واضحٌ أنَّ الدُّبلوماسيَّة التي تتحرَّك فيها حركة حماس عبارة عن دبلوماسيَّة هادئة وناعمة، تُنجز أهدافها المطروحة على أجندة الحركة تدريجيَّاً، وقد نجحت حماس في تجاوز الأزمة السُّوريَّة على تعقيداتها، وباتت خلف ظهرها، كما وطَّدت علاقاتها بالجزائر على أعلى السُّلَّم القياديِّ في الدَّولة، ابتداءً بالرَّئيس والوزراء، وانتهاءً بالجيش، وهناك زياراتٌ إلى لبنان وإيران وروسيا، ومراسلاتٌ مع الصِّين، كما أنَّ علاقات حماس لا تزال قائمة مع ماليزيا وأندونيسيا وتركيا ومصر، وهناك محاولاتٌ لفتح علاقاتٍ مع السُّعوديَّة، واضحٌ لكلِّ من يتابع الشَّأن السِّياسي أنَّ حركة حماس تُفتَح أمامها أفاقٌ جديدةٌ في العلاقات السِّياسيَّة العربيَّة والدَّوليَّة، وهي تحاول استثمار هذا الجهد المبذول في تجميع الجهد العربيِّ لصالح القضيَّة الفلسطينيَّة، وإقناع الأطراف بأهمِّيَّة العمل المشترك، وتوحيد الجهود، خاصَّةً في ظلِّ الهجمة الشَّرسة التي يُنفِّذها المستوطنون وحكومة اليمين الفاشيَّة ضدَّ الأقصى، وكذلك الشَّعب الفلسطينيِّ في القدس والضِّفَّة الفلسطينيَّة.
كما أنَّ العلاقات التي تُقيمها حماس مع الدُّول، هي في معظمها علاقاتٌ سياسيَّةٌ ومع جهات الدَّولة الرَّسميَّة، وهذا يتَّضح من خلال الاتِّصال الذي عقده وزير الخارجيَّة الإيراني مع القائد يحيى السِّنوار، وهذا الاتِّصال له أكثر من اتِّجاه: الأوَّل:
• المكانة الكبيرة التي تُوْليها إيران لعلاقتها مع حركة حماس في المنطقة.
• الـتَّأكيد على أنَّ القادم من هذه العلاقة يتعلَّق بالتَّحالفات الجديدة، والتي لحماس نصيبٌ منها.
• واضحٌ أنَّ حماس تؤكِّد من خلال إشهار الاتِّصال وتناوله من قبل أصحاب الفكر والمُهتمِّين بالسِّياسة في الحركة، أنَّها تنظر إلى العلاقة مع إيران بنظرةٍ استراتيجيَّةٍ وليست تكتيكيَّة، وتبني على ما بعد الاتِّصال من زياراتٍ لطهران، والاستفادة من العلاقات الإيرانيَّة السُّعوديَّة.
• التَّواصل من قبل الخارجيَّة الإيرانيَّة مع قائد حماس في غزَّة، لهي تأكيدٌ من دول وقوى المحور أنَّ القدس هي الهدف، والمقاومة هي الطَّريق.
لا شكَّ أنَّ القائد السنوار له كاريزما خاصَّة في هذا المجال، وظهوره في المشهد هو إسنادٌ ودعمٌ من حركة حماس لمحور المقاومة، وتأكيدٌ على أنَّ حماس جزءٌ من محور القدس والمقاومة، وأنَّها حدَّدت طريقها وتحالفاتها مع قوى المقاومة، وأنَّ هذه التَّحالفات السِّياسيَّة تأتي في سياقات دعم المقاومة ضدَّ الاحتلال، لا بُعدَ طائفيٍّ لها كما يحلو لبعض المرضى، أنْ يزجَّ حماس بالطَّائفيَّة، ويُغرقها في صراعاتٍ تُمزِّق الممزَّق من الجسد العربيِّ والإسلامي...
حماس مع وحدة العرب والمسلمين، وبوصلتها القدس وفلسطين، التي هي الأدوات الجامعة والواضحة للأمَّة..
