وجدت دراسة علمية جديدة أن كوكب الأرض أصبح يختزن في غلافه الجوي منذ عام 2005 كميات كبيرة من الحرارة بصورة غير مسبوقة ومثيرة للقلق، مما أدى إلى تضاعف اختلال الطاقة الأرضية خلال 14 عاما فقط في الفترة ما بين عام 2005 و2019.
وأوضحت الدراسة أن ما يصدر عن كوكب الأرض من حرارة من فعل الإنسان وما يتم استقباله من أشعة الشمس؛ تسببا خلال السنوات المنصرمة في الإخلال بالتوازن الحراري الطبيعي داخل الغلاف الجوي لكوكبنا، وهذا يفاقم من حدة التغيرات المناخية.
الدراسة -التي نشرت في 15 يونيو/حزيران الماضي بدورية "جيوفيزيكال ريسيرش ليترز" (Geophysical Research Letters)- تم إعدادها بالتعاون بين وكالة "ناسا" (NASA) والإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي (نوا) (NOAA).
وجاء فيها أنه تم خلال 14 عاما -أي منذ 2005- مراقبة دقيقة لحجم الطاقة الحرارية المختزنة في الغلاف الجوي لكوكبنا، لكن النتائج المتحصل عليها كانت مخيبة للآمال.
العبء تتحمله المحيطات
تلعب المحيطات دورا أساسيا في حفظ الحياة على كوكبنا؛ فهي تمتص حوالي 30% من ثاني أكسيد الكربون الموجود على سطحه، وتُنتج حوالي 50% من الأكسجين الذي نحتاجه.
لكن بسبب هذا الارتفاع في كميات الطاقة الحرارية الموجودة في الغلاف الجوي للأرض؛ فإن أداء المحيطات المتمثل في امتصاص الفائض من الحرارة زاد بدرجة مقلقة؛ لأن المحيطات أصبحت تقوم بامتصاص كميات كبيرة فوق طاقتها، وهذا لن يستمر طويلا.
واعتمد الباحثون في جمع المعلومات لهذه الدراسة على قمر "سيريس" (CERES) التابع لناسا المختص بقياس حجم الحرارة القادمة من خارج كوكبنا أو الصادرة عنه.
كما اعتمد الباحثون على المعطيات التي توفرها الشبكة العالمية لسفن المحيطات المسماة "آرغو" (ARGO) والتي لعبت دورا كبيرا في تحديد سرعة احترار المحيطات، حيث وجدت أن المسطحات المائية الكبرى تمتص حوالي 90% من فائض الحرارة التي يعرفها كوكبنا.
وقال الباحث المشرف على الدراسة نورمان لوب -من وكالة ناسا في البيان الصحفي الصادر عنها- إن "الأرقام التي هي بحوزتنا كارثية لأن هذا الاختلال في الطاقة الحرارية التي يختزنها كوكبنا ستفاقم من أزمة التغيرات المناخية".
دور التذبذب العقدي للمحيط الهادي
كما وجد الباحثون أن "التذبذب العقدي للمحيط الهادي" (Pacific Decadal Oscillation) لعب أيضا دورا كبيرا في زيادة حرارة كوكب الأرض خلال السنوات المنصرمة.
ولأن المحيط الهادي هو من أكبر المسطحات المائية على كوكب الأرض -حيث يغطي حوالي 46% من إجمالي مساحة البحار والمحيطات- فإن أي تذبذب في حرارته يؤثر بشكل مباشر على حرارة كوكب الأرض.
والتذبذب العقدي للمحيط الهادي هو ظاهرة تحدث كل 20 أو 30 سنة؛ حيث تتغير حرارته من البرودة إلى السخونة أو العكس، وقد سجل العلماء حدوث تغير عام 2014 من البرودة إلى السخونة، واستمر ذلك إلى غاية عام 2020، وهو ما أسهم في ارتفاع حرارة كوكبنا.
وقال أصحاب الدراسة أيضا أن هذه الظاهرة تسببت في انخفاض كثافة السحب فوق المحيط الهادي في نطاق واسع، مقابل زيادة كبيرة في عملية امتصاص حرارة الشمس.
ويبدو -من خلال تصريحات الباحث الرئيسي نورمان لوب- أنّ توقّعَ ما سيحدث خلال العقود القادمة سيكون صعبا جدا، لأن كل المؤشرات توحي بأن كوكبنا يتوجه نحو كارثة بيئية لا يمكن تصور حجمها.