أسرى الاعتقال الإداري ... حياة معلقة 

ارشيفية
ارشيفية

الرسالة نت-رشا فرحات

ربما كان الاعتقال الإداري هو أسوأ نهج لا إنساني انتهجته منظمة أو دولة حول العالم، إذا لا يحق للأسير معرفة مصيره لأشهر وربما سنوات، ويفرج الاحتلال عنه بين الوقت والآخر، ثم يعاود الاعتقال الذي يتجدد كل ثلاث أشهر دون توجيه تهمة واضحة.

وأسوء ما في الاعتقال الإداري بأن العمر يضيع انتظارا لقدر لم يحدد، قدر تتلاعب فيه منظومة الظلم الإسرائيلية من خلال أحكامها الجائرة.

يوم الخميس الماضي بدأ الأسيران عمر شامي الشامي (18 عامًا)، ويوسف عماد عامر (28 عامًا) من مخيم جنين، اضرابهما المفتوح عن الطعام رفضا لاعتقالهما الإداري في سجن مجدو، وبهما يرتفع عدد الأسرى المضربين حاليا رفضا لسياسة الاعتقال الإداري الى ستة أسرى.

وقال نادي الأسير إن الأسير الشامي معتقل منذ شهر نيسان 2020، وبعد انتهاء مدة محكوميته في شهر نيسان الماضي حوّله الاحتلال إلى الاعتقال الإداري لمدة أربعة شهور.

وأضاف بيان نادي الأسير أن الأسير يوسف عامر معتقل منذ شهر حزيران العام الماضي، حيث بقي موقوفًا لمدة عام، وفي المحكمة الأخيرة صدر قرار بالاكتفاء بالمدة التي قضاها في السجن، إلا أن سلطات الاحتلال أصدرت أمر اعتقال إداريّ بحقه، علمًا أنه أمضى ما مجموعه 8 سنوات في سجون الاحتلال، كما أن غالبية أشقائه تعرضوا للاعتقال وأحدهم لا يزال معتقلًا وهو الأسير إبراهيم العامر.

أعداد تتزايد

وتقول مؤسسة "الضمير" لرعاية الأسير وحقوق الإنسان إن الاعتقال الإداري اجراء ورثه الاحتلال الاسرائيلي عن الاحتلال البريطاني، ولا يطبق في أي مكان في العالم، "ويستخدم هذا الإجراء بناء على أمر تعليمات الأمن رقم 1651 الذي يمنح قائد المنطقة العسكرية الحق في احتجاز شخص أو أشخاص لمدة تصل إلى ستة أشهر".

ولكن المدة تطول، وتصل إلى سنوات فالأسير محمد الحلبي الموظف في إحدى المؤسسات الإغاثية في قطاع غزة، يواجه أطول فترة اعتقال في التاريخ، دون أن تثبت عليه سلطات الاحتلال الإسرائيلي أي تهمة تدينه بالسجن.

الأسير الحلبي (42 عاما) اعتقل في عام 2016، وما زال يجدد اعتقاله الإداري كل ثلاثة أشهر، حيث واجه أكثر من 140 جلسة محاكمة خلال ثلاث سنوات ونصف، ولا يزال يعاني أمام القضاء الإسرائيلي الذي لم يستطع إدانته بأي تهمةٍ تذكر منذ اعتقاله في يونيو من العام 2016.

وفي اتصالنا مع حسن عبد ربه المتحدث باسم هيئة شؤون الأسرى كشف أن هناك 554 قرار اعتقال اداري خلال الخمسة شهور الأولى من هذا العام.

وقال إن سلطات الاحتلال صعدت منذ بداية العام الجاري من إصدار الأوامر الإدارية بحق الأسرى الفلسطينيين، وخاصة في الشهرين الأخيرين مع تصاعد وتيرة الأحداث، وذلك كسياسة عقاب جماعي للفلسطينيين لتضامنهم مع أهالي القدس ورفضهم للعدوان على غزة.

عذاب نفسي

ولفت عبد ربه إلى أن هناك حالات أسر اداري وصلت إلى عدة أعوام، جعلت حياة الأسرى الإداريين معلقة فهناك تجربة عميقة للأسير عبد الرازق حيث وصلت مرة الاعتقال الإداري لعامين قبل أن يفرج عنه ويعتقل مرة أخرى، ثم يدخل في دوامة اعتقال إداري جديدة.

وتقول زوجة فراج واصفة حياة أسر الأسرى الإداريين:" ساعاتي مكبلة، وأحياناً قبل يوم أو يومين من الموعد المتوقع للإفراج عن زوجي عبد الرازق فرّاج استمع إلى كلماته المهربة، "لقد جددوا الاعتقال"، فنؤجل الفرح المسلوب ستة أشهر أُخرى، وهكذا تتوالى الشهور.

وتضيف زوجته: التعذيب النفسي لا يقتصر على سنوات الاعتقال الإداري الطويلة، التي اعتقلوا عبد الرازق خلالها مدة عشر سنوات ونصف متوالية منذ العام 2002، وهي الفترة الأطول من حيث الاستمرارية، وإنما أيضاً على فترات الحرية النسبية التي تم إطلاقه خلالها، التي تبقي الحياة بين فرحة الإفراج وكابوس الاعتقال الجديد.

ويُعتبر كذلك نضال أبو عكر من أكثر المناضلين الفلسطينيين استهدافًا بالاعتقال المتواصل، حيث أمضى حوالي 18 عامًا في سجون الاحتلال قضى منها سنوات طويلة في الاعتقال الإداري، وله معارك كبيرة في تحدي المحتل والمطالبة بحقوقه وحقوق رفاقه جميعها عبر الاضراب عن الطعام، وكان آخرها اضرابه عن الطعام لمدة 40 يومًا احتجاجًا على استمرار اعتقاله الإداري.

البث المباشر