أكد نشطاء بارزون على مواقع التواصل الاجتماعي اصطفافهم خلف المقاومة الفلسطينية، مشيدين بقدرتها على التعامل مع التطورات والمستجدات بحكمة ووعي، وإفشال استعدادات العدو الصهيوني لاستهدافها لصالح أجندته الحزبية وحساباته الداخلية.
وكان جيش الاحتلال استنفر قواته وأجهزته الاستخبارية والأمنية وأركان كيانه ونشر آلاف العناصر لضمان نجاح مسيرة الأعلام وحمايتها، وهو ما اعتبره النشطاء دليل فشل سيادته على القدس، ومعناه أن غزة أدت دورها دون قتال، فالقدس انتصرت وهُزم الاحتلال شر هزيمة.
الناشط ماجد العاروري، كتب على حسابه في فيسبوك: "يبدو أن الكثيرين شعروا بخيبة أمل من أحداث اليوم، إذ لم تكن نسخة من أحداث العام الماضي، وراهنوا أن الحالة ستتكرر، لذا شعروا بالخيبة وكأن آمالهم لم تتحقق كون أن مشاعرهم قد مست بتدنيس شوارع القدس بالطريقة التي تمت".
ويبين أن النقطة اللافتة للانتباه أن زمام المبادرة كان في العام الماضي بيد المقاومة، ولو تصرفت هذه المرة بذات الطريقة لاندرج فعلها في إطار ردات الفعل وليس المبادرة، موضحا أن هناك فرقا كبيراً بين أن يكون لديك برنامج مبني على ردات الفعل لتنفيس الغضب كما درجت عليه غالبية ردود الفعل، وأن يكون مبنياً على المبادرة.
ويتابع أن الجانب الآخر الذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أن أي فعل فلسطيني يجب أن يحمل كلفته كل المجتمع الفلسطيني ومناطقه وفصائله، لا أن يتحمله دوما جزء من المجتمع.
ويستطرد العاروري أن قطاع غزة دفع في المرة السابقة الثمن وحده دون غيره، حتى في الإعمار وإعادة البناء تم خذلانه، ولا يجوز أن يطلب منه أن يدفع وحده الثمن، فالقدس ملك لكل الفلسطنيين، وعليهم جميعا تحمل الثمن.
ويؤكد أن أهل القدس اليوم وكل يوم خير مثال في الدفاع عن المدينة بما أتيح لهم من قوة، فمعركة القدس لم تبدأ اليوم ولن تنتهي اليوم، وما جرى جزء بسيط من حلقة من سلسلة من الحلقات التي بدأت منذ عام ١٩٦٧، باحتلالها ثم ضمها، وبرنامج حمايتها لا يجوز أن يبقى مبنيا فقط على ردات الفعل، بل سر النجاح في عنصر المبادرة المدروسة، لذا لا مبرر لأي خيبات أمل.
من جهتها، قالت الإعلامية والناشطة ميرفت صادق على حسابها في فيسبوك، معلقة على أحداث القدس: "هذا اليوم كان صعبا، على القدس وعلى أهلها والمرابطين من المدينة والداخل خاصة، الذين كانوا خط الدفاع الأول عن كل وجودنا الفلسطيني، وتحملوا في ذلك الكثير".
وترى أنه "كان يجب التعويض في جبهات الضفة والداخل، وبشكل أكثف وأقوى.. هذا ليس نقدا، بل أمل".
وتضيف "كان اليوم أصعب، كما نظن، على من يملكون القدرة على الرد ولم يردوا، لأسباب منطقية أكثر من الذهاب إلى مواجهة تُحقق فيها حكومة المتوحشين مكاسب انتخابية وشعبوية على حساب دم أهلنا في غزة وفي كل فلسطين".
وتتابع صادق "يجب أن نفهم من درس اليوم أننا لسنا أمام عناصر مقاومة مستعدين لرد الفعل، فإذا خرجت مسيرة أو حدث اقتحام (على خطورة ما حدث) فعلى المقاومة أن ترد. إن كان كذلك، فما الفرق بين مسيرة الأعلام والاقتحامات اليومية أو الموسمية في أعيادهم؟".
وتنبه الناشطة إلى أنه "من الجيد لنا أن نقف خلف مقاومة لديها استراتيجية عمل لا فزعة وردة فعل.. وأظن هذا سيتوضح عاجلا".
