موت وحياة على حاجز مخيم شعفاط المحاصر

غزة – مها شهوان

كل شيء متوقع حدوثه على هذه الأرض المقدسة التي يحتلها الغزاة، فصناعة الحياة فن لا يتقنه سوى الفلسطينيين ليعلنوا تمردهم على المحتل السارق لأرضهم، فالولادة والموت على حد سواء هي مناسبات يستغلها الفلسطيني لتحدي الاحتلال (الإسرائيلي).

على بوابة مخيم شعفاط كل شيء مختلف جنود تختفي ملامحهم خلف خوذة عسكرية، بينما يسطر مرابطون مقدسيون من أصحاب الأرض بعنادهم حكايات التحدي حتى انتزاع حقوقهم.

ولأن الأراضي المحتلة بلد التناقضات: الحب والحياة والسلام والموت والقهر والسجن، وقع مشهد على حاجز مخيم شعفاط المحاصر - يقع ضمن الحدود البلدية للقدس- حين جاء المخاض لسيدة مقدسية لم يسمح لها جنود الاحتلال بالخروج للولادة في مستشفى يجاور مخيمها.

بقيت السيدة عالقة داخل سيارة الإسعاف تصارع أفكارها ووجعها، فهل ستنجو وتحتضن ابنها، أم ستفارق الحياة؟ متى سيسمح لها الاحتلال بالخروج؟ فصرخاتها لم تشفع لها ليسمحوا لها بالمغادرة.

حبست أنفاسها قليلا، وسادت لحظة صمت حتى دوت الصرخة الأولى للصغير معلنا خروجه للحياة متحديا المحتل.

هذه الحالة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فكثيرة هي المرات التي بقيت فيها الأمهات الحوامل عالقات على الحواجز التي يضعها المحتل لعرقلة حياة الفلسطيني أينما كان في الضفة والقدس حتى الجنين في رحم أمه لم يسلم من تلك السياسة.

حدث الولادة لم يكن المشهد الوحيد على حاجز شعفاط، فكما لم يسلم الفلسطيني في حياته لاحقته قوات الاحتلال بعد الممات، هذا ما حدث حينما منع جنود الحاجز جثمان السيدة العجوز أم عطا الله من الوصول للمسجد الأقصى للصلاة عليها ولمقبرة الأسباط.

وفي تفاصيل المشهد حمل العشرات من أهالي المخيم جسد المسنة للصلاة عليها في المسجد الأقصى ومن ثم دفنها في مقبرة باب الأسباط كما جرت العادة، إلا أن المشيعين تفاجأوا حين أوقفهم جنود الاحتلال وأمروهم بالرجوع.

ما يجري في مغيم شعفاط حصار للموتى والأحياء على حد سواء، حاول أهالي المخليم كثيرا التفاهم مع الجنود ليتمكنوا من الصلاة في المسجد الأقصى لكن بقي الرفض سيد الموقف.

لحرمة الميت استسلم المشيعون وأدوا صلاة الجنازة على الحاجز، وبعد ساعات جاء القبول بخروج الجثمان مع عدد قليل لمواراته الثرى.

صمت المحاصرون، ارتعب المحتل أكثر، لكن لايزالون يقاومون حتى نيل حريتهم ورفع الحصار عنهم خاصة وأن غالبية المراكز الطبية والتعليمية تقع خارج المخيم ولا يستطيع أحد من السكان الخروج.

يذكر أنه لليوم الخامس على التوالي، يغلق جنود الاحتلال (الإسرائيلي) مداخل مخيم شعفاط ويحاصر سكانه ضمن سياسة الانتقام الجماعي، بعد عملية بطولية نفذها ثائر فلسطيني على الحاجز العسكري المقام على مدخل المخيم وقتلت مجندة ومجند وأصيب جندي آخر.

وعمدت سلطات الاحتلال لإغلاق المخيم بحجة أن منفذ العملية لا يزال يختبئ في مخيم شعفاط ويتلقى مساعدات من الأهالي ويخطط للوصول إلى الضفة الغربية المحتلة.

وأغلقت شرطة الاحتلال الطرق المؤدّية إلى المخيم والأحياء الفلسطينية المجاورة، وهي عناتا وضاحية السلام ورأس خميس ورأس شحادة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

البث المباشر