال تمكن الفلسطينيين من رفع دعاوي ضد قيادة الاحتلال كون أنهم ليسوا دولة، مما يشكل صفعة قوية لهم ويعزز إمكانية محاكمة قيادة الاحتلال على جرائمهم.

ومن المهم ذكره أن ذلك القرار يعني تمكين السلطة الفلسطينية نقل الاختصاص الجنائي على أراضيها إلى المحكمة الدولية، وهو ما يمهد لخطوات محاكمة قادة الاحتلال وقبول طلب السلطة المقدم ضدهم، ما يزيد من أوراق القوة بيد الفلسطينيين على الصعيد الدولي.

وجاء ذلك في وثيقة من 60 صفحة كتبت فيها بنسودا: "نظر الادعاء بعناية في ملاحظات المشاركين وما زال يرى أن للمحكمة اختصاصا على الأرض الفلسطينية المحتلة"، وبذلك رفضت بنسودا الاستئناف المقدم من قبل ألمانيا وأستراليا والبرازيل ودول أخرى وخبراء القانون، حيث تنتقل الكرة الآن لملعب القضاة.

ورحّب وزير خارجية حكومة اشتية رياض المالكي بتقرير المدعية العامة للمحكمة الجنائية الذي أكد اختصاصها على الأراضي الفلسطينية المحتلة، ودعا المحكمة لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب الذين طال إفلاتهم من العقوبة.

وكانت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية أعلنت في ديسمبر 2019 أنها تريد فتح تحقيق شامل في "جرائم حرب محتملة في الأراضي الفلسطينية"، ما أثار رد فعل إسرائيلي غاضب.

ويبقى السؤال الأهم إلى أي مدى ممكن أن تستغل قيادة السلطة الفلسطينية ورقة القوة هذه في تقديم ملفات ورفع دعاوى ضد قادة الاحتلال؛ لارتكابهم جرائم حرب بحق الفلسطينيين، وإلى أي حد يمكنها الصمود أمام الضغوط الإسرائيلية والأمريكية التي ستواجهها؟

معركة طويلة

ويرى الحقوقي والمختص في القانون الدولي صلاح عبد العاطي أن القرار يأتي تأكيدا على مسألة الولاية الجغرافية التي ستحسمها الدائرة التنفيذية، وبالتالي هي قدمت تأكيد أن القانون الدولي ينطبق على الأراضي الفلسطينية في عام 1967، ما يعني أن للفلسطينيين الحق في رفع دعاوى ضد الاحتلال.

ويوضح عبد العاطي في حديثه لـ"الرسالة" أن أهمية القرار يأتي في ظل مرافعات الولايات المتحدة الأمريكية والاحتلال وضغطهم على المحكمة لإقناعها أن فلسطين ليست دولة وبالتالي لا ينطبق عليها القانون.

ويضيف "الموقف مهم ويتناسق مع قواعد العدالة الدولية، ويؤكد على نزاهة المحكمة ونحن سنكون إزاء تطورات مهمة أهمها أن الدائرة التنفيذية ستعطي إذنا لفتح تحقيق جاد بعد حسم المسألة الجغرافية".

وحول مدى إمكانية استغلال قيادة السلطة الفلسطينية للقرار وتقديم ملفاتها للمحكمة، يؤكد عبد العاطي أن المطلوب من السلطة الاستعداد للمعركة الطويلة بدون تضخيم للإنجاز أو التقليل من شأنه، والقيام بواجبها بشكل كامل والاستعداد لملاحقة قادة الاحتلال ووضع آلية لرفع الملفات وتقديمها والمراكمة على الإنجازات لضمان مساءلة قادة الاحتلال على جرائمهم.

وحول السيناريوهات المتوقعة وردة فعل الاحتلال في حال تم رفع دعاوى قضائية ضدها، فقد توقع الخبير الحقوقي أن تقدم (إسرائيل) على خطوات مثل حل السلطة أو الاعتقالات وتصعيد جرائمها، لافتا إلى أنه يجب التصدي لمثل هذه المخططات وقيادة انتفاضة شعبية موسعة لمواجهة الاحتلال والتوسع الاستعماري وإيجاد البدائل الفلسطينية "ولا خيار أمامنا إلا مقاومة الاحتلال بالطرق الدبلوماسية والشعبية وكافة الوسائل".

********** مرافعة قانونية

ويرى الخبير في القانون الدولي د. عبد الكريم شبير أن التقرير الذي قدمته المدعية العامة يعتبر بمثابة مرافعة قانونية يؤكد على حق فلسطين في العدالة، واللجوء إلى القضاء الدولي، ويؤكد على شفافية واستقلالية المحكمة.

ويعتقد شبير في مقال له أن التقرير أثبت بأن المحكمة الجنائية الدولية صاحبة اختصاص ولها الحق في ملاحقة جميع الجرائم التي يقترفها قادة الاحتلال الصهيوني على الأرض الفلسطينية المحتلة.

ويتمنى من الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية أن تصدر قرارها بأسرع وقت ممكن، لكي يكون بمثابة إنهاء حقبة طويلة من الإفلات من العقاب لمرتكبي الجرائم التي تقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، بما فيها جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم التطهير العرقي وخلافه من الجرائم التي حددتها اتفاقية روما التي أنشئت المحكمة الجنائية.

 

 

 

 

البث المباشر