منذ عقود طويلة، يحاول الاحتلال الإسرائيلي إشغال فلسطينيي الداخل المحتل بقضايا بعيدة عن الثوابت الوطنية، في محاولة لتفريغه من هويته الفلسطينية، لكن كل مرة يفاجئ الشباب الفلسطيني قوات الاحتلال بردة فعله الثورية عند أي انتهاك للأقصى أو عدوان على مدن الضفة المحتلة أو قطاع غزة.
العام الماضي، شهدت الأرض الفلسطينية هبة الكرامة التي شملت مدينة القدس بمقدساتها الدينية وأحيائها، فانتفضت غزة بمقاومتها دفاعاً عن الأقصى، وبعدها وقع العدوان عليها حين استجابت لصرخات المقدسيين وفلسطينيي الداخل وهم يهتفون يا غزة يلا"، وبقيت صامدة تدافع عن المرابطين، وقبلت موازين الحالة السياسية بعدما فرضت مقاومتها شروطها على المحتل.
منذ العام الماضي انبثقت من كل المدن الفلسطينية حراكات شبابية نصرة للقدس وغزة، وكان منها الحراك الفحماوي الذي استمد شبابه عزيمته من نصر غزة كما يقولون.
ويتمثل دور الحراك الفحماوي في استنهاض العمل الشعبي في المدن الفلسطينية المحتلة، وعودته إلى الواجهة بعد تراجعه في السنوات الأخيرة، كما يمثل فرصة لمواجهة "الأسرلة" التي تحاول (إسرائيل) بثها في صفوف الشباب الفلسطيني.
وخلال الأحداث الأخيرة التي شهدها الأقصى من انتهاكات الشرطة الإسرائيلية، خرج شباب الحراك الفحماوي وغالبيتهم مبعدون عن المسجد بمسيرات سلمية في شوارع البلدات المحتلة رفضا لتلك الاعتداءات، بينما استطاع العشرات منهم الذهاب في باصات مخصصة في أم الفحم حيث الرباط هناك، كما يقول الناشط محمد جبارين لـ "الرسالة نت".
ويوضح جبارين أن الحراك الفحماوي تشكل العام الماضي من عدة حراكات لكل منها خلفيته الفكرية وأهدافه، توحدوا على محاربة السياسة الممنهجة التي تنتهجها حكومات الاحتلال الإسرائيلي خاصة بعد سنة الألفين، موضحا أن سياسة القتل الممنهج تتصاعد وتيرتها منذ تلك السنوات التي ارتقى فيها العشرات من فلسطينيي الداخل المحتل.
وذكر الناشط الفحماوي أن هبة الكرامة 2021 كان لها التأثير الكبير في تعزيز هوية الفلسطيني في أم الفحم، خاصة بعد محاولات سلطات الاحتلال إبعادهم عن الأقصى، لافتا إلى أن الشباب تكاتفوا حين رأوا استجابة غزة لنداءات المقدسيين مما زاد الحماس لمواجهة المحتل.
ويؤكد أن موقف غزة في مواجهة المحتل وتخبط حكومته أثار حماس شباب الحراك الفحماوي، فدفعهم للخروج والمواجهة وحينها وقف لهم جنود الاحتلال بالمرصاد كونهم يدركون أن شباب فلسطينيي الداخل كالقنبلة الموقوتة وخطورتها على (إسرائيل) كبيرة.
وفي الأحداث المشتعلة في المسجد الأقصى، دعا الحراك الفحماوي للخروج في مسيرات سلمية ضد الانتهاكات بحق المسجد واقتحامات المستوطنين وجنود الاحتلال اليومية، وكانت آخر مسيرة سلمية بعد صلاة التراويح الجمعة الماضية التي واجهها الاحتلال بالاعتقالات والضرب والتنكيل.
ويعلق الناشط الفحماوي جبارين بالقول: "قبل بدء المسيرة السلمية شن الإعلام العبري حملة تحريض ضد المسيرة (..) اعتبروا الأمر استفزازيا، وعملت شرطة الاحتلال ملاحقة وضرب الشباب، بالإضافة إلى اعتقال عدد منهم إدارياً".
وتابع جبارين: "تلك الاعتداءات لم تثن الشباب عن مواصلة محاربتهم للانتهاكات ضد الأقصى، بل زادت عزيمتهم وإصرارهم على مواصلة فعالياتهم السلمية".
وعن هتافاتهم بقسم الدفاع عن الأقصى، ذكر أنه ولاءا وتجديدا للعهد مع المسجد، مؤكدا على أن الحراك الفحماوي لن يسمح بتكرار التعدي على المسجد الأقصى، خاصة وأن ذلك يغيظ المحتل أكثر.
وختم جبارين قوله: "الاحتلال يريد من فلسطينيي الداخل المحتل الانسلاخ عن قضيتهم، لكن لم يعد الأمر كما السابق خاصة أنه كل فترة هناك هبة قوية من الداخل المحتل تؤكد على تمسك الأهالي بعروبتهم وفلسطينيتهم ورفضهم لسياسات الاحتلال العنصرية".