"اعتقال المرابطة نفيسة خويص، أو إبعادها"، يبدو هذا الخبر عاديا جدا لأهل القدس ومرابطيه، فبين الاعتقال والاعتقال إبعاد، فهذه المرابطة المعروفة معتادة جدا على هذه الحياة، وآخر إبعاد لها بدأ في يناير وانتهى يوم الخميس الماضي، في نفس اللحظة التي أعلنت فيها جماعات الهيكل المزعوم وبعض منظمات اليمين الصهيوني الاستيطانية نيتها تنظيم مسيرة أعلام تهويدية في القدس المحتلة.
ولكن ما حدث للسيدة نفيسة مساء يوم الخميس، التي ذهبت إلى باب السلسة، وهناك حينما سألها الضابط لماذا تقفين على الباب؟ ردت عليه بفرح ممزوج بالفخر، أودع الأبواب، فغدا آخر يوم من أيام الإبعاد، وبعد غد سأدخل الأقصى مع أذان الفجر.
يثير هذا الإصرار على الرباط الممزوج بالعشق حفيظة الجنود، حينما رأوا الحاجة آتية لتودع الباب، الفرق الواضح بين عشق صاحب الحق، وبين ما يفعله المستوطنون من اختلاق حق فتدفعهم حكوماتهم دفعا إليه.
الضابط الواقف على باب السلسة طلب منها أن تتحرك وتبتعد عن الباب فرفضت، فأقدم على ضربها كاسرا يدها، وحينما هب أحد الشباب المقدسيين للدفاع عنها اعتقله الجنود.
هذا ما تؤمن به الحاجة نفيسة، حيث قالت في مقابلة مع الرسالة: "كان يوما مؤلما، استوحش المستوطنون، رقصوا وغنوا، واقتحموا باحات الأقصى من كل الأبواب، لكن في اليوم التالي فاقهم المصلون عددا، هذا المكان لمن أحبه بصدق ويقين".
حينما هاتفتها (الرسالة) كانت الحاجة نفيسة تخرج من صلاة الظهر، في اليوم الأول لدخولها الأقصى بعد إبعاد ستة أشهر، كان صوتها ممزوجا بالفرح: "أنا الآن في الأقصى، وسأبقى في الأقصى، دخلت مع أذان الفجر، لقد ردت إلي روحي، لقد شعرت أني دخلت الجنة، وسأبقى هنا حتى لو ضربت، سيضربون وأنا سأجبر، لكن لن أبتعد عن الأقصى".
وقد عرفت السيدة نفيسة بأنها صاحبة السيارة (التكتوك) التي تقل كبار السن إلى الأقصى ويعرفها الجنود على البوابات ويحاولون دائما منعها هي والمرابطتان هنادي حلواني وخديجة خويص؛ خوفا من رباط النساء هناك، وقد تعمدوا ضربها وكسر يدها بالأمس، بعد أن أبعدت قبل ستة أشهر بدون أي سبب، وطلبوا منها الابتعاد عن الأبواب مسافة مائة متر.
تقول خويص: "كل عام أقضي رمضان أمام باب السلسلة، وقد قضيت أيضا عيد الأضحى، هذا القرار موجع، ولكني أعود في كل مرة أقوى من المرة التي تسبقها، بالأمس كان مشهد الاقتحامات مؤلما جدا، لماذا يدخل هؤلاء الأقصى ونبعد نحن عنه؟!".
وتستهدف المسيرة التهويدية أبواب المسجد الأقصى المبارك (الجديد والزاهرة والعمود والأسباط)، لتنتهي بالدخول إلى البلدة القديمة من باب المغاربة ثم إلى ساحة البراق، ليعلن الاحتلال بعدها أن 45 ألف مستوطن قد اقتحموا الأقصى منذ بداية العام، ولكن ربما كان ردا سريعا وجميلا إعلان المرابطين عن مشاركة خمسة وأربعين ألف مصلٍّ في صلاة فجر يوم الجمعة.