الرسالة نت – عبد الحميد حمدونة
لا يرفع الغزيون أيديهم عن قلوبهم بين فترة وجيزة وأخرى، خشية من تولد أزمة جديدة تعصف بهم فمن انقطاع الغاز مروراً بنقص الطحين وليس انتهاء بأزمة الكهرباء التي يعاني منها سكان القطاع منذ عشرات السنين، وهم على يقين أن المحن تلاحقهم من شتى مناحي الحياة.
حتى فصل الشتاء تأخر عن معاده كثيراً هذا العام، لكنه مهما تأخر فقد عاد من جديد فأن يأتي متأخراً أفضل بكثير من ألا يأتي مطلقاً.
أزمة متجددة
نائب رئيس سلطة الطاقة المهندس كنعان عبيد، أوضح بأن سلطات الاحتلال بدأت منذ نحو شهر بشكل تدريجي تقليص كميات الوقود الواردة الى القطاع من 350 ألف لتر يومياً الى 240 ألفاً في إطار سياسة الحصار التي يفرضها الاحتلال على القطاع.
وقال عبيد: "سلطة الطاقة ركبت محولاً كهربائياً جديداً"، مبينا أن المحول تم استيراده من مصر لتزويد سعة تخزين الوقود الخاص بتوليد الطاقة الكهربائية.
جدير بالذكر أنه كي تنتج المحطة نحو 75 ميغاوات من أصل 240 ميغاوات يحتاجها القطاع إلا ان كمية 250 ألف لتر التي تزود بها دولة الاحتلال القطاع حالياً لا تكفي سوى لتوليد 45 ميغاوات، الأمر الذي يجعل الكهرباء في أزمة مستمرة.
** خسائر 10 مليون دولار
وأشار رئيس سلطة الطاقة إلى أن 45 ميغاوات تكاد لا تكفي شيئاً الأمر الذي يدفع في اتجاه تقنين استهلاك الكهرباء وقطع التيار عن مناطق وتزويد مناطق أخرى به وفق جدول معد سلفاً.
بينما يتعمد الاحتلال افتعال أزمات الكهرباء في وقت الحر الشديد والبرد الشديد حتى لا يستفيد الغزيون من المراوح أو المدافئ تعتمد في عملها على الكهرباء القوية، وينقطع التيار خلال الأسابيع الأخيرة باستمرار مرات عدة في الأسبوع عن مناطق القطاع، وأحياناً مرات عدة في اليوم الواحد.
وأعلنت شركة الكهرباء أنها أعدت جدولاً لقطع التيار مدة ثماني ساعات يومياً عن أحياء محافظات القطاع الخمس التي يقطنها 1.5 مليون فلسطيني.
تقليص سعة السولار الصناعي المخصص لشركة الكهرباء يأتي بمثابة عقاب جماعي لأهالي غزة، الأمر الذي يزيد من تفاقم مأساة الحصار المفروض عليهم.
معاناة قطاع غزة منذ عشر سنوات تقريبا، من عدم توفر الطاقة الكهربائية اللازمة لتلبية كافة احتياجات سكان القطاع، يفاقم من الأزمة في شتى مناحي الحياة إذ أن اعتماد أهالي القطاع على الكهرباء استشرى في جميع متطلباتهم الحياتية.
وقد بلغت خسائر شبكات توزيع الكهرباء بعد حرب غزة الأخيرة 10.5 مليون دولار، حيث تم تدميرها في كثير من المناطق تدميرا كاملا وانهارت بشكل جزئي في معظم مناطق وأحياء القطاع.
حلول غير مجدية
ويسعى أهالي قطاع غزة إلى تعويض النقص الحاد للكهرباء والغاز باستحداث بدائل أخرى، ففضلاً عن الشموع والأضواء الزيتية، ومحاولات استحداث بدائل للطاقة أوقفها الحصار، تنتشر المولدات الكهربائية بأحجامها المختلفة في مختلف مناطق قطاع غزة، التي تعاني هي الأخرى من مزاجية الاحتلال الإسرائيلي في ادخال الوقود المشغّل لها.
حتى المولدات التي يستخدمها الغزيون بديلاً عن الكهرباء العادية لا تصلح لتشغيل مدفئة البيت، ناهيك عن الأصوات العالية التي تنطلق من المولدات أثناء التشغيل، وروائح العوادم التي تنبعث منها خانقة أنفاس المواطنين إلى حد الموت.
ومن الجدير ذكره، أن درجة الحرارة الصغرى في قطاع غزة تصل هذه الأيام إلى 9 درجات مئوية من البرد في ساعات الليل، الذي ما تلبث أن تنبعث منه الحياة في صباحات الأيام التالية، حياة غزة لا تحركها الكهرباء ولا مولدات الطاقة، وإنما وقود الإرادة والصمود في قلوب أهالي غزة المحاصرة.
وتعود من جديد أزمة الوقود وانقطاع التيار الكهربائي في قطاع غزة تؤرق مضاجع نحو مليون ونصف مليون فلسطيني، في أعقاب قرار المحكمة العليا الصهيونية رد التماس تقدمت به منظمة تُعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان طالبت فيه المحكمة بعدم الموافقة على قرار الحكومة الاسرائيلية تقليص كميات الوقود التي يحتاجها القطاع.