محمد فايز الإفرنجي
فرحة عارمة خرج فيها عشرات الآلاف من المواطنين الفلسطينيين بقطاع غزة تزامناً مع الإعلان عن تنحي مبارك ونظامه, أصوات الرصاص تزغرد بالهواء, هتافات, سيارات تترك لأبواقها العنان لتنفس هي الاخري عن فرحتها, شيباً وشباناً أطفال ونساء خرجوا في ليلة يسودها البرد القارص, لم يمنعهم بردها من مشاركة أشقائهم المصريين فرحتهم وابتهاجهم بنجاح ثورتهم وتحقيق أهدافها, رغم ما دفعوا من دماء للشهداء والجرحى حتى حققت أهدافها السامية, المشروعة, لإسقاط طاغية استمرئ الحكم والظلم على هذا الشعب العظيم ثلاثون عاماً.
كان اللا مبارك من أوائل من حاصر قطاع غزة, وكان الضلع الرئيسي في مثلث الظلم في قتل وحبس وحصار مليون ونصف من الفلسطينيين بالقطاع تماشياً مع مطالب الاحتلال وأعوان الاحتلال, هذا النظام الفاشي الذي هدم أنفاق العيش وقتل العديد من أبنائنا بالغازات السامة وبالتفجيرات لهدم الأنفاق فوق رؤوس أبنائنا الذين كانوا يسعون ويضعون أرواحهم في أكفهم للحصول على علبة حليب أو شريط دواء أو وقود لتسير به سيارة توصل أبنائنا إلي المدارس أو المستشفيات.
حاصرنا ومنع عنا الدواء والغذاء, عطل قوافل تأتي بالمساعدات لنا, منع الكثير منها بالوصول, وضع عقبات لا تطاق في طريقها, صادر الكثير من محتوياتها بحجج واهية, بل سرق الكثير من حمولتها في اغلب الأحيان.
منع دخول المرضى والجرحى وعطل دخول الكثير منهم, فما كان مصير المئات إلا الاستشهاد على آسرة المرض في المستشفيات أو في سيارات الإسعاف التي كانت تنتظر السماح لها بالدخول عبر معبر رفح.
هي غزة إذاً لها كرامات خاصة فمن ظلمها لا بد أن يصاب بلعنتها, فغزة أرض الجهاد أرض الرباط والنضال لا بد أن يكون لها خاصية عند الله في الانتقام ممن يعذبها ويحاصرها فيذوق الخزي بالدنيا وفي الآخرة عذاب شديد.
لقد ذاق مبارك مرارة الخزي والعار في الدنيا وهو في أرذل العمر, فطرد من الملايين من أبناء مصر ارض الكنانة والفداء, رفعت في وجهه الأحذية أثناء خطابه الأخير فلم يفهم سوى هذه اللغة التي سارعت في تنحية على لسان "المتجهم نائبة عمر سليمان" صاحب التاريخ الطويل في فرض الإملاءات على الشعب الفلسطيني وقيادته المنتخبة لإرضاء الاحتلال تارة ولإرضاء أعوانه تارة أخرى, فهو صاحب الورقة المصرية وهو صاحب المفاوضات التي تهدف إلي إطلاق سراح شاليط, بينما كان يقبع الكثير من أبنائنا المقاومين في سجونه لجعلهم ورقة ضغط علي قيادة حماس بالقطاع.
سقطت يا مبارك وبقيت غزة صامدة, سقطت يا سليمان ولازالت غزة تقف شامخة, سقطت واندثرت يا فرعون مصر أنت وأدواتك وصمدت غزة وشعبها وستبقى عزيزة فلم ينفعك سورك الفولاذي ولم تنفعك تدابيرك القاسية في حصارنا, فحاصرك شعبك وطردك شر طردة تتناسب مع ظلمك لتنال العار والخزي في صفحات التاريخ التي سنعلمها لأبنائنا وسيتعلمها الكثير ممن لا يزالون يحاصرون غزة أو يصمتوا على حصارها.
أيها الزعماء العرب إن لم تستيقظوا فوراً وتفضواً أيديكم عن حصار غزة وتكونوا عوناً لأهلها وسنداً لها ضد محتلها وأعوانه فإن "لعنات غزة" ستصيبكم من حيث لا تعلمون ولا تتوقعون ولا تحتسبون.
عاشت غزة أرض العزة والكرامة والإباء والسقوط لكل الطغاة ومن يساندهم وان كان فرعون هذا الزمان وأعوانه وأدواته.
عاشت مصر أرض الكنانة حرة أبيه من كل فرعون, عاشت حرة قائدة للأمة العربية لتعود إلي أمجادها وبطولاتها.