لم تستسلم عائلة الشهيد اياد الحلاق لجريمة قنص جندي (إسرائيلي) وهو بطريقه إلى مدرسته الخاصة لذوي الاحتياجات الخاصة (للتوحد) في أيار 2020، فقد رفعوا قضية لمحاسبة الجندي الذي تعمد ملاحقته وإعدامه ميدانيا في القدس.
فاستهداف شاب أعزل يعاني طيف التوحد يعتبر جريمة إنسانية، فهو لم يفعل أي شيء، فقد كان في طريقه وربما قام بحركات ذعر بعدما أفزعه الجنود، فعقله كما تقول عائلته لازال في عمر الثماني سنوات.
وبعد مرور ثلاث سنوات، أصدرت المحكمة حكمها الجائر حيث نص القرار على تبرئة الشرطي القاتل من تهمة (الإماتة بتهور) وهي تهمة توفر للقضاء (الإسرائيلي) مساحة أكبر للمناورة من الناحية القانونية فيما يتعلق بجرائم القتل.
ورأت المحكمة أن الضابط الذي تتم محاكمته (أخطأ في اعتقاده أنه يتعامل مع إرهابي مسلح شكل خطرا حقيقيا)، مضيفة أن الضابط أبدى ندمه على هذا الخطأ، وأنه لم يكن يعلم أن إياد شخص بريء من ذوي الاحتياجات الخاصة.
احتجت عائلة الشهيد الحلاق على القرار الصادر عن المحكمة، عقب مماطلة طويلة من السلطات القضائية (الإسرائيلية) التي تنظر في هذه الجريمة منذ نحو ثلاث سنوات.
بعد إصدار القرار بكت والدته قهرا وقالت:" 3 سنين بنام بسريره، ما حد بعرف ايش هو بالنسبة الي (..) والله هاد حبيبي.. ربنا له حكم"، مضيفة: ابني كان عاقل دائما أذكره ولم أنسه لحظة فهو حبيب الروح".
ويؤكد المحامي خالد زبارقة أن قرار المحكمة (الإسرائيلية) أعطي شرعية لقتل الفلسطيني بمجرد أي شبهة، مبينا أن ما جرى بحق الحلاق هو جريمة مكتملة الأركان حيث لم يكن هناك سبب لإطلاق النار.
ولفت زبارقة إلى أن في القرار تجليا واضحا لنظام الفصل العنصري القضائي الذي يمارس داخل (إسرائيل)، موضحا أن هناك قرارات تتعلق باليهود حين يكون الضحية عربيا فلسطينيا، وأيضا هناك قرارات مختلفة للمحاكم (الإسرائيلية) حين يكون المتهم عربي.
وفي ذات السياق يقول المقدسي نجيب عنان إن المجتمع (الإسرائيلي) عبر على منصات التواصل الاجتماعي عن سعادته بقرار القضاء الصهيوني ما يدلل على عنصريته وحبه للانتقام وتشجيعه للقتل، لافتا إلى أنهم مجتمع استعماري لا يعيش إلا على دماء الشعب الفلسطيني.
ويرى عنان أن قرار المحكمة هو رسالة لأصحاب نهج مخاطبة المجتمع الصهيوني الاستعماري بان هذا النهج يعطي شرعية لقتل الفلسطيني.
وذكر (للرسالة نت) أن دورهم كمقدسيين يكمن بأن يكون بالمستوى المطلوب حيال هذه الجريمة التي ارتكبها القضاء استكمالا لجريمة فعل القتل الذي قام به جندي بحق الشهيد اياد الحلاق من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وأشار إلى أنه من البداية كان يجب أن تكون المرافعات القانونية واسعة تشترك بها كافة المؤسسات الحقوقية المدافعة عن الحق الفلسطيني، لافتا إلى أنه كان يجب أن يتم نقل ملف إدانة هذا الجندي القاتل وكيانه إلى المحاكم الدولية.
ولفت إلى أن القدس تفتقر للقيادة السياسية والمرجعية الوطنية الشاملة التي من اختصاصها إدارة هذه الملفات التي تحفظ حقوق الشعب.
والد الشهيد يصرخ
قرار المحكمة (الإسرائيلية) بتبرئة الجندي القاتل يمنح الضوء الأخضر لتكرار الجريمة، ودليل على أن القضاء (الإسرائيلي) يفتقر لأدنى المعايير القانونية لاسيما وأنه يتغاضى بشكل صارخ عن التطرق للبينات والأدلة، وإفادات الشهود التي قدمت بالقضية لصالح رواية العائلة، ولحقيقة ما حدث من إعدام للشهيد إياد الحلاق".
واعتبرت مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان، والطاقم القانوني الموكل باسم العائلة، في بيان نقلته (الرسالة نت)، أن القضاء (الإسرائيلي) "يقتل إياد الحلاق مرة أخرى".
وشددت ميزان والطاقم القانوني الموكل باسم العائلة، على ضرورة أن يُقدم قسم التحقيق مع الشرطة (ماحاش) الذي يترافع في الملف استئنافا للمحكمة العليا على ملاحقة الشرطي المجرم الذي قتل إياد الحلاق من ذوي الاحتياجات الخاصة، بأكثر من رصاصة مزقت جسده.
وذكر البيان أن مبررات المحكمة وتعليلاتها لبراءة القاتل، تحمل أخطاء قانونية كبيرة، إذ أنّها قبلت ادّعاء القاتل بالدفاع عن النفس "الوهمي"، الذي شعر بها القاتل حين أطلق النار على الشهيد الحلاق".
وأضاف:" نرى خطورة هذا القرار بأنّه يعطي الضوء الأخضر ويمنح الشرعية لممارسة مزيد من القتل بحجج وذرائع وهمية، ويؤدي إلى مزيد من انتهاكات حقوق الإنسان وأهمها الحق في الحياة".
وبعد إصدار الحكم قال والد الشهيد الحلاق: "عار على المحكمة!، لليهود نظام قضائي وللعرب نظام آخر، أنتم جميعًا إرهابيون! ابني تحت الأرض!".