بدأت الدراما الفنية الفلسطينية أولى محاولاتها لإبراز معاناة الشعب الفلسطيني ومقاومته للاحتلال الصهيوني الذي تسبب بويلات له منذ احتلاله أرض فلسطين عام 1948م، وعلى مدار العشرين عامًا الماضية تمكنت الدراما من أن تخترق الوعي الفلسطيني على الصعيد المحلي، وما لبثت أن تطورت من حيث الإمكانيات المادية والفنية لتتمكن من اختراق وعي المشاهد العربي عبر بث القضية الفلسطينية في قوالب درامية تُعرف بالحياة وكينونة الأشخاص الذين يعيشون في وطن السلام بلا سلام، إن الدراما الفلسطينية المقاومة تعبر عن روح شعبنا في مقاومة الاحتلال الصهيوني، وتجسد العمليات الفدائية واقتحام المستوطنات الصهيونية وتحافظ على الثوابت الوطنية وتعزز دور المقاومة الفلسطينية
في مراحل تطورها، من خلال إنتاج عدة أعمال درامية ثورية تستمر عرضها لإيجاد مساحة بين الدراما العربية والدولية التي تفتقر إلى التطرق لمعالجة القضية الفلسطينية والمعاناة المستمرة جراء انتهاكات الاحتلال الصهيوني، وتعمل الدراما الفلسطينية على تجسيد وحدة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال، فهو يتحدث عن روح المقاومة والأسر والاستشهاد، كما أن الدراما اليوم تتطرق أيضا إلى معاناة شعبنا بسبب الاحتلال من خلال تناول قصص أهالي الشهداء والأسرى والجرحى، إضافة إلى تجسيد مقاومة الأسرى وهم داخل مصلحة سجون الاحتلال الصهيوني.
👈رسالة الدراما الفلسطينية للعالم هي أن شعب فلسطين المحاصر يعاني الويلات بسبب الاحتلال الصهيوني، وأن ما يدفع الشباب لحمل السلاح ليس حبهم للموت والقتل وإنما حبهم للحياة بكرامة، وقد حملوا السلاح للدفاع عن أرضهم وتحريرها بكل السُبل المتاحة في ظل عدم اكتراث العالم بمعاناة الشعب الفلسطيني، وتكمن أهمية الدراما عموماً واستخدام الدراما فلسطينياً في قدرتها على التأثير على الشارع، إذ لوحظ تأثر الكبير والصغير بعدد من الأعمال الفنية الدرامية التي عرضت على بعض الشاشات المحلية، إلى جانب محاولتها مخاطبة الرأي العام العالمي بشأن حقوق الشعب الفلسطيني ورغبته في الاستقلال، إلا أنها ما زالت تواجه شبح الأزمة المالية، وغياب الاهتمام، ما يهدد قدرتها على الاستمرار، وتمثل أهمية صناعة المحتوى الدرامي بأيدٍ فلسطينية على اعتبار أن الفلسطيني هو الأقدر على التعبير عن الواقع، إلا أنها تواجه رزمة من العقبات، أبرزها الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وتشير شركات إنتاج المحتوى الدرامي في قطاع غزة، أنها ما زالت تعتقد بأن الدراما من أقوى الفنون التي يمكن أن تعكس معالم قضيتنا الفلسطينية، وتعزيز الجانب الدرامي يعد جزءاً من تعزيز الرواية عربياً ودولياً.
👈 وبشأن العقبات التي تواجه انتاج دراما المقاومة، يعتبر الحصار الصهيوني وإغلاق المعابر وعزل قطاع غزة عن العالم الخارجي وعدم التواصل مع مخرجي الدراما في العالم العربي كان له تأثيره البارز من العقبات والمعيقات في العمل الفني، إلا أنه يتم تجاوزه بما هو مستطاع، ويواصل العمل بالحد الأدنى من الإمكانيات المحدودة، وسط هذا الجدار الصعب لإيصال رسالتنا للعالم بأن هذه دراما مقاومة لا تخدش الحياء، وما يميزها أنها تحمل الفكرة التي لها تأثير على عقلية المُشاهد العربي، وتطوير الدراما رغم عدم توفر ممثلون محترفون ولا طواقم محترفة للإنتاج، إذ تتم هذه التجربة بأيدٍ فلسطينية مبتدئة، إضافة لقلة الإمكانيات وعدم وجود مدينة للإنتاج الإعلامي، مما دفعهم للتصوير بين البيوت وأزقة الشوارع والمخيمات الفلسطينية، كما تم تصوير بعض المشاهد قرب السياج الحدودي مع الأراضي المحتلة، وهو ما عرضهم للخطر أكثر من مرة، وعقبة أخرى برزت أثناء التحضير للعمل الفني وهي العنصر النسائي، حيث ترفض الكثير من الفتيات والنسوة تجسيد أدوار المرأة الفلسطينية كأم الأسير وزوجة الشهيد، وهذا شكّل عقبة لم يتمكنوا من تجاوزها بسهولة.
👈 تسلط الأعمال الدرامية التي تمت صناعتها في قطاع غزة المحاصر منذ 13 عاماً الضوء على الواقع المعيشي، والتفاصيل اليومية للمواطن الفلسطيني، ساعية إلى تصوير ملامح المعاناة والتطلعات والإبداعات، وغيرها من التفاصيل، إلى جانب التركيز على القضية الفلسطينية، وقضايا اللاجئين والشهداء والأسرى والجرحى وقضايا الشعب الفلسطيني في الشتات والنكبة والداخل المحتل (أراضي 48)، فيما يتطلع صُناع الدراما في القطاع عبر أعمالهم وإن كانت خجولة بفعل الأوضاع الاقتصادية الصعبة إلى التأثير الإيجابي على مختلف القضايا المطروحة، علاوة على رغبتهم في إيصال صوت الشعب الفلسطيني إلى العالم، وإخبارهم أنه شعب يتطلع للحرية وإنهاء الاحتلال الصهيوني المتسبب بأزماته.
👈صنعت قناة الأقصى الفضائية التابعة لحركة "حماس" في قطاع غزة عدداً من الأعمال الفنية الدرامية، والتي تناولت عدداً من القضايا الوطنية والثوابت الفلسطينية، حيث أصبح من الضروري إيجاد دراما تعبر عن الشعب الفلسطيني وتطلعاته، وبدأت فضائية الأقصى بالتفكير في هذا الجانب قبل سنوات، ما دفعها إلى البدء بصناعة فيلم "عماد عقل"، وهو التجربة الأولى، والتي لاقى صدى كبيراً، وردود فعل إيجابية، على الرغم من الخبرة المتواضعة والأدوات البسيطة التي امتلكها فريق العمل آنذاك، ردود الفعل الإيجابية هذه شجعت على صناعة عدد من المسلسلات الصغيرة التي تناقش القضايا اليومية للفلسطينيين بقالب درامي وكوميدي، ومجموعة أفلام تناولت قصصاً من عمليات المقاومة الفلسطينية، إلى أن تم إنتاج مسلسل "الروح"، وهو أول مسلسل طويل، تناول مختلف تفاصيل الحياة اليومية لأهالي قطاع غزة، وعكس معاناتهم المتواصلة جراء الممارسات الصهيونية العدائية بحقهم، كما أنتجت أيضاً مسلسل "الفدائي" على جزأين بواقع 61 حلقة، تحدث عن أوضاع الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الصهيوني، وقد عكس تفاصيل معاناتهم داخل الأسر، وممارسات إدارة السجون بحقهم، مبيناً أن العمل لاقى نجاحاً كبيراً، ما زاد من إصرارهم على متابعة الاهتمام باللون الدرامي، وكذلك مسلسل بوابة السماء بجزأيه الأول والثاني.
👈بدورها تستعد الآن فضائية الأقصى لتدشين (مسلسل قبضة الأحرار) بعد الايمان منها بأهمية الدراما الفلسطينية الثورية، وانتظار الجمهور للدراما الفنية التي تجسد المقاومة واقعيا وميدانيا، والذي سيتم بثه وعرضه خلال شهر رمضان المبارك على شاشة قناة الأقصى الفضائية، وفي هذا الصدد تواصل دائرة الإنتاج الفني بحركة حماس الآداء الفني المقاوم الذي يتركز على تسليط الضوء في المسلسل المرتقب على عمليات فدائية على الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة واقتحام المستوطنات المحادية واعتقال أسرى من جنود ومستوطني الاحتلال الغاصب.
👈دراما فنية جسدت النضال الفلسطيني بالسينما والفضائيات المختلفة، في هذه القائمة نستعرض مجموعة من الأعمال السينمائية التي نقلت الوجع الفلسطيني من زوايا متعددة ورؤى مختلفة، في سياق ما تقدم، نوضح أبرز الأعمال الدرامية الفلسطينية//
▪️مسلسل الروح/ حاول القائمون على المسلسل الذي أُنتج وصُور في بيئة قطاع غزة عام 2014، إبراز الحالة الملحمية للمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة معًا، فقد أظهرت حلقاته حالة ارتباط وامتزاج روح المقاومة والثورة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، كما كشف عن حالة الألم والمصير المشترك الذي يُعانيه كل أبناء الوطن الفلسطيني، المتابع لمشاهد المسلسل الدرامي على مدار ثلاثين حلقة يجدها لا تخلو من نصوص التوعية الأمنية للمجتمع الفلسطيني، فقد ركز على العديد من القضايا؛ كقضية «عصافير السجون» التي تعرض لها الأسرى الفلسطينيين داخل زنازين المحتل، كما عرض قضية العملاء ونبّه في ثنايا المسلسل إلى مصيرهم فهم يخسرون الوطن واحترام الذات، وإلحاق العار بأسرهم، وغالبًا ما تكون حياتهم مرهونة بمدى صدق المعلومات التي يوصلونها، وإلا فالموت هو المصير المنتظر.
كان العامل الأساسي في نجاح المسلسل، أن إنتاجه كان وطنيًا من الألف إلى الياء بعيدًا عن أي تدخلات، بالإضافة إلى كونه تناول قصصًا فلسطينية أظهرت المنعطفات التي مرت بها القضية والمقاومة معًا بدءًا من عام 2002 حتى عام 2010.
▪️مسلسل الأغراب/ مسلسل درامي عُرض في رمضان 2016 على فضائية اليرموك الأردنية وفضائية القدس، وكان له صدى كبير، حيث ارتقى القائمون عليه وهم مجموعة من الشبان في الضفة الغربية إلى مستوى الأعمال الدرامية الفلسطينية سواء على مستوى كتابة القصة أو الإخراج، وتدور فكرة المسلسل حول الاحتلال الذي سرق الأرض، فكان اسمه «الأغراب» تعريفًا بالمحتلين الذين لا ينفكون عن النيل من المواطن الفلسطيني في حياته وأرضه وبيته، حيث يُجسد اعتداءات جنود الاحتلال خلال مصادرة الأراضي، وكذلك قضية العملاء وسماسرة الأراضي، ويُبرز الحالة التضامنية لأهالي القرى مع بعضهم في وجه سياسات الاحتلال، كما لم يغفل إبراز المقاومة الشعبية للمجتمع الفلسطيني والمقاومة المسلحة أيضًا، بالإضافة إلى قضايا الأسرى وتعامل المواطنين معها.
▪️مسلسل ولكم في الأمل حياة/ اللاجئون الفلسطينيون هم المحور الذي دار حوله الفيلم الدرامي الذي صدر في 2012، ونجح باقتناص جائزة أفضل فيلم عربي بـمهرجان أبوظبي السينمائي، وسلط العمل الضوء على لاجئي فلسطين الذين نزحوا إلى الأردن في 1967، حين يضطر الصبي ذو الـ11 الرحيل مع أمه إلى معسكر اللاجئين، وهناك نشهد التحديات التي تواجه الأبطال خاصة الأطفال، وكيف يحاول الكثير منهم التمسك بالأمل مهما بدا واهيا قبل أن يكبروا وينضموا إلى معسكر الفدائيين لاسترجاع حقوقهم.
▪️مسلسل الفدائي/ عن الوطن والمواطن الفلسطيني تحدث مسلسل «الفدائي» بجزأيه الأول والثاني، وكان مبهرًا في إعطاء الصورة الحقيقية لواقع الحياة الإنسانية والمعاناة الأزلية التي يُقاسيها الشعب الفلسطيني منذ 1948، الجزء الأول، كان مُلفتًا بالحديث عن حياة أهل الضفة الغربية ومعاناتهم من التهويد وسلخهم عن واقعهم الحضاري والتاريخي، لقد أفرد المسلسل في حلقاته الثلاثين التي بُثت على شاشة فضائية الأقصى عام 2015، مساحةً كبيرة لما يحدث في مدينة الخليل من عمليات تهويد وسرقة للأرض وتنكيل على الحواجز، أما الجزء الثاني، فجاء حاملًا لقضية الأسرى والأسيرات، فاستطاع أن يُعرف المشاهد العربي بأدق تفاصيل الحياة اليومية التي يعيشونها في السجون، ويفضح ممارسات الاحتلال في تعذيب الأسرى وإذلالهم، ولعّل الصورة الواقعية التي أبرزها المسلسل كانت عنوان نجاحه، خاصة في تصويره بمعدات تكاد تكون متهالكة، اُنتشلت من رماد القصف في عدوان 2014 الذي نال من مقر الفضائية بكل ما فيها من أجهزة ومعدات وطواقم بشرية، كما أن جودة المضمون وموافقته للواقع الإنساني للوطن والمواطن الفلسطيني دعت إحدى القنوات التركية إلى ترجمته بلغتها وعرضه لمشاهديها، الذين بدوا تواقين لمعرفة كل ما يجري في فلسطين، كما حظي المسلسل بانتشار واسع على المستوى العربي، وبُث على عدة قنوات منها الزيتونة التونسية واليرموك الأردنية.