أطلق الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن حملة للتخلص من إرث سلفه دونالد ترامب الثقيل، وكانت بدايتها أوامر تنفيذية إحداث قطيعة مع السياسات التي تبنتها الإدارة السابقة، خاصة فيما يتعلق بالهجرة، وترميم العلاقات مع الحلفاء والمنظمات الدولية.
وفور تنصيبه أمس ليصبح الرئيس رقم 46 للولايات المتحدة، وقع بايدن سلسلة من الأوامر التنفيذية من شأنها أن تبطل أوامر سابقة لترامب حول الهجرة والمناخ وقضايا أخرى.
وقال مراسل الجزيرة محمد العلمي إن الحملة التي بدأها بايدن ستستمر 10 أيام على الأقل، وأضاف أن الهدف منها -فيما يبدو- إحداث قطيعة جذرية مع الإرث الذي خلفه الرئيس السابق خلال السنوات الأربع الماضية، مشيرا إلى أن ترامب كان أمضى الأسابيع الأولى من ولايته بتوقيع قرارات تنفيذية الهدف منها التخلص من إرث سلفه باراك أوباما.
ونقل عن المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي أن هذه الإجراءات متواصلة، وأن الرئيس سيرسل مشاريع قوانين إلى الكونغرس، مشيرا إلى أن بعض هذه المشاريع التي تتعلق بالهجرة والدعم الاقتصادي لمواجهة تداعيات كورونا قد تواجه صعوبة في التصديق عليها.
وقال المراسل إن البداية كانت أمس بقضايا قريبة على قلب بايدن، وفي مقدمتها إلغاء الحظر الذي فرضته إدارة ترامب على دخول رعايا دول ذات أغلبية مسلمة، والعودة لاتفاقية باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية، والتقليل من انتشار فيروس كورونا من خلال فرض إجراءات بالمباني الفدرالية الحكومية، ويشمل ذلك ارتداء الكمامات، فضلا عن إجراءات تخص التنقل بين الولايات سعيا لاحتواء الوباء الذي تسبب حتى الآن في وفاة أكثر من 400 ألف أميركي وإصابة 24 مليونا آخرين.
وأوضح مراسل الجزيرة أن رؤساء الولايات المتحدة يلجؤون عادة إلى القرارات التنفيذية سهلة التطبيق، ولكنها معرضة للإلغاء بجرة قلم، أو لقرار قضائي يعطلها.
أوامر ومراسيم
وبعيد أدائه اليمين الدستورية، ووصوله إلى البيت الأبيض، وقع بايدن سلسلة من الأوامر التنفيذية، أولها ما يتعلق بتشديد الإجراءات الخاصة بجائحة كورونا.
والأمر الثاني يخص المساواة العرقية والعدالة الاجتماعية للمواطنين، وضمان تحقيق المساواة والحصول على المساعدات.
كما وقع بايدن على أمر تنفيذي يعيد بلاده إلى اتفاقية باريس المناخية، وإلى منظمة الصحة العالمية، اللتين انسحب منهما ترامب.
ولاقى قرار العودة إلى اتفاقية المناخ ترحيبا من حلفاء الولايات المتحدة الغربيين، كما رحب الأمين العام للأمم المتحدة بالإجراء الجديد فيما يخص الهجرة.
وبداية من اليوم الخميس سيمثّل عالم المناعة الشهير أنتوني فاوتشي الولايات المتحدة في اجتماع لمنظمة الصحة العالمية.
وقال بايدن للصحفيين في المكتب البيضاوي "سنكافح التغير المناخي كما لم نفعل هنا من قبل".
ووفق وسائل إعلام محلية، فقد وقع الرئيس مرسومًا ينص على رفع قيود السفر التي فرضتها إدارة ترامب على بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة.
ومن بين الأوامر التنفيذية إلغاء تصريح خط أنابيب "كيستون إكس إل" وتعليق قرار بناء جدار على الحدود مع المكسيك الذي خصص البنتاغون أكثر من 3 مليارات دولار لإنشائه، وذلك بناء على طلب الرئيس السابق.
وقبل توجهه إلى البيت الأبيض، وقع بايدن 3 مراسيم رئاسية بالكونغرس تتعلق بتعيينات وزارية ومناصب فرعية بالوزارات، متعهدا بالإسراع في معالجة الأزمات الراهنة، وتقديم إغاثة فورية للعائلات.
على صعيد آخر، قالت المتحدثة بامس الرئاسة إن إدارة بايدن ستتوخى الشفافية، وستحترم حرية الصحافة.
اتصالات مع الحلفاء
وفي رسالة إلى الخارج، شدد بايدن أمس على أن الولايات المتحدة ستعود إلى تحالفاتها التي شهدت تقلبات في عهد ترامب. ولفت إلى أن إدارته ستصحح أخطاء الماضي، متعها بأن تعود أميركا لقيادة العالم وأن تكون شريكا موثوقا.
ومن المقرر أن يجري الرئيس غدا الجمعة محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، وذلك في أول اتصال مع زعيم إحدى الدول الحليفة.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض إن من المتوقع أن تكون اتصالات بايدن الأولى مع الشركاء والحلفاء لبحث المسائل المهمة عالميا.
وسيكون برنامج إيران النووي من بين الملفات التي سيناقشها الرئيس الأميركي مع حلفاء بلاده، وفقا لنفس المتحدثة.
وكان قادة الاتحاد الأوروبي دعوا بايدن أمس إلى عادة بناء التحالف بين ضفتي المحيط الأطلسي، بعدما تعرض للضرر خلال رئاسة ترامب.
دعوة للوحدة
ووجه الرئيس الأميركي -في خطاب التنصيب- نداء من أجل الوحدة، لمواجهة ما وصفه بالتطرف السياسي ونزعة استعلاء العرق الأبيض والإرهاب المحلي، متعهدا بأن يكون رئيسا لكل الأميركيين.
وقد أشاد بايدن بما وصفه بيوم التاريخ والأمل ولحظة انتصار للديمقراطية، وقال إن فوزه بالانتخابات ليس انتصارا لمرشح بل انتصار للديمقراطية الأميركية.
وكان قد استهلّ فعاليات تنصيبه حضوره مع نواب من الكونغرس قدّاسا في كنيسة بواشنطن، وذلك مباشرة بعيد مغادرة ترامب البيت الأبيض نحو مقر إقامته في فلوريدا.
ووصل بايدن واشنطن قبل فعاليات التنصيب وسط تشديد للإجراءات الأمنية لتأمين الحفل، وفور وصوله شارك مع نائبته كامالا هاريس في حفل عند نصب تذكاري خُصص لتكريم ضحايا فيروس كورونا.
ومن جهة أخرى، أعلن الرئيس أن سلفه ترامب ترك له في المكتب البيضاوي رسالة "ودّية للغاية" التزاماً منه بالتقاليد المتبعة، لكنه قال إنه لن يكشف عن فحواها قبل أن يتحدث معه.
وكان الرئيس المنصرف قد غادر البيت الأبيض بعد انتهاء فترته الرئاسية، متوجها إلى قاعدة أندروز الجوية بضواحي ولاية ميريلاند، حيث أقيمت له مراسم وداع عسكرية.
وبعد إتمام المراسم غادر ترامب قاعدة أندروز نحو مقر إقامته في فلوريدا، وخلال حفل الوداع في القاعدة ألقى كلمة قال فيها إنه سيعود بطريقة أو بأخرى، معددا إنجازات إدارته.
المصدر : الجزيرة + وكالات