سؤال يتكرر في ذهن كل حُر شريف وغيور.. اتفاقيات ومعاهدات سلام عربية - صهيونية وقِعَت على مدار تاريخ مضى، ماذا استفاد العرب منها فعلياً، وأي من الأهداف حققوا، في حين أننا في المقابل نجد أن المستفيد الأول والوحيد من ذلك فقط؛ هو الكيان الصهيوني الذي احتل الأراضي وسلب خيراتها ومواردها "غازها، مياهها، أموالها".
وقد أثبتت التجارب على مر السنوات، بأن "إسرائيل" لا تسعى للسلام ولا تعمل من أجله؛ لأن ذلك يُخالف مبادئها التوسعية وحُلمها بالدولة اليهودية وحدودها الممتدة. فهي لا تسير إلا في طريق استراتيجياتها التي وضعتها خدمة لدولتها اليهودية، وهي تعمل وفق خطط علمية ومدروسة تحمي من خلالها نفسها وتسعى للبقاء.
اتفاقيات ومبادرات سلام مع "إسرائيل" كانت حاضرة منذ عقود، لم يجنِ العرب منها سوى التراجع الصهيوني المستمر والمتتالِ عن تطبيق تلك الاتفاقيات، ومنها عدم الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام1948م وعام 1967م، وكذلك الانسحاب من الجولان السورية التي احتلتها عام 1967م ومزارع شبعا اللبنانية المحتلة منذ عام 1982م، وام الرشراش التي تُعرف بإيلات وغيرها من الأراضي المصرية والأردنية التي ما زالت محتلة حتى الآن.
كانت بدايات تلك الاتفاقيات التي أضرت بالدول العربية وجعلت منهم لقمة سائغة وفريسة سهلة للاحتلال، اتفاقية "كامب ديفيد" 1978م، والتي بموجبها استطاعت "إسرائيل" التغول على الأراضي العربية والاستمرار في سياسة الاحتلال، أعقبها "واي ريفر" واتفاقية "وادي عربة" بين الأردن والكيان الصهيوني، ثم بعد ذلك توالت تباعاً العلاقات بين الاحتلال ودول خليجية ومغربية، جميعها ومع مرور الوقت أدت إلى تآكل القضية الفلسطينية، وهذا ما يؤسف له ويندى له الجبين، فالطرف المُطبع لا يملك أي ورقة من أوراق الضغط التي يمكن أن تُعيد "إسرائيل" إلى المفاوضات وإعادة الحقوق.
خلاصة القول، الاتفاقيات التطبيعيه التي استمرت بها بعض أنظمة الدول العربية، قوت شوكة الكيان الصهيوني وأعطته المجال للاستمرار في سياسته التوسعية لاحتلال المزيد من الأراضي الفلسطينية والبقاء جاثماً على الأراضي العربية. لذا، لا الاتفاقيات والمعاهدات، ولا التطبيع تُعيد أرض محتلة، لأن العدو الصهيوني لا يعرف إلا لغة واحدة هي لغة الحراب، فالسلام المزعوم الكاذب لا يُرجع حقوق مسلوبة. فقط المقاومة هي من تستطيع أن تُعيد ما احتلته "إسرائيل"، لأن ما أخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة.