منذ عام 1976، يحاول الاحتلال سلخ القدس عن عروبتها وإسلاميتها، ولكن مع أول عملية فدائية تخيب محاولاته ومخططاته، كتلك التي قام بها خيري علقم ابن القدس الذي يحمل الهوية (الإسرائيلية)، كما ولد وتربى في زمن تحكمه دولة الاحتلال، ولكنه رغم صغر سنه استطاع الحفاظ على عروبته التي لم ينجح الاحتلال في إبعاد الشباب المقدسيين عنها.
في القدس حالة خاصة، ولعل الاحتلال لم يستوعب حتى اللحظة أن الممارسات التي يمارسها على المقدسيين لن تلد إلا المقدسي الذي يجب عليه أن يقاوم للأبد، بل هو يعيش صراعا يوميا لحظة بلحظة ووجها لوجه، سواء كانت هناك عملية أم لم تكن.
زادت نسبة اعتقالات المقدسيين بنسبة 300 % منذ يوم الجمعة الماضية، ويرى موسى عكاري المختص بقضية القدس أن الحكومات (الإسرائيلية) التي تتعاقب لا تتعلم من سابقاتها، بل الفاشية تزداد كلما جاءت حكومة تلو الأخرى.
وبين عكاري في حديث لـ"الرسالة" أنه من الطبيعي أن تصطدم تلك الحكومات بجدار الصلابة الذي يميز شباب القدس، لأنهم يعيشون داخل هذا الكيان، ويعانون يوميا من التفاصيل العنصرية التي تمارس عليهم.
ويذكِّر عكاري بقصص البطولات قبل عام، التي أخرجت فادي أبو شخيدم، وقبل أشهر أخرجت عدي التميمي، واليوم خيري علقم، قائلا: "القدس ولّادة، وهؤلاء الثلاثة بالذات لاجئون من مخيم شعفاط وهذه رسالة أخرى: قضية اللاجئين لا تموت مهما حاول العالم والاحتلال قتلها".
حكومة الاحتلال -كما يتوقع عكاري- ذاهبة نحو تدهور آخر من خلال قرارات تتحدى فيها التجارب السابقة وستقع في الفخ مجددا، لافتا إلى أن تهديداتها بإعادة الكرّة في شهر رمضان، تعني أنها لم تتعلم من معركة سيف القدس، ونسيت الشباب المقدسي الذي لا يمل ولا يهزم.
بدوره قال الدكتور ناجح بكيرات نائب مدير عام الأوقاف الإسلامية في القدس إن الاحتلال حاول أن يذيب هوية المقدسي، لكنه لم يستجب، بل حافظ على هويته حتى اليوم، وهو منذ أكثر من سبعين عاما يعيش نفس ظروف الاضطهاد والحصار التي يعيشها أهالي غزة والضفة الغربية، وإن كانت الطرق تختلف..
ويرى بكيرات في حديثه لـ"الرسالة" أن الاضطهاد والاستهداف الدائم والحصار وجدار الفصل العنصري، والتهديد بالاعتقال وهدم البيوت، والمساجد، وحتى هدم المقابر، كل ذلك يعطي المقدسي دفعة للمقاومة والاستمرار، مؤكدا أن المقدسي وصل إلى لحظة لا يمكن فيها أن يتصالح أو يتعايش مع هذا الاحتلال.
ويسعى الاحتلال لتدجين المقدسيين بضخ أموال ضخمة في قلب المجتمع العربي، في محاولة لدمجه مع مجتمع الاحتلال، فعمل منذ 5 أعوام على بناء مدارس توفر التعليم المجاني وتطبق المنهاج (الإسرائيلي).
ويدير الاحتلال سلسلة ضخمة من النشاطات اللامنهجية، 90% منها تقريبا بعيدة عن الجانب السياسي، فيما تدس 10% السم في العسل للوصول إلى عقول شباب وأطفال القدس.
وحول ذلك يقول بكيرات: "لكن المقدسي شعب لا يخاف ولا يتغير فقد حافظ على هويته وعروبته منذ الأزل ولم يقبل بأسرلة المجتمع العربي. كما أن هذه الأموال هي (الأرنونة) التي يدفع منها المقدسي 100 مليون شيكل غير الضرائب وكلها من أموال المقدسيين".
ويتساءل بكيرات: "المقدسي مطلوب منه أن يجدد هويته كل عشرة أعوام، كيف يجدد صاحب الأرض هويته، ثم يكتب في هويته كلمة (مقيم) وهو مواطن، هذا الاحتلال يتعامل مع المقدسي وكأنه ليس له حق في الأرض!
وأكد أن المجتمع المقدسي يدفع ملايين الشواكل سنويا، ومن حقه الحصول على تعليم، وإقامة، وتراخيص بناء، ومدارس وحياة كريمة، لكنه مستنزف حتى في حقه بالحياة.