قالت الخارجية الروسية إن انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي "ناتو" (Nato) خط أحمر بالنسبة لروسيا، فيما أكدت القوى الغربية دعمها سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها في مواجهة الحشود العسكرية الروسية.
ويشهد شرق أوكرانيا حربا بين كييف وانفصاليين موالين لروسيا اندلعت عام 2014 بعد ضم موسكو شبه جزيرة القرم، وأودى النزاع بحياة أكثر من 13 ألف شخص.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن توجه حلف الناتو لضم جورجيا وأوكرانيا للحلف سيكون بمثابة قنبلة موقوتة في قلب القارة الأوروبية.
وأكد لافروف في كلمة له اليوم الخميس -خلال اجتماع منظمة الأمن والتعاون الأوروبي المنعقد في ستوكهولم- أن تحول الدول المجاورة لنا إلى نقطة انطلاق للمواجهة مع روسيا، ونشر قوات الناتو على مقربة شديدة من المناطق ذات الأهمية الإستراتيجية لأمننا أمر غير مقبول بشكل قاطع.
وأضاف أن الأمن في أوروبا لا يمكن أن يكون مجتزأ، وأن هذا الأمن إما أن يكون أو لا يكون، حسب تعبيره.
وشدد لافروف على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اقترح حوارا مع الغرب للتوصل إلى ضمانات قانونية بعيدة الأمد بعدم توسع حلف الناتو شرقا، وإلى توافقات تلبي مصالح جميع الأطراف.
وأضاف أن "الرئيس الروسي أكد أن موسكو لا تريد نزاعا مع أوكرانيا"، وقال إننا مستعدون لاتخاذ خطوات سعيا لحل الأزمة الأوكرانية.
لكنه اتهم الغرب بمد أوكرانيا بالأسلحة، وبما سماه وهم إمكانية الحل العسكري للنزاع في دونباس.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد قال ردا على اقتراب حلف الأطلسي من حدود روسيا إن موسكو ستتخذ الإجراءات العسكرية الملائمة.
ودعا بوتين -خلال حفل في الكرملين- إلى الدخول في مفاوضات جوهرية مع الدول الغربية بهدف التوصل إلى اتفاقيات ملموسة وضمانات قانونية، لضمان عدم توسع الناتو شرقا وعدم نشر أنظمة أسلحة "تهددنا على مقربة شديدة من الأراضي الروسية".
يأتي ذلك في وقت تستعد روسيا لتدريبات عسكرية بمشاركة أكثر من 10 آلاف جندي وفق ما أعلنته قيادة المنطقة العسكرية الروسية الجنوبية، وستُجرى التدريبات في 30 ميدانا، بينها مقاطعات محاذية لأوكرانيا، وشبه جزيرة القرم وغيرها.
دعم غربي
في المقابل، أكدت القوى الغربية دعمها سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها في مواجهة الحشود العسكرية الروسية، محذرة موسكو من العواقب.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن "إذا ما أصرت روسيا على اعتداءاتها فستكون هناك عواقب".
بالمقابل، ذكرت الخارجية الروسية أن لافروف أكد لبلينكين أن "إقحام أوكرانيا في اللعبة الجيوسياسية الأميركية عواقبه وخيمة".
وفي مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أكد بلينكن التزام الغرب بسيادة أوكرانيا وسلامتها، وقال "ندعم الخيارات الدبلوماسية لحل الأزمة".
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن لافروف قال لبلينكن إن روسيا تحتاج إلى "ضمانات أمنية" على الحدود.
وكان حلف شمال الأطلسي أكد دعمه الثابت لأوكرانيا في حماية حدودها الشرقية.
رد دولي
وفي السياق نفسه، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن -اليوم الخميس خلال زيارته لكوريا الجنوبية- إن أي رد أميركي على تصرفات روسيا تجاه أوكرانيا سيتم بالتنسيق مع المجتمع الدولي، ودعا موسكو إلى التحلي بالشفافية بشأن حشدها العسكري على حدود أوكرانيا.
وردا على سؤال حول ما إذا ما كانت العقوبات المحتملة على روسيا ستكون اقتصادية فقط، أحجم أوستن عن الإجابة بشكل مباشر، واكتفى بالقول إنه سيتم استخدام "أفضل الأساليب، وضمن رد من المجتمع الدولي".
وأصبحت أوكرانيا -وهي جمهورية سوفياتية سابقة تطمح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي- بؤرة التوتر الرئيسية بين روسيا والغرب اللذين تدهورت العلاقات بينهما إلى أسوأ مستوى لها منذ 3 عقود منذ انتهاء الحرب الباردة.
وتقول كييف إن روسيا نشرت أكثر من 90 ألف جندي بالقرب من الحدود الأوكرانية، وهو ما تنفيه موسكو وتتهم بالمقابل كييف بمواصلة حشد قواتها في إقليم دونباس (شرقي أوكرانيا) الذي يسيطر عليه المسلحون الانفصاليون الذين تدعمهم موسكو.
ووصفت القيادة الروسية حديث الغرب عن استعداده لشن هجوم على أوكرانيا بأنه تحريضي، لكنها دافعت عن حقها في نشر القوات على أراضيها بالشكل الذي تراه مناسبا، وقد بدأ الجيش الروسي أمس الأربعاء مناورات عسكرية قرب الحدود مع أوكرانيا.
وكان الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ صرح أمس -في اليوم الثاني والأخير من الاجتماع الوزاري لدول الحلف- بأن للناتو خيارات واسعة لمواجهة التحدي الروسي لحدود أوكرانيا، ومن ضمنها العقوبات الاقتصادية والسياسية والمالية.
وأضاف ستولتنبرغ أن الحلف يقوي القدرات الدفاعية لأوكرانيا بتدريب قواتها وتزويدها بالمعلومات، وحثها على استكمال خطواتها للانضمام إلى الحلف.
مفاوضات مباشرة
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الأربعاء إلى "مفاوضات مباشرة" مع روسيا بهدف "وقف الحرب" الدائرة مع الانفصاليين المدعومين من روسيا في شرق بلاده.
وقال زيلينسكي -أمس الأربعاء في خطاب أمام البرلمان- "علينا أن نقول الحقيقة، وهي أننا لن نكون قادرين على وقف الحرب من دون مفاوضات مباشرة مع روسيا".
وفي سياق متصل، قال الجيش الأوكراني اليوم الخميس إن أحد جنوده قتل في هجمات شنها انفصاليون في إقليم دونباس، متهما إياهم بخرق اتفاق وقف إطلاق النار 4 مرات في الساعات الـ24 الأخيرة.
وفي روسيا، نقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن جهاز الأمن الاتحادي اليوم الخميس أن السلطات ألقت القبض على 3 أشخاص يشتبه في أنهم عملاء من المخابرات الأوكرانية، واتهمت أحدهم بالتخطيط لتنفيذ هجوم بقنبلة.
ولم توضح السلطات الروسية تاريخ ومكان اعتقال الأوكرانيين الثلاثة، وذكر بيان لجهاز الأمن الاتحادي أن اثنين من المقبوض عليهم "وصلا إلى روسيا لجمع معلومات والقيام بتسجيلات فيديو وصور لمنشآت ذات أهمية إستراتيجية حيوية وبنى تحتية للنقل".
وأضاف أنه "تم العثور في السيارة التي كانوا يستخدمونها على مسدس وسلاح آلي وكذلك على معدات حماية شخصية".
وحسب البيان نفسه، فإن الرجلين "اعترفا بتجنيدهما" من قبل أجهزة الأمن الأوكرانية لقاء 10 آلاف دولار.
وتابعت أن الشخص الثالث "اعتقل متلبسا بالجنحة مع وسائل تخريب عبارة عن عبوتين ناسفتين تعادلان 1.5 كيلوغرام من المتفجرات".
المصدر : الجزيرة + وكالات