مقبرة (مأمن الله).. خاصرة القدس العتيقة تواجه الضربات المتلاحقة

القبة الكبكية، ضريح الأمير علاء أيدوغدي الكبكي والي صفد وحلب، توفي عام 688هـ - 1289م
القبة الكبكية، ضريح الأمير علاء أيدوغدي الكبكي والي صفد وحلب، توفي عام 688هـ - 1289م

الرسالة نت– مها شهوان 

ضمن محاولات تغيير ملامح مدينة القدس وهويتها العربية الفلسطينية، يواصل الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاته لاستكمال مشروعه في تهويد خاصرة القدس القديمة المتمثلة في مقبرة "مأمن الله" التاريخية بعدما سيطر على مساحتها الأكبر.

وتعتبر مقبرة "مأمن الله" من أقدم مقابر القدس وأوسعها حجما وأكثرها شهرة حيث تقع في غربي القدس، وأقامت (إسرائيل) مرافق سياحية ومباني على أجزاء منها، بينها "متحف التسامح".

ولم تتوقف عمليات التهويد عند هذا الحد، بل تعتزم مؤسسات صهيونية أمريكية إقامة احتفال تهويدي الإثنين المقبل، على جزء من مقبرة "مأمن الله" والتي تحتضن رفات المقدسيين والمسلمين، منذ ما يزيد على ألف سنة، ويعتبر ذلك جزءا لا يتجزأ من حرب الاحتلال المفتوحة ضد القدس، ومقدساتها، ومواطنيها، ويندرج في إطار محاولات تغيير معالمها الحضارية وهويتها العربية الفلسطينية.

وبحسب المعلومات فإن القائم على تنظم الاحتفالية عدد من المسئولين في إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، وعلى رأسهم السفير السابق ديفيد فريدمان المقيم في مستعمرة "بيت ايل"، ووزير الخارجية السابق مايك بومبيو، المعروف بمواقفه الصهيونية المتطرفة.

وهذه الفعالية تضاف إلى سجل انتهاكات سلطات الاحتلال للحقوق السياسية والتاريخية والثقافية الفلسطينية منذ عام 1948، في مواصلة محو آثار هذا المعلم التاريخي من الوجود، والذاكرة من خلال نبش قبورها، وبناء المتنزهات والملاهي فوقها.

يذكر أن حكومة نفتالي بينيت، تسعى من خلال وضع يدها المُحتلة على المقبرة، إلى السيطرة على خاصرة القدس القديمة وبوابتها الوازنة لضمان تنفيذ مشروع تهويد القدس المحتلة، بما يسمح للاحتلال للسيطرة الكاملة على المدينة، وجعلها موحدة لكيانه الإسرائيلي، ومنع إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، فضلاً عن الاقتراب من باب الخليل، حيث تبعد المقبرة التاريخية عنه حوالي الكيلومترين فقط.

مقبرة صلاح الدين

وعلق المختص في شؤون القدس جمال عمرو، على إقامة الحفل التهويدي الاثنين المقبل بالقول:" ما يجري هو إلغاء للوجود العربي والإسلامي خاصة أن المقبرة تضم قبور آلاف الشهداء والمجاهدين فهي يطلق عليها مقبرة صلاح الدين الأيوبي لوجود رفاة جنوده فيها".

وذكر عمرو أن المقبرة لو كان فيها قبر ليهودي واحد لما صمتت (إسرائيل) بل لكانت استولت عليها منذ اللحظة الأولى، مشيرا إلى أن الصمت العربي والإسلامي هو الذي دفع الاحتلال ليتجرأ على المقبرة ويستولي عليها.

وبحسب متابعته، فإن أطماع اليهود في المقبرة منذ الحكم العثماني والبريطاني لكن في كل مرة كان يوضع لهم حد، مؤكدا أن الهدف من تهويد المقبرة هو الإمعان في إذلال الأمة العربية والإسلامية خاصة حين أنشأ الاحتلال متحف السلام على جثث المسلمين ولم يجدوا أي رادع أو معارضة.

وعن المطلوب فعله للتصدي للحفل، أجاب متهكما: "لابد من إقامة حفل داخل مقبرة يهودية، ليكون القبر بالقبر والحي بالحي".

وفي السياق، حذر الشيخ محمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، في بيان صحافي وصل "الرسالة نت" نسخة عنه، من عزم مؤسسات "صهيو - أميركية" إقامة احتفال على جزء من مقبرة "مأمن الله" بمدينة القدس المحتلة، التي تحتضن رفات مقدسيين ومسلمين منذ العصور الإسلامية المتقدمة.

وأكد أن مقبرة "مأمن الله" تعود إلى أصل الوجود الإسلامي في مدينة القدس، والاعتداء عليها يمثل تعديا سافرا على أحياء المسلمين، وأمواتهم، ومسا بمشاعرهم في مختلف أنحاء العالم، وهي وقف إسلامي، تضم رفات عدد كبير من أبناء المسلمين، ورموزهم العلمية، والوطنية، وسبق لسلطات الاحتلال أن استولت عليها، لإقامة ما يسمى بـ"متحف التسامح" على رفات أموات المسلمين.

وناشد المنظمات والهيئات الدولية، بالضغط على سلطات الاحتلال لوقف هذه الأعمال الاستفزازية والعدوانية، مطالباً بوضع حد حازم لاستهداف الأماكن الدينية الإسلامية بالعدوان والتدنيس.

البث المباشر