القاهرة-الرسالة نت
رفض مئات الآلاف من المتظاهرين المحتشدين في ميدان التحرير بالقاهرة ومدن أخرى خطاب الرئيس المصري حسني مبارك الذي اكتفى بإعلان عدم نيته الترشح مجددا للرئاسة، بينما كانوا ينتظرون تنحيه عن السلطة.
وبعد الخطاب مباشرة، توافدت مجموعات من المتظاهرين من المناطق المجاورة لميدان التحرير، معبرين عن تمسكهم بمطلبهم الأساسي وهو إسقاط الرئيس مبارك ونظامه.
وأعلن مبارك أنه لن يترشح مجددا للرئاسة، وسيعمل خلال الأشهر الباقية من ولايته على ضمان انتقال آمن للسلطة، كما أكد أن الأولوية الأساسية للاستقرار للسماح بنقل السلطة خلال الانتخابات الرئاسية.
ووصف المتظاهرون الخطاب بأنه حيلة من مبارك للتشبث بالسلطة، وأعلنوا أنهم لن يغادروا الميدان حتى يغادر الرئيس منصبه. وعلت هتافاتهم المطالبة برحيله الفوري دون إبطاء، قائلين "مش هنمشي.. هو يمشي".
كما هتف المتظاهرون بما سموه "قسم الثوار" الذي يقول "أقسم بالله العظيم أن أعمل على استمرار الثورة الشعبية جنديا في صفوفها، لا أغادر الميدان حتى يغادر مبارك ورموز نظام مبارك نهائيا هذا البلد".
مؤيدو مبارك
وفي المقابل ذكر التلفزيون الرسمي -الذي أغفل تغطية المظاهرات المليونية المناوئة للنظام- أن العشرات من مؤيدي مبارك تجمعوا في القاهرة بعد خطابه. وأظهرت الصور لافتة كتب عليها "نعم لمبارك".
وفي الإسكندرية قال شهود عيان للجزيرة إن محتجين اشتبكوا فترة قصيرة مع مؤيدين للرئيس المصري. وسمعت أعيرة نارية بينما توجهت دبابة إلى مكان الاشتباك.
وعرضت الجزيرة لقطات من هذه المدينة الساحلية لشبان يلقون الحجارة قبل أن يتفرقوا، بينما سمعت أصوات أعيرة نارية من بندقية آلية، وتقدمت دبابة نحوهم قبل أن تتوقف ثم تعاود الانسحاب، في محاولة لتفريقهم على ما يبدو.
وقال شاهد آخر لوكالة الصحافة الفرنسية "كنا متجمعين سلميا حين هاجمنا نحو 150 شخصا من جماعة النظام وأعضاء حزب مبارك يعرفهم سكان المنطقة، وكانوا مسلحين بالسكاكين والعصي".
وأضاف "أصيب الناس بالهلع وبدؤوا يركضون، لكن الجيش تدخل وأطلق النار في الهواء لتفريق المعتدين". وقال إن "الهدوء عاد بعض الشيء لكن المعتدين ما زالوا هنا".
وبدورهم قال شهود عيان آخرون إن مشاجرات محدودة وقعت بين المحتجين وأشخاص اندسوا بينهم يحملون أسلحة بيضاء. وقالوا إن أعيرة نارية أطلقت في الهواء لفض الاشتباكات.
وأفاد شهود آخرون بأن اضطرابات مشابهة وقعت في مدن السويس والإسماعيلية وبور سعيد، وجميعها تطل على قناة السويس شرق القاهرة. وأفادت مصادر للجزيرة بأن أشخاصا بزي مدني يحملون السلاح الأبيض اعتدوا على المتظاهرين في بورسعيد بعد انسحاب الجيش.
مظاهرات مليونية
وأمس الثلاثاء، تظاهر نحو ثمانية ملايين شخص بالقاهرة وسائر أنحاء مصر، في أضخم احتجاجات من نوعها في تاريخ البلاد في ثامن "أيام الغضب"، مطالبين بتنحي مبارك ونظامه عن الحكم.
ورغم دخول حظر التجول حيز التنفيذ الساعة الثالثة بعد الظهر بالتوقيت المحلي (الواحدة بتوقيت غرينتش)، واصل نحو مليوني شخص التظاهر في ميدان التحرير بقلب القاهرة، بعدما امتد تجمعهم إلى الساحات والشوارع المجاورة، بينما تظاهر زهاء ستة ملايين آخرين في مدن مصرية أخرى مرددين شعارات تطالب برحيل مبارك.
وفي تصعيد لأشكال الاحتجاج، تحولت شعارات المتظاهرين من "الشعب يريد إسقاط الرئيس" إلى "الشعب يريد إعدام الرئيس"، وشنق المتظاهرون في ميدان التحرير دمية تصور الرئيس مبارك، بعد محاكمة شعبية أقامها المحتجون له ولعدد من أركان نظامه.
وإلى جانب مبارك، شملت المحاكمة رئيس مجلس الشعب الحالي فتحي سرور، وأمين التنظيم في الحزب الوطني الحاكم رجل الأعمال البارز أحمد عز الذي أجبرته احتجاجات "جمعة الغضب" على الاستقالة من منصبه، ووزير الداخلية السابق حبيب العادلي.
وبدأت المحاكمة بوضع أربع دمى تمثل مبارك وسرور وعز والعادلي خلف القضبان، تلت ذلك قراءة لائحة الاتهامات الموجهة لمبارك، والتي تضمنت تهم "القتل الجماعي والإبادة الجماعية للمصريين"، و"سرقة أموال الشعب".