رغم مرور 28 عاما على مجزرة الحرم الابراهيمي بمدينة الخليل المحتلة، إلا أن الحادثة تبقى حاضرة وبقوة في تاريخ الصراع مع الاحتلال (الإسرائيلي)، لما تشكله من قذارة وتطرف صهيوني.
ويحيي الفلسطينيون خلال الأيام الجارية، ذكرى المجزرة الدموية التي ارتكبها المتطرف الصهيوني باروخ غولدشتاين، في الخامس والعشرين من فبراير لعام 1994.
وأدت المجزرة إلى استشهاد 29 مصليا وجرح 15 آخرين، في مشهد يعكس دموية دولة الاحتلال وجماعاته من المستوطنين.
جرح نازف
إمام الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل الشيخ عادل إدريس، قال إن وجود سجدة تلاوة بين آيات الركعة الأولى هي التي قللت عدد الشهداء والجرحى لأن غولدشتاين كان يخطط لإطلاق النار من بندقيته "إم 16" نحو المصلين وهم وقوف.
ولا يزال الشيخ إدريس يستذكر كل تفاصيل المجزرة التي سبقها تهديد من المستوطنين في صلاة التراويح في اليوم السابق بأنهم سيهاجمون المصلين.
وتحدث الشيخ إدريس عن شقيقه الشهيد سليم الذي كان أبا لطفل وكانت زوجته حاملا، وأصيب في المجزرة، "وعندما تمت محاولة إسعافه فارق الحياة بعد أن اخترقت رصاصة كتفه وأخرى رأسه".
وأوضح أن غولدشتاين لم يكن وحده في الحرم لحظة المجزرة، "كان هناك 15 مستوطنا قدموا لحمايته، ويثبت ذلك أن أحد الجرحى الذين تم نقلهم إلى الأردن لمعالجته تبين أنه مصاب بشظايا قنبلة غير رصاص سلاح المستوطن غولدشتاين".
وبعد 28 عاما على وقوع المجزرة، يمنع الاحتلال رفع الآذان في الحرم ما بين 500 و600 مرة في العام الواحد.
كما ويغلق الحرم كاملا في الأعياد اليهودية أمام المسلمين، ويسمح للمستوطنين بإقامة الحفلات والمناسبات.
بدوره، قال المختص في شؤون الاستيطان، عبد الهادي حنتش، إن جماعات المستوطنين تشكل خطرا كبيرا على حياة الفلسطينيين منذ نشأة دولة الاحتلال وحتى يومنا هذا.
وأضاف حنتش: "المستوطنون يكبرون على الكراهية والحقد والعنصرية تجاه الفلسطينيين، وهو ما يجعل استخدام السلاح وقتل الفلسطينيين سهلا".
وأوضح أن سلاح المستوطنين خطر قديم لكنه متصاعد ومتطور، "وصل إلى حد أن تصبح دوريات جيش الاحتلال والمستوطنين مشتركة في اقتحام منازل الفلسطينيين وارتكاب الجرائم والإعدامات، وهذا ما تشهده الضفة والقدس اليوم".
ووفق حنتش، تشمل جرائم المستوطنين المسلحين معظم مدن الضفة الغربية والقدس وأراضي الـ48، إلا أنها تتركز أكثر في البلدة القديمة بالخليل وحوارة وفي نابلس ورام الله والقدس.
وأشار إلى أن الخليل أكثر المدن تواجدا للمستوطنين، "وتاريخ مجزرة الحرم الإبراهيمي يعيد نفسه اليوم، فنحن أمام اقتحام مساجد وبيوت وجرائم في الطرقات ووسائل المواصلات".
وحذر المختص في شؤون الاستيطان: "التاريخ اليوم يعيد نفسه بذات النهج والأسلوب في الجرائم، لكن بوتيرة أشد وبعدد أكبر، خاصة وأننا أمام واقع لا تخلو فيه منطقة من وجود مستوطنين".
وانتقاما لشهداء المجزرة، نفذت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" خمس عمليات استشهادية بين أبريل وديسمبر 1994 قتل فيها 36 إسرائيليا وجرح أكثر من مئة آخرين.