قائد الطوفان قائد الطوفان

العدو يبتلع منجل الصمت في ذكرى معركة سيف القدس

د. خالد النجار
د. خالد النجار

د. خالد النجار

في الذكرى الثانية لمعركة سيف القدس والتي انتصرت بها المقاومة في إطار مرحلة استرداد الأرض والهوية والمقدسات، لا زال السيف مشرعًا، ولا تزال الساحات متماسكة، بل يتعاظم تماسكها، وتتعزز وحدتها، وتتجدد رؤيتها، وتشد بعضها بعضًا كبنيان مرصوص؛ تقاتل بصمت وبصخب في كل الساحات، تخطط وتنفذ، ترسم لوحة مشرقة لشعب حر، عُرف على مر العصور برباطة جأشه، وعظمة عزيمته، وصبره اللامحدود، وقوة إرادته الباسلة، وعقيدته الصحيحة، ومبادئه القويمة، واعتداله في الرأي والشورى، وحكمة ورجاحة عقله.

تمر علينا هذه الذكرى، ونحن في ظلال معركة واسعة في كل ساحات الوطن، وفي كل ميدان يشهد نزالاً ومواجهات مع الاحتلال بكل أشكال وأدوات المقاومة المشروعة، التي باتت تتعمق وتتسع دائرتها في الضفة كما الحال في غزة، ويدرك العدو أن هذه الأرض باتت حرامًا عليه، فلا بد لليل أن ينجلي، ولا بد للقيد أن ينكسر، ولا بد لهذا الشعب إلا الانتصار، وما فجر الحرية عنه ببعيد.

قرأ الاحتلال عوامل ودوافع معركة سيف القدس، والتي جسدت موقفًا شعبيًا ووطنيًا موحدًا للدفاع عن المسجد الأقصى، وحماية المرابطين فيه، ورفض صفقة القرن، التي يحاول العدو استثمارها على كل المستويات، سواء في الضفة أو القدس أو غزة، وعبر كل المراحل التي تُعقد خلالها المؤتمرات الدولية والتي ترفض سلوك الاحتلال العدواني تجاه الفلسطينيين وتندد بجرائمه التي يرتكبها في القدس، والتي كان آخرها اقتحام المتطرف الصهيوني ووزير ما يسمى الأمن الوطني "ايتمار بن غفير" للمسجد الأقصى تحت حماية مشددة من قوات الشرطة، بالإضافة إلى سحل المرابطين والاعتداء على المرابطات في الأقصى منذ اليوم الأول من شهر رمضان خلال هذا العام، الأمر الذي دفع قيادة المقاومة لاتخاذ خطوات جريئة ومهمة بتوجيه ضربات استباقية من عدة جبهات.

شكلت الضربة صدمة هائلة لمنظومة الأمن الصهيونية بعد أن فشلت في تقديراتها الاستخبارية بتحديد مكان وتوقيت ردود المقاومة على جرائم الاحتلال في القدس، حيث أشارت هذه التقديرات إلى "محدودية رد المقاومة، وعدم قدرتها على فتح جبهة قتال واسعة في هذا التوقيت"، ما أصاب الاحتلال بالفشل الذريع في تقديراته الاستخبارية والتي أخفقت للمرة الثانية بعد إخفاقها في تقدير مستوى الردود العملياتية للمقاومة في معركة سيف القدس، رغم التحذير الأخير الذي صرح به قائد أركان كتائب الشهيد عز الدين القسام محمد الضيف "أبو خالد"، والذي لا يزال درعًا للقدس وسيف.

التاريخ يعيد نفسه، وحلقات الأحداث تتواصل؛ وبعد أن اعتقد العدو أنه يمتلك القدرة على تفكيك الساحات، وضرب محور المقاومة، فشلت منظومته الأمنية للمرة الثانية على التوالي في تقديراتها الاستراتيجية والمتعلقة بجهوزية المقاومة، وبعد أن أقدمت طائرات العدو على اغتيال ثلة من قادة سرايا القدس في غزة، في إطار البحث عن استعادة الردع المفقود، واجه العدو استراتيجية جديدة أعدتها المقاومة وقد فشل العدو في تقديرها؛ استراتيجية الصمت الرادع، والتي تسبق رد المقاومة على جريمة الاغتيال، إذ يخيم الرعب على كافة المدن المحتلة، ويبتلع العدو منجل الصمت، ولم يستطع تفكيك ما يجول في عقول قادة المقاومة التي تبنت هذا الخيار لتصفية الحساب مع العدو، بالدم والنار.

البث المباشر