الرسالة نت - رامي خريس
اللقاء الأمني الذي كان مقرراً عقده بالأمس ضمن الجهود المبذولة لإعادة عملية المصالحة إلى مسارها لم ينعقد وجرى تأجيله من حركة فتح التي ألمحت إلى تحفظها على المكان وأرجعت السبب إلى الملاسنة التي وقعت بين الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس سلطة فتح محمود عباس خلال انعقاد القمة العربية في "سرت" ، وبدا أن المصالحة كلها عادت إلى الوراء خطوات بعد التفاؤل الذي ساد قطاعاً كبيراً من الفلسطينيين بقرب حصولها.
ولم تتبدد فرص التوصل للمصالحة بسبب الخلاف حول المكان في حقيقة الأمر وإنما بعد اعتراض حكومة الاحتلال على ذهاب مدير مخابرات عباس ماجد فرج إلى دمشق للاتفاق على تشكيل اللجنة الأمنية العليا وآليات عملها، إضافة لإصلاح الأجهزة الأمنية كما كان مقررا بين الطرفين.
وكشفت مصادر مختلفة أن حكومة الاحتلال تعترض على توقيع المصالحة الوطنية من الأساس، واعترضت لدى حركة فتح على تشكيل أي لجنة أمنية في إطار وطني متفق عليه، وطالبت بتشكيلها حسب الإطار الذي حدده المنسق الأمني الأمريكي السابق لدى سلطة عباس الجنرال كيث دايتون قبل مغادرته الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وما يؤكد أن السبب الحقيقي لا يتمثل في المكان فقط هو أن حماس عرضت – كما يقول د. صلاح البردويل- عقد لقاء المصالحة في غزة إلا أن فتح رفضت ذلك أيضاً ، كما كشف البردويل أن مدير المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان أبلغ مشعل خلال لقائهما في مكة بشهر رمضان الماضي أن على فتح وحماس الالتقاء للاتفاق على ملفات الخلاف خارج مصر، ومن ثم الذهاب للقاهرة للتوقيع على الاتفاق.
إذن القاهرة أيضاً خارج التوقعات بعد إسقاط دمشق ورفض فتح لغزة ، وهو ما يفتح المجال لنقاشات أخرى حول المكان الذي سيعقد فيه اللقاء ، وقد تستمر أياماً أو شهوراً وقد تمتد لسنوات.
وإذا كان لقاءً واحداً حول الترتيبات الأمنية أو بالأحرى المكان الذي سيعقد فيه لاقى كل هذا التعقيد فكيف يمكن الاتفاق حول عدد كبير من المسائل الخلافية في ملفات مختلفة.
ومع هذا فإن النوايا المسبقة هي التي تحدد إمكانية حل الخلافات وتجاوزها من عدمه ، فعندما رغبت سلطة فتح ورئيسها في التقدم بعملية المصالحة سارت الأمور بشكل سهل وسلس وفي لقاء واحد عقد في دمشق بين رئيس المكتب السياسي خالد مشعل وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد جرى تقريب وجهات النظر في ثلاث ملفات أو الاتفاق على ثلاث قضايا كانت عالقة في موضوع الانتخابات ولجنتها وفي ملف المنظمة أيضاً .
ولكن يبدو أن النوايا اختلفت وقد تكون هناك وعود باستئناف المفاوضات من جديد لاسيما بعد الحديث عن إمكانية تجميد جزئي للاستيطان لجر عباس مرة أخرى إلى الوحل الذي سيغرق فيه حتى أذنيه .
وعود حكومة الاحتلال وضغوطها أعاقت تقدم مسيرة المصالحة لاسيما عندما اقترب معالجة الملف الأمني الذي يمس موضوع التنسيق الأمني حيث تطالب حماس بان يفتح ملف الأجهزة الأمنية في الضفة مع غزة ، وهو بالتأكيد أمر لا يروق لحكومة الاحتلال وأجهزتها الأمنية التي تستفيد من خدمات أجهزة سلطة فتح بشكل كبير وحققت أهداف لا يستطيع جيش الاحتلال ومخابراته تحقيقها ، ويمكن أن يوافق على اللقاء الأمني الخاص بالمصالحة بشرط أن يعقد في "تل ابيب" وليس في دمشق أو غزة.