وتستطرد بالقول: "وإن كنا نفهم أن الوسطاء لعبوا دورا مهما في تهدئة الرد، لكن أيضا علينا جميعا إدراك أن هذه مقاومة تطور من نفسها ومن خططها ومن طبيعة ردودها؛ هذه ليست مقاومة القذائف بدائية الصنع في الانتفاضة الثانية، وليست مقاومة حرب ٢٠٠٨ ولا ٢٠١٢ ولا ٢٠١٤ ولا انتفاضة القدس ولا حتى مقاومة عدوان أيار ٢٠٢١".
وتشدد على أنه لدينا منظومة يجب أن نثق في تطور خططها وعلاقاتها الخارجية كشرط لضمان فعالية أدائها في كل مرحلة، وإلا علينا جميعا السلام إن بقيت على ذات العقلية وعلى القدرة ذاتها، "فنحن في حرب مفتوحة، والحرب سجال.. كما تعلمون."
بدوره، علق د. بلال الشوبكي رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل على حسابه في فيسبوك: "الأعلام الإسرائيلية في القدس مؤلمة، لكن الصواريخ على أهل غزة مؤلمة لنا أكثر. القدس وكل فلسطين مقدسة، وأهلها ودماؤهم أكثر قدسية".
ويعتبر أن "مروءة أهل المقاومة تجاوزت مرحلة الاختبار إن تدخلت الآن أم لم تتدخل، بيد أن نبلنا محل اختبار إن طالبنا غزة بما لا نطيقه نحن".
بينما كتب الناشط البارز ياسين عز الدين: "من كان ينتظر عرض الألعاب النارية مساء اليوم: سكرت السينما تعال يوم ثاني، المقاومة ليست برنامج ما يطلبه المشاهدون".
ويوضح أن "الوضع تحت السيطرة والأحداث تتدحرج بالشكل المطلوب حتى الآن، والضفة تشتعل من شمال لجنوبها، والاحتلال سيدفع ثمن ذلك، وحسب ما أرى فلا داعي لتدخل غزة حاليًا".
ويعبر عز الدين عن ثقته الكبيرة بالمقاومة: "قادة المقاومة أدرى بما هو أنسب لهذه المرحلة، وهم أكثر وعيًا من جنرالات الفيسبوك وفلاسفة الببجي ومنظري الفورت نايت".
وفي منشور آخر له، يضيف عز الدين أن البعض يفهم أن توحيد الجبهات الفلسطينية معناه أن مقاومة غزة (بحكم كونها الأقوى) عليها عبء تحرير فلسطين وحدها ولذا يجب أن تتدخل دائمًا.
ويتابع "قلتها منذ سنوات إن مشروع تحرير فلسطين أكبر من قدرة غزة وحدها، ولذا يجب فتح جبهات جديدة ودعمها وتطويرها".
ويرى أنه حاليًا يجب إنضاج جبهة الضفة، وهذه لا تتم بكبسة زر ولا بهتاف "يا ضفة يالله"، حصل تطور جيد منذ عام لكن نحتاج لعام آخر على أقل تقدير (على فرض أنه لن تحصل انتكاسات) حتى تصبح جبهة الضفة "يرتكن عليها".
ويتابع "وبعدها نحن بحاجة لتهيئة جبهة الداخل المحتل وجبهات الخارج (لبنان والأردن ومصر بالحد الأدنى) وفي أحسن الأحوال وأجملها نحتاج عشر أعوام على الأقل".
ويستطرد بالقول "وما دمنا نفكر بعقلية الوجبات السريعة ونريد تحقيق أحلامنا بكبسة زر فلن نتحرر لا بعد 10 أعوام ولا 100 عام. يجب أن نفهم أن كل إنجاز حقيقي يحتاج لوقت وجهد كبيرين- ما فيه اشي ببلاش غير العمى والطراش، ومن يقول لكم غير ذلك لا يفقه شيئًا، خذوها قاعدة وريحوا أنفسكم بدلًا من الخيبات والسقوف العالية التي تحلقون بها".
وفي السياق، علق الناشط إبراهيم ماضي بالقول: "مشاهد اليوم من القدس والأقصى كانت قاسية ومبكية".
لكنه أضاف "هي جولة مؤلمة، كان قرار غزة فيها حكيما ولم تستدرج الي أتون حرب أعد توقيتها بعناية دقيقة".
بدوره، كتب سامي عكيلة: "عندما يتوقع منك عدوك بشكل حتمي أن تقتله مساءً، ثم يأتي المساء، ولا يحدث شيء، ثم تتركه في حالة انتظار، فهذا يعني أنك تقتله كل يوم مرة أو مرتين!، وتأكد أنه سيأتيك يومًا ما يستجديك فيه أن تقتله وتريحه من عناء انتظار الموت!