رياح التغيير.. هل تحرك الملفات الفلسطينية العالقة؟

غزة - فايز أيوب الشيخ

"المفاوضات، المصالحة، الحصار، وملف شاليط".. ملفات ارتبطت بشكل كبير بالنظام المصري المهدد بالسقوط، فبعد الأحداث التي تشهدها مصر في الوقت الراهن، بات مستقبل تلك الملفات محل جدل وأسئلة كثيرة لدى الساسة والمراقبين.

انفراج اتوماتيكي

وفي هذا السياق يرى النائب المستقل الدكتور حسن خريشة، والذي عبر خلال مشاركته في مظاهرات الضفة الغربية عن فرحته وفرحة الشارع الفلسطيني بالتغيير في مصر، يرى أنها "ملفات سوف تنفرج وتتفكك أوتوماتيكيا لصالح الشعب الفلسطيني".

وأضاف: "إن رياح التغيير عندما تهب ستعيد للقضية الفلسطينية محوريتها ومركزيتها، وسوف تعيد لمصر وجهها التاريخي والحضاري، وستقوي الدور العربي لمواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة"، مؤكداً أن مصر بعد التغيير سوف تخرج من دائرة التجاذبات الأمريكية والتحالفات الغربية التي شكلت بالنسبة للصهاينة طوق نجاة من كل أزمة يمرون بها.

وأشار خريشة في حديثه لـ"الرسالة" إلى أن المفاوضات ستسير بالاستناد إلى قوة عربية متمحورة في دول الممانعة بالتحديد المعسكر السوري و"المصري الجديد"، بالإضافة إلى العمق التركي والإيراني، ومرتكزة بذلك إلى محوري المقاومتين الفلسطينية واللبنانية، كما قال.

وأكد خريشة "أن حصار غزة سينتهي، وبالتالي ستصبح غزة محررة ولها بعد وعمق استراتيجي مع مصر بثقلها ووزنها واقتصادها"، معتقداً أن مصر ستكون قاعدة انطلاق لتحفيز المقاومة عند كل الفلسطينيين سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة.

ملفات هامة ستنجز

وبما يتعلق بالمصالحة، اعتبر خريشة أنها "ستصبح بحكم المنتهية والمنجزة، على اعتبار أن نظام مبارك لعب دوراً غير حيادي بشكل أو بآخر لتعطيلها استجابةً للضغط الأمريكي والصهيوني والذي كان واضحاً من خلال تقوية سلطة فتح على حركة حماس"، على حد تعبيره.

وعرج خريشة على "ملف شاليط" قائلاً:"أنه سينتهي بصفقة مشرفة للشعب الفلسطيني"، عازياً السبب إلى أن مصر بنظامها الجديد سيكون لها ثقلها ودعمها لقضية الأسرى الفلسطينيين، معرباً عنه اعتقاده بأن الجانب الصهيوني سيضطر في نهاية المطاف إلى إنهاء ملف أسيره لدى المقاومة بشكل سريع على أمل أن يتم تأجيل الصراع مع الحليف الجديد للمقاومة "مصر".

وبالمقابل رأي خريشة:"أن الكيان الصهيوني سيحاول كسب المزيد من الوقت لدراسة الوضع السياسي بعد خروج مصر من التحالفات القديمة وعودتها إلى الصف العربي"، مضيفاً:"إن الاحتلال سوف يعيد كل حساباته وتحالفاته في المنطقة العربية (..)ويقيم اعتماده على دول تبين أن أنظمتها هشة ودكتاتورية".

انعكاسات ايجابية

من جهته اعتبر المحلل السياسي والاستراتيجي محمد مصلح، أن الانعكاس الإيجابي يتوقف على نجاح الثورة المصرية في تغيير النظام المصري.

وعلى فرض أن يتسلم عمر سليمان رئاسة مصر بدلاً من مبارك، فقد رأى مصلح بأن الأمور ستبقى كما هي، كون سليمان شخصية مقبولة للكيان الصهيوني، لافتاً أن هذا ما صرح به أكثر من مصدر صهيوني بأن الأمور ستكون مستقرة بوجود سليمان، مستدركاً:"ممكن أن تبقى السياسة المصرية بسليمان قائمة مع بعض التغييرات البسيطة في اتجاه الملفات الفلسطينية".

ورأى مصلح في التوافق المصري على تولي سليمان الرئاسة –إن حدث-فإن الأخير لن يخرج عن سياسة مبارك لأنها كما قال مصلح "عقيدة وفكرة ستبقى تحكم النظام المصري طالما وُجدت في هذا النظام رموزه القديمة ولن تتغير السياسة العامة، إلا بالقليل تجاه القضايا المتعلقة بالشأن الداخلي فقط ".

وتابع :"إذا تولى سليمان الرئاسة فسوف تبقى السياسات الخارجية والإقليمية لمصر على حالها، كما أنه لن يتجاوز الاتفاقيات المعقودة مع الكيان الصهيوني".

أما رئيس تحرير القدس العربي عبد الباري عطوان فقال: "إن بنيامين نتنياهو بدأ ينزل من عليائه، ويتعاطى بشكل مختلف مع قضايا طالما تصلب فيها، فها هو يتحدث للمرة الأولى عن رفع المسؤولية الإسرائيلية عن البنية التحتية في قطاع غزة، والدفع بمشاريع دولية تتعلق بالصرف الصحي والكهرباء والماء، وتعزيز الوضع الاقتصادي لدى الفلسطينيين في الضفة الغربية"، مؤكداً أنه لم يقدم هذه التنازلات مرغماً ومكرها، والفضل في ذلك لا يعود إلى براعة المفاوضين الفلسطينيين، وإنما إلى عملية التغيير الجارفة التي تسود المنطقة بأسرها.

ملفات خاصة جداً

وفيما يتعلق بملف الجندي الأسير لدى المقاومة الفلسطينية "جلعاد شاليط"،  فقد اعتبر مصلح أنه "ملف خاص جداً"، ولا يمكن أن تؤثر فيه أي تغييرات في السياسة الإقليمية، ولاسيما في مصر، مشيراً إلى أن ملف "شاليط" له علاقة بموقف المقاومة الثابت بعدم تنازلها عن شروطها، منوهاً إلى أن  "يوفال ديسكن" صرح قبل أيام "أن حماس غير مستعدة للتنازل عن شروطها في أي ظرف سياسي متغير".

كما أكد مصلح بأن ملف المفاوضات مع الاحتلال هو الآخر "خاص جداً" لأنه يرتبط باتفاقية "كامب ديفيد" الأولى التي وقعها الرئيس المصري السابق أنور السادات مع الكيان الصهيوني، مشيراً إلى أن حساسية القضية الفلسطينية يدركها كل رئيس مصري يأتي سواء الآن أو في مراحل لاحقة، مستشهداً بما قاله السادات في تلك الفترة "أنه لن يكون هناك سلام في المنطقة إلا بحل عادل للقضية الفلسطينية".

وعاد مصلح ليؤكد بأن ملف المصالحة الفلسطينية الذي كان بيد نظام مبارك يمكن أن يرى النور في ظل السياسة المصرية الجديدة وعدم تبنيها للمصالحة حسب الرؤية الصهيونية والأمريكية كما كانت في السابق.

وأضاف: "إذا نجحت الثورة وكونت نظاما وطنيا جديدا، فإن ذلك سيكون لها تأثيرات كبيرة على الواقع الفلسطيني بما في ذلك المصالحة، حيث ستفقد سلطة فتح قوتها ودعمها من النظام المصري المرتبط بمصالح واتفاقيات مع الكيان الصهيوني أدت إلى تعطيل المصالحة"،  متابعا: "كما سيتوقف الدعم المطلق لسلطة فتح على حساب المقاومة تحت مزاعم أن المقاومة وحركة حماس والحكومة في غزة لها علاقة بالإخوان المسلمين".

واستبعد مصلح أن يحدث تغيير سريع على صعيد القضية الفلسطينية وملفاتها الرئيسية، لأن الحكومة الجديدة ستعطي الأولوية لحل القضايا الداخلية(..) كالتغيير والحريات والدستور والانتخابات ، ما يجعل الثورة تنشغل لعدة أشهر أو سنة أو أكثر".

وزاد مصلح "في النهاية سنلحظ تغييرات حتى أثناء مدة الإصلاحات وخاصة فيما يتعلق بالحصار على غزة، وسوف تنفرج الأمور وتتفكك نوعاً ما أمور متعلقة بالمعابر وحرية الحركة والتنقل بين البلدين وإدخال الوسائل الغذائية والدوائية وغيرها من تلك الوسائل التي تساعد في تخفيف الحصار عن الشعب الفلسطيني، وسوف نلمس بعض الانفراج الاقتصادي والسيادي ما بيننا وبين مصر وخاصة بما يتعلق بالمعابر" .

واستدرك مصلح بأن هناك مسألة مهمة جداً وهي "هل أن إسرائيل ستبقى متفرجة على ثورة مصر باعتبارها تهديدا وجوديا للكيان الصهيوني..؟ قائلاً: "هذا ما يجب أن نأخذ بالنا منه جيداً لأنه بنجاح الثورة سيكون هناك تغييرات على صعيد استراتيجيات الاحتلال الأمنية"، غير مستبعداً  أن تعيد "إسرائيل" إستراتيجية ما قبل "كامب ديفيد" وهي أن قطاع غزة مجال حيوي لـ"إسرائيل"، في أن هذا ما ينادي به بعض الزعماء الإسرائيليين باحتلال محور "فيلادلفيا" وقلب كل الموازين السياسية وقلب كل المعاهدات، حسب رأيه.

 

البث المباشر