قائد الطوفان قائد الطوفان

مسيحيو غزة يفتقدون ذويهم في اعيادهم

الرسالة نت- مها شهوان

في باحة منزلها الذي يعود لعشرات السنين في حي الزيتون وبالقرب من حمام السمرة انهمكت سيدة مسيحية في تزيين شجرة عيد الميلاد ومن حولها الأطفال مبتهجون فرحا لقدوم عيدهم الذي يصادف السابع من هذا الشهر لانتمائهم للطائفة الأرذثوكسية .

تلك السيدة، رفضت ذكر اسمها، حيث كانت تعمل معلمة استرجعت ذكرياتها "للرسالة نت" بابتسامة علت محياها متذكرة طفولتها قائلة :" يااااه أيام صعب تتنسى فكنت وأخوتي نمارس طقوسا جميلة حيث كنت اذهب مع أهلي للكنيسة في الصباح للصلاة ومعايدة الأقارب والأصدقاء ثم نذهب إلى الأراجيح لنلعب مع أصدقائنا المسيحيين والمسلمين وفي الظهيرة نذهب للسينما ".

وأثناء تعليقها للكرات الملونة على شجرة عيد الميلاد أضافت :" أجمل شيء كان الجو العائلي حينما نجتمع سويا ،لكن الآن الحال تبدل حيث هاجر الكثير من أبناء الطائفة المسيحية للخارج بما فيهم أقاربي وبعض الجيران "، متابعة بلوعة المشتاق : بالرغم من بعدهم عنا إلا أننا نتواصل لاسيما في الأعياد ونسترجع الذكريات القديمة .

جيران الهنا

شاركتنا الحديث أختها الكبرى لتقدم القهوة قائلة :" من الطقوس التي ورثناها عن والدنا ولازلنا نحافظ عليها ذبح الديك الرومي عشية العيد وتقديمه مع المفتول أو الفتة "،مضيفة :كانت أمي أيضا تحرص على إعداد الكعك والمعمول بمساعدة الجارات .

وبعد تقديم القهوة واصلت حديثها :"الآن أصبحنا نفتقد بعض العادات والطقوس الجميلة لتلاشي عدد أفراد الطائفة المسيحية، بالإضافة إلى أن العيد بات ممزوجا بالحزن لسوء أوضاع البلد"، متمنية أن تكون السنة الجديدة أفضل من سابقتها ويعم الخير ويفرح الجميع .

وذكرت أن أكثر شيء يفرح الأطفال شراء الملابس الجديدة وتزيين الشجرة ، وحضور بابا نويل بجرسه الذي ما أن يسمعه الأطفال حتى يهرعوا لأخذ الهدايا منه.

يشار الى أن عدد مسيحيي قطاع غزة يبلغ 3500 من اصل مليون ونصف المليون ، حيث توجد كنيستان : كنيسة البطريرك اللاتينية التابعة للطائفة الكاثوليكية وكنيسة القديس برفيريوس للروم الارثوذكس.

وفي الجلسة ذاتها كانت برفقتهم السيدة أم حسن حمد وهي مسلمة وقد أتت لتطمئن على جيرانها وتهنئهم بقرب العيد ، فقد وصفت جيرانها المسيحيين بعدما احتست قهوتها بـ "جيران الهنا وياريت كل الجيران متلهم ،طول عمرنا مع بعض عالحلوة والمرة".

وشبهت علاقاتها بجاراتها المسيحيات بعلاقة الأخوات حيث يشاركن بعضهن البعض بالأفراح والأتراح فهن يعيدن عليها في عيد الفطر والأضحى وهي تبادلهن ذلك في أعيادهن ،مشيرة إلى أنها لم تشعر للحظة وجود فرق في المعاملة بينهما ولا احد منهم يسئ للآخر من ناحية العقيدة.

تزيين الشجرة

ووسط فناء البيت الذي تفوح منه رائحة عبق الماضي جلست منيرفا سابا والدة الشهيد نسيم الذي طالته طائرات الاحتلال في الحرب الأخيرة على القطاع عند خروجه من البيت لرؤية أصدقائه وجيرانه في منطقة الشيح رضوان إلا أنه قضى نحبه لتصعد روحه إلى السماء.

السيدة سابا والتي احتفلت بالعيد في شهر ديسمبر كونها تنتمي للطائفة الكاثوليكية تحدثت "للرسالة"  بحرقة وألم أنه لا عيد لديها بعد فقدان نسيم الذي كان يضفي على حياتها جوا من البهجة والفرح فهو القريب لقلبها وكان يساعدها في تزيين الشجرة واستقبال الضيوف.

تقول أم نسيم :" غياب ابني ترك أثرا كبيرا على حياتي وبات العيد دون نكهة ،حيث كنت في السابق اذهب إلى مدينة يافا في العيد لأصلي في كنيسة الخضر واحتفل مع أقاربي هناك ، لكن الحال تبدل فأكتفي بالذهاب إلى الكنيسة في غزة ومعايدة الأقارب والأصدقاء".

وتذكرت ودمعة خجلة كادت تسقط على وجنتيها، حينما كان نسيم يساعدها في وضع "القفافيش" الملونة والقطن ليوحي أنه ثلج وكذلك النجمة المجوسية التي تعتلي شجرة عيد الميلاد.

توقفت منيرفا عن الحديث فالعبرات كادت تخنقها وسارعت السيدات بتهدئة روعها، وفي الوقت ذاته لم تستطع أم حسن أن تحبس عبراتها فأخرجت منديلا لتمسح دموعها ومن ثم بدأت تصبر جارتها وتحدثها عن مكانة ولدها .

دقت عقارب الساعة الرابعة عصرا حينها انسحبت أم حسن من المجلس لتعود إلى بيتها وعندها سارعت إحدى الجارات بتقديم شوكولاته وحلقوم العيد، وطلبن منها ألا تطيل عليهن الغيبة .

ليست منيرفا وحدها من تفتقد ولدها في العيد فهناك الكثير من أمهات الشهداء اللواتي يتجرعن الحسرة  ولوعة الفراق في المناسبات كافة لفراق أبنائهن.

 

البث المباشر