"تقارير كيدية وكاذبة" وقفت خلف ما وصفه عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ بـ"الخطأ" الذي ارتكب بحق موظفي قطاع غزة، وكأن تلقي الموظف لراتبه يحتاج لتقارير تمنحه الثقة أو تسحب منه هذا الحق.
اعتراف الشيخ بقطع رواتب آلاف الموظفين على خلفية "تقارير كاذبة" يعني أن سلطته ما زالت تتعامل مع الناس وفق "قانون السلامة الأمنية"، وأن أرزاق المواطنين يجري التعامل معها بجرة قلم تحولهم لمتسولين وتذلهم وعائلاتهم.
اللافت أن هذه الجريمة لم تعترف بها السلطة ولم تتداركها رغم مرور 14 عاما، إلا مع اقتراب يوم الاقتراع الذي ستحتاج فيه السلطة لأصوات الموظفين وعائلاتهم.
وقد حاولت السلطة شراء الأصوات عبر الادعاء بتدارك الخطأ وصدور قرار بحل كل مشاكل موظفي قطاع غزة، وبدأت أولى الخطوات بدفع راتب كامل لموظفيها في القطاع أسوة بنظرائهم في الضفة الغربية بعد أربع سنوات من العقوبات.
وخلال سنوات الانقسام دفعت غزة بكل مكوناتها فاتورة الانقسام حيث صبت السلطة وحركة فتح جام غضبها على مواطني القطاع عبر سلسلة غير متناهية من العقوبات كان آخرها خصم ما نسبته 30% إلى 50% من رواتب موظفيها، إضافة إلى التقاعد المالي والقسري مخالفة بذلك كل القوانين المعمول بها.
وتعتبر السلامة الأمنية نهجا وسياسة عملت وفقها السلطة منذ نشأتها حيث حرمت الآلاف من الخريجين سابقاً من الالتحاق بسوق العمل خاصة في المؤسسات الرسمية وآخرين تم فصلهم تحت مسمى "السلامة الأمنية".
وعززت السلطة وفق "السلامة الأمنية" بعد أحداث الانقسام، حيث كان نصيب غزة قطع الرواتب والتقاعد، بينما لم تسلم الضفة من تلك السياسة، حيث أن مؤسسات السلطة تطلب من المتقدمين للوظائف إحضار شهادة "حسن سلوك" من جهاز الأمن الوقائي أو المخابرات للالتحاق بالعمل، ويتم منع بعضهم من الحصول على تلك الشهادات بسبب انتمائهم السياسي.
ولجأ العديد من الكفاءات للعمل في مهن بسيطة وشاقة كسائق على مركبة أجرة أو في أعمال النجارة أو الحدادة بعد فشلهم في الالتحاق بالوظائف؛ بسبب انتمائهم السياسي، فيما اختار آخرون السفر خارج البلاد.
وهي السياسة ذاتها التي عانى منها المحررون بالتضييق عليهم وعلى عائلاتهم بالحرمان من الوظيفة العامة، إضافة إلى قطع رواتبهم، تماشياً مع متطلبات الاحتلال الذي يراهم "ارهابيين" تجب معاقبتهم داخل السجن وخارجه.
وتعني السلامة الأمنية اشتراط موافقة جهازي الأمن الوقائي والمخابرات العامة لتولي الوظيفة العمومية، وبدأ العمل بها مع وقوع الانقسام الفلسطيني عام 2007. وبناءً عليها تم فصل مئات المدرسين من مدارسهم لعدم استيفائهم لشروط السلامة الأمنية.
وجاء هذا الشرط بقرار من مجلس الوزراء رقم (18)، الصادر بتاريخ 13/9/2007 والقاضي باعتبار إجراء الفحص الأمني جزءًا من عملية التعيين لشغل الوظيفة العمومية، وخالف القرار السابق المادة السادسة منه والتي أكدت على أن "مبدأ سيادة القانون أساس الحكم في فلسطين، وتخضع للقانون جميع السلطات والأجهزة والهيئات والمؤسسات والأشخاص".
وخالف أيضا المادة (26) فقرة 4 التي أكدت على حق الفلسطينيين بالمشاركة وبشكل عادل في تقلد الوظائف العامة على قاعدة تكافؤ الفرص، والمادة (86) من القانون الأساسي والتي أكدت على أن يكون تعيين الموظفين العموميين، وسائر العاملين في الدولة وشروط استخدامهم وفقاً للقانون.
كذلك خالف قرار مجلس الوزراء المطعون فيه المادة (24) من قانون الخدمة المدنية رقم 4 لسنة 1998 وتعديلاته، والتي حصرت شروط التعيين في أي وظيفة أن يكون المتقدم فلسطينياً أو عربياً، وأكمل السنة الثامنة عشرة من عمره، خالياً من الأمراض والعاهات البدنية والعقلية التي تمنعه من القيام بأعمال الوظيفة التي سيعين فيها بموجب قرار من المرجع الطبي المختص، متمتعاً بحقوقه المدنية غير محكوم عليه من محكمة فلسطينية مختصة بجناية أو بجنحة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يرد إليه اعتباره، ولم تشترط إجراء الفحص الأمني.