قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: انتصر الكف المقاتل على المخرز في جنين

بقلم: عزات جمال
بقلم: عزات جمال

فصل جديد من فصول الصمود والتحدي والانتصار تكتبه جنين وشعبنا الثائر المجاهد بمداد من نور، ومرحلة مهمة من مراحل تطور الأداء المقاوم ليس في جنين لوحدها بل في عموم الضفة الغربية المحتلة سيكون لها الأثر الكبير في مزيد من استنهاض الأحرار والثوار لينخرطوا ضمن صفوف الثورة المتصاعدة والمقاومة الفلسطينية الواعدة، التي تشق طريقها بثبات وتقدم منذ معركة سيف القدس الخالدة، وباتت أمل شعبنا في الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك وعن مدننا وقرانا في وجه عدوان الاحتلال المتصاعد الذي يستهدف وجودنا.

إن انتصار هذه الفئة القليلة المؤمنة من المقاومين في جنين على العدو الصهيوني المحتل، بل وافشالها لهذا العدوان البربري الذي كان يستهدف استئصال شأفة المقاومة وإخماد جدوتها المتقدة وانتزاع رغبة القتال من صدور شعبنا وأبطالنا، لهي ترجمة فعلية وحقيقية لما يمكن أن يحدثه الإيمان الراسخ والإرادة الصلبة والإعداد الجيد من قلب للموازين وكسر لإرادة الاحتلال وجيشه المعتدي، وتحقيق نصر يفتخر به شعبنا وأمتنا.

يحق لشعبنا الفلسطيني أن يفتخر بجنين وبتجربة أبطالها الرائدة التي خاضها المقاومون الموحدون من كل القوى والفصائل، التي أظهروا عبرها لكل العالم بأس جنين وبأس الشعب الفلسطيني الحر الأبي، الذي يرفض أن يفرط بقدسه ومسجده الأقصى وحقوقه الثابتة، وكيف هزموا وحدات النخبة الصهيونية في شوارع وحارات المدينة الثائرة وعلى تخوم المخيم الصامد العنيد، عندما أوقعوا القوات الغازية المعتدية في مجموعة من الكمائن المحكمة التي أسفرت عن مقتل وجرح الجنود الصهاينة وأجبرتهم على التراجع صاغرين، إضافة لقدرة المقاومة الفلسطينية في ظل الإجراءات الأمنية المعقدة من استهداف المستوطنين الغزاة في شوارع عاصمة الكيان "تل أبيب" من خلال الشهيد المشتبك عبد الوهاب خلايلة الذي انطلق من مدينة الخليل جنوب الضفة، حيث تزامن تنفيذ هذه العملية البطولية مع انعقاد المجلس الأمني المصغر لكيان الاحتلال فكانت مفاجأة صادمة للكيان من حيث الزمان والمكان وأثبتت مجدداً مصداقية المقاومة الفلسطينية وجرأتها.

إن هذا النصر المهم لم يكن ليتحقق دون تضحيات فقد ارتقت كوكبة مباركة مكونة من اثني عشر شهيد من خيرة أبناء جنين رحمهم الله وصبر أهلهم وذويهم، وأصيب العشرات من المدنيين وهدمت البيوت الآمنة وخربت الشوارع والمرافق، كل ذلك تعمدت آلة حرب الاحتلال فعله في محاولة منها لكسر روح الثورة ولإحداث شرخ ما بين المقاومين وحاضنتهم الشعبية في جنين، في محاولة بائسة لتشكيل المزيد من الضغط على المقاومة، إلا أن ذلك لم يزد شعبنا وأهلنا إلا إلتحام مع المقاومة وأبطالها، وقد ظهر ذلك في محاولة توفير شعبنا لكل ما يمكن أن يعزز صمودهم ويثبتهم في مواجهة العدوان الهمجي.

إن لهذا الانتصار المهم استحقاقات تفرضها المرحلة الحالية التي يعيشها شعبنا الفلسطيني المقاوم، وهي تزيد من العبئ والمسؤولية الملقاة على كل من قيادة المقاومة الفلسطينية وعلى عموم شعبنا الفلسطيني على حد سواء ، فأما المقاومة الفلسطينية فهي مطالبة بإدامة تطوير الأداء واستحداث المزيد من الوسائل القادرة على لجم العدو المعتدي وتدفيعه ثمن إجرامه، ومواصلة مراكمة القوة في كل ساحات الوطن ورفع مستوى التنسيق مع الجبهات المحيطة في فلسطين خاصة في دول الطوق، ليتحقق المزيد من التقدم في هذا المسار الاستراتيجي الذي يلتف شعبنا الفلسطيني حوله اليوم بكل قوته، كما أن هناك عبئ متزايد على شعبنا الفلسطيني المقاوم في عموم ساحات الوطن وخاصة في الضفة الغربية المحتلة والقدس والداخل بأن يكون متأهب وجاهز لاحتضان وإسناد المقاومة ومقاتليها بكل ما يستطيع من وسائل وبأن ينخرط إلى جانبهم للدفاع عن نفسه وعن مقدساته وأرضه، فهذه أمانة فردية ودين لفلسطين في عنق كل واحد منا، خاصة أذكر بهذا اخوتنا أبناء الأجهزة الأمنية الفلسطينية الذي يسعى الاحتلال لاستخدامهم في مواجهة شعبهم وأهلهم من المقاومين ويزج بهم لحماية أمن المستوطنين الذين يحرقون مساجدنا وقرآننا ومدننا وقرانا بكل وحشية، ويهددون بكل صلف بأن يعيدوا تنفيذ مجاز دموية بحق شعبنا، كالتي نفذوها إبان النكبة واحتلال فلسطين أمثال دير ياسين، إن التاريخ كما يسجل في صفحاته بمداد من نور البطولات والتضحيات، ويرفع قدر من قدموها في معركة الحرية، فهو يسجل غدر الغادرين وتآمر المتآمرين على شعبهم وأهلهم وأمتهم، فكونوا في صف الثورة والمقاومة حيث شعبكم وأهلكم، وذروا العبيد تجار التعاون الأمني مع عدونا المحتل.

كما لا ننسى واجب الأمة كل الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم، فواجبهم لا يقل عن واجب الشعب الفلسطيني المقاوم، فهم مطالبون بدعم شعبنا وإسناده في معركته التي يخوضها للدفاع عن مقدساته الإسلامية والمسيحية، ولتعلموا بأن هذا الانتصار المبارك في جنين ما كان له أن يكون دون دعم وإسناد من كل حر في فلسطين وخارجها قاتل وعاند ليثبت هذه الفئة

الطيبة المباركة ويدعم صمودها على أرضها، وهذا واجبكم الذي ستحاسبون عليه أمام الله ثم التاريخ؛ ماذا قدمتم لدعم الشعب الفلسطيني المقاوم عندما كان يواجه هذا الكيان الصهيوني المدعوم بسخاء من كل قوى الشر في هذا العالم.

البث المباشر