يعيش الأسرى في الضفة الغربية مأساة الاعتقال الإداري التي تمتد لسنوات طوال، حتى أن الاعتقال الإداري أعاق حياتهم وقيد تنقلهم ومشاريعهم وحتى أحلامهم.
في عام 2014، وتحديدا في حزيران استيقظت عائلة أبو عكر ما بعد فجر ذلك اليوم على صوت دقات الجنود على الباب واقتحامهم منزل العائلة في مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم بعد أن خلعوا الباب واعتقلوا نضال - إعلامي يعمل في تلفزيون فلسطين وعضو نقابة الصحافيين- وضرب الجنود ابنه البالغ من العمر 21 عاما ليصاب بجراح بالغة.
أفرج الاحتلال عن أبو عكر بعدها بأشهر، ثم اعتقله بعد الافراج عنه بأشهر أيضا، وهكذا منذ ثماني سنوات وهو يعيش هذه الحياة، بين أشهر في الحرية وأشهر في الاعتقال.
قصة أبو عكر نموذج للأسير الذي حكم في الثمانينيات على خلفية انتمائه للجبهة الشعبية، ولا زال حتى اليوم يعتقل ويجدد اعتقاله الإداري على ذات الخلفية، فقد جدد اعتقاله لآخر مرة في أغسطس الماضي ولا زال معتقلا حتى الآن، وها هو يخوض إضرابا عن الطعام اليوم برفقة 49 أسيرا آخرين رفضا لهذه السياسة الظالمة.
تحدث مكتب إعلام الأسرى عن تلك المحاكم الكثيرة التي صدرت بحق أبو عكر دون تهمة حتى وصل مجموع ما قضاه في سجون الاحتلال 17 عاماً على فترات متفرقة، معظمها في الاعتقال الإداري، وقد توفي والده في العام الماضي خلال اعتقاله أيضا.
تدعي النيابة العسكرية التابعة للاحتلال "أن أبو عكر فعال في تنظيم محظور حسب الأوامر العسكرية، وتجدد اعتقاله كل أربعة أشهر على خلفية تهمة قديمة وجهت له قبل عشرين عاما ولا يزال يدفع ثمنها حتى اليوم.
ويمكن تعريف الاعتقال الإداري بأنه اعتقال يلجأ إليه الاحتلال حينما يعجز عن توجيه تهمة أو إثباتها بالأدلة، وإنما خوفه الذي يدفعه للاعتقال والإيقاف بدون حكم أو محاكمة وهذا ما حدث مع أبو عكر طوال عشرين عاما من الاعتقال الإداري.
ويعتبر ما حدث مع أبو عكر خرقاً لإعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان كونه يعمل صحافيا، وهو عضو رسمي في نقابة الصحفيين الفلسطينيين، وتتذرع سلطات الاحتلال وإدارات المعتقلات، بأن المعتقلين الإداريين لهم ملفات سرية لا يمكن الكشف عنها مطلقا، فلا يعرف المعتقل مدة محكوميته ولا التهمة الموجهة إليه.
وفي مقابلة معها قالت والدة أبو عكر: "أنا أم شهيد وأسيرين لست وحدي من قدمت أبنائي فداء لكرامة فلسطين، وأتمنى أن يحقق إضراب أبنائنا شيئا ضد سياسة الاعتقال الإداري الجائرة التي أضاعت أعمارهم في السجون".
أسر نضال وهو ابن سبعة عشر في المرة الأولى وحكم لثلاثة أشهر ظلت تتجدد حتى وصلت لخمس سنوات، وكل يوم يقول أهله غدا سيرجع إلى البيت ولا يرجع، ثم يفرج عنه لشهر أو شهرين، ويعاد اعتقاله ويظل هكذا يتجدد السجن حتى مر العمر الطويل في السجون.
ويخوض خمسون أسيرا إضرابهم المفتوح عن الطعام في سجون الاحتلال (الإسرائيلي) لليوم العشرين على التوالي، بعد انضمام عشرين آخرين بينهم معتقلون إداريون، ومحكوم عليهم ليصبح عدد الأسرى المضربين خمسين أسيراً، رفضا لسياسة الاعتقال الإداري.