كما يتحايل الاحتلال في إنشاء جمعيات استيطانية متخصصة لسرقة الأراضي الفلسطينية، يدشن أيضا جمعيات أخرى لتخترق المجتمع الفلسطيني في محاولة لبث معتقداته السامة والتأثير على مختلف سلوكيات الحياة، لاسيما في المجتمعات التي يسيطر عليها كما في الداخل المحتل.
ورغم أن تلك الجمعيات والمشاريع التي تقودها أذرع الاحتلال (الإسرائيلي) المختلفة من أجل سلخ الأجيال الفلسطينية الصاعدة في الداخل المحتل عام 1948 عن هويتها الوطنية الفلسطينية والعربية، وذلك تحت مظلات ومسميات لامعة، إلا أنها لا تجني الأهداف التي تسعى إليها.
في الأسابيع الأخيرة وبشكل لافت هاجمت جمعية "عتيدنا" (الإسرائيلية) قيادات فلسطينية بأراضي48 المحتلة، وذلك على خلفية دعواتهم لمقاطعة الجمعية التي كشفت صحيفة (هآرتس) العبرية مؤخرًا أنه يقف ورائها أشخاص محسوبون على اليمين (الإسرائيلي).
ومنذ سنوات وبشكل مريب تضخ الجمعية أموال كثيرة على الإعلانات الممولة على الفيسبوك ولافتات الشوارع للوصول إلى البيوت الفلسطينية في الداخل المحتل.
ما هي جميعة عتيدنا؟
حركة مسجلة كجمعية تهدف لتعزيز اندماج فلسطينيو الداخل في المجتمع (الإسرائيلي) ومؤسساته كمواطنين يعترفون بدولة (إسرائيل) على أنها (دولة يهودية وديمقراطية) كما تُعرف نفسها.
وتنشط في عدة بلدات فلسطينية مثل طمرة، شعب، شفا عمرو، الطيبة، كفر مندا، عرعرة النقب، نحف، ترشيحا، دير الأسد.
ونشر حول الحركة عدة تقارير ومنشورات كشفت عن بعض جوانب مشروع (الأسرلة) القابع ورائها وارتباطاتها العميقة بمشاريع الخدمة المدنية والخدمة العسكرية والكشف عن الخلفيات المشبوهة لمؤسسيها اليهود وخلفيتهم الأيدلوجية والعسكرية، وبعض مؤسسيها العرب وتاريخهم في تشجيع الخدمة المدنية.
كما وتحاول جمعية (عتيدنا) التغلغل في أوساط الشباب الفلسطيني في الداخل المحتل، تحت لافتات براقة تسعى من خلالها إلى تذويبهم في مشروع الأسرلة الصهيوني، الذي جاء ليكرّس مفهوم الدولة اليهودية، تحقيقًا لقانون القومية، ودعت السلطات المحلية الفلسطينية لعدم التعامل مع الجمعية وغلق كافة الأبواب أمامها.
كما ومن أهداف هذه الجمعية، خلق جيل فلسطيني متأسرل يقبل بالآخر الصهيوني اليهودي ومندمج في مؤسسات الدولة ويعترف بالكيان (الإسرائيلي) ويتنكر لهويته الفلسطينية العربية ومقتنع بالواقع ويعيشه، وكل ذلك على طريق تحقيق شراكة عربية-يهودية ودمج الفلسطيني في المجتمع (الإسرائيلي) وإيصال قادة وزعماء من هؤلاء إلى الكنيست الصهيوني من أجل تمثيلهم.
تلك السياسيات التي يتبعها الاحتلال عبر جمعياته المختلفة، لم تؤت أكلها مع الفلسطينيين في الداخل، لذا تحاول السلطات (الإسرائيلية) بمختلف مشاربها التنويع بهذه السياسة لتحصيل ما يمكن تحصيله، في محاولة طمس هوية الفلسطينيين في الداخل".
حيث أن 2 مليون فلسطيني في الداخل المحتل، لديهم نسبة وعي وحس وطني عالي، وحاجز الخوف كسر، لذا يواجهون مخططات الاحتلال عبر الدروس اللامنهجية في المدارس.
****صهر الوعي الفلسطيني
يقول أسامة الرشق الحقوقي إن الداخل المحتل شهد خلال السنوات العشر الأخيرة، موجة من تأسيس البرامج والمؤسسات (الإسرائيلية) التي تعمل بشكل أساسي على صهر الوعي الفلسطيني في قالب مراكز خدمات للجمهور ودورات صيفية وتعليمية.
وأوضح الرشق أن جمعية "عتيدنا" كغيرها من مؤسسات الاحتلال التي تحاول اختراق العقول الصغيرة من الأجيال الفلسطينية التي تسكن قرى ومدن الداخل المحتل عبر اغراءهم بخدمات ترفيهية وصحية، مشيرا إلى أنه في كثير من الأحيان يعلن الاحتلال عن رحلات ترفيهية وتحدد الوجهة بمدينة الملاهي لكن يكتشف المسجلين أنهم في جولة سياحية داخل احدى المستوطنات.
ويذكر أن الاحتلال زاد بعد حاثة محمد أبو خضير 2014، وتيرة محاولة طمس الهوية الفلسطينية، لاسيما حين تفاجئ المحتل بحالة العصيان المدني من الصغار، وبعدها بدأت السلطات في قياس كل حادثة لتدرك أن لكل فعل ردة فعل فرضها الجيل الفلسطيني الجديد.
ولفت الحقوقي إلى أن (إسرائيل) تلاحق كل من ينتقد أو يتحدث ضد المراكز تحت مسمى التحريض.
وفي ذات الوقت أكد الرشق أن تلك المراكز التي تسعى لتشويه الفكر الفلسطيني، تنعش وتزيد وعي الجيل الجديد تجاه الأساسيات الوطنية وتجعله يدرك أنه يعيش تحت الاحتلال وعليه أن يقاومه حتى التحرير.
وبدورها ذكرت فادية أبو الهيجا الناشطة السياسية في الداخل المحتل، أن جمعية (عتيدنا) ما هي إلا تلاقي مصالح ما بين أطماع مالية الميزانيات الكبيرة المخصصة للشبيبة العربية وبين أهداف الأسرلة والصهيونية المؤسسين للجمعية.
وتقول أبو الهيجا (للرسالة نت):" الجمعية أسست لمحاولة إقصاء هويتنا وقضيتنا وعروبتنا ولاستخدام شبابنا في تشويه الوعي الوطني وخلق هوية مرنه بالتعاطي مع القضايا الوطنية وإعادة توصيف الصراع العربي الاسرائيلي بصراع لا يتعدى حقوق مدنية وخدمات حياتيه".
وأضافت:" عتيدنا هي توجه لإعداد مجموعات عربية للاندماج ضمن فرق للدفاع عن (إسرائيل) أمام حركة المقاطعة BDS وتشجيع الخدمة العسكرية بين الشباب العرب عبر نشر ومشاركة قصصهم"، لافتة إلى أن ذلك مستوى عالي من التآمر والاستهداف لأبناء شبابنا العرب وضد الهوية الفلسطينية.
وأكدت أنه من البداية تم فضح وكشف الجمعية بأهدافها ومطامعها، وأصبحت مرفوضة اجتماعيا، وهنالك أحاديث ما بين الجمهور بخصوص رفض البرامج في البلدات الفلسطينية المحتلة.