يشعر طلاب قطاع غزة، ممن فقدوا مدارسهم ومقاعدهم الدراسية بصدمة وهم يحدقون إلى مدارسهم التي لحق بها الدمار في قطاع غزة، وسط ذكريات مؤلمة عن الدراسة والوقت الذي كانوا يقضونه مع أصدقائهم في الملعب قبل اندلاع الحرب الدائرة منذ أكثر من 6 أشهر.
ومازال 620 ألف طالب في قطاع غزة محرومين من الالتحاق بمدارسهم منذ بدء العدوان، فيما يعاني معظم الطلبة صدمات نفسية، ويواجهون ظروفاً صحية صعبة، فