اجتمعت قيادة حركة فتح باللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير التي تهيمن عليها لبحث مسألة الانتخابات بالقدس والتأجيل.
الغريب أن يجتمع حزب من المفترض أنه يستعد لخوض غمار المنافسة مع باقي الأحزاب والفصائل الفلسطينية لخوض الانتخابات التشريعية والرئاسية، ليقرر وحده في مسألة إجراء الانتخابات من عدمها.
وكعادتها، تحتكر فتح القرار فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني، وتعمل وفق خطة لتهيئة الرأي العام الفلسطيني لمسألة تأجيل الانتخابات بحجة رفض الاحتلال اجراءها في القدس وبمعنى آخر إلغاءها، لأن التأجيل لن يغير من الوضع القائم، لكن الحقيقة أن فتح تذهب للتأجيل لسببين:
الأول: نتيجة مؤشرات تتحدث عن فرص كبيرة لفوز حركة حماس كقائمة أولى في المجلس التشريعي القادم، بالتزامن مع مخاوف حقيقية من إمكانية خسارة قائمة فتح الرسمية نتيجة وجود ثلاثة قوائم لحركة فتح، ما يعني أن فتح تبحث عن مخرج للهروب من خسارتها.
الثاني: تخشى فتح وتحديداً رئيسها محمود عباس من أن يخسر كرسي الرئاسة إذا ما مضى في الانتخابات وصولا للرئاسة، في ظل إصرار مروان البرغوثي على الترشح للرئاسة.
وفي ضوء هذا الواقع فإن المخرج الذي تتمسك به فتح للهروب من استحقاق الانتخابات هو مسألة الانتخابات في القدس.
ورغم واقع القدس المعقد إلا أن إجراءها في المدينة حق لا تنازل عنه، لكن من غير المنطق الاستسلام لرفض الاحتلال وتعطيل الحياة السياسية في الأراضي الفلسطينية.
من ناحية أخرى فإن مسألة الانتخابات جاءت عبر التوافق بين الفصائل الفلسطينية في اجتماعات إسطنبول والقاهرة، ووفق جدول زمني متفق عليه، لذا فإن مسألة التأجيل يجب ألا تكون قرارا حزبيا أو شخصيا بل يجب أن تخضع للتباحث والتوافق الوطني أولاً على كيفية مواجهة الاحتلال وفرض الانتخابات في القدس وعدم الاستسلام له، وثانياً فيما يتعلق بالتأجيل.
وتشير المعطيات إلى حالة غضب ورفض فلسطيني لصيغة طلب الاذن من الاحتلال لإجراء انتخابات وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني، وهي ذاتها الصيغة التي تمنحه الرفض والمنع.
لكن حتى الان يبدو أن فتح تستكمل حالة التفرد والاقصاء التي تنتهجها في سياستها تجاه الكل الفلسطيني.
ومن الواضح أن فتح تتعامل مع مسألة الانتخابات في القدس بعيداً عن الكل الوطني ودون إشراك باقي الفصائل والقوائم في القرار، علما أنه قرار يخص الجميع وكل الكتل والقوائم معنية بمشاركة أهالي القدس ترشيحا وتصويتا.
وما زالت فتح تقيد الواقع الفلسطيني وفق أوسلو وتتمسك بالصيغة التي تتطلب ضرورة موافقة الاحتلال، الذي من الطبيعي ألا يرغب بأي تغيير في الواقع الفلسطيني ولا يريد انتخابات تقوي الفلسطينيين وتمنح الشرعية للمؤسسات المنتخبة.
وتكمن المشكلة في موقف فتح التي تضع العربة امام الحصان إما انتخابات في القدس أو لا انتخابات، دون ممارسة ضغوط وفعل حقيقي على الأرض ودون البحث في البدائل، في ظل إجماع أن تأجيل أو إلغاء الانتخابات هو خضوع لرغبة الاحتلال.
وبناء على ما سبق فمن الضروري تجاوز القرار (الإسرائيلي) وفرض الانتخابات والبحث عن بدائل عملية من خلال العديد من الصيغ التي يتم تداولها منها، وضع الصناديق في أماكن التجمعات الفلسطينية وفي ساحات الأقصى ومقرات الأمم المتحدة وممثليات وقنصليات الدول الأوربية وفي حال منعها الاحتلال فإن ذلك يعطي قيمة وشرعية أكبر للانتخابات، من الصيغة التي تطلب موافقته والتصويت في مراكز البريد الخاضعة له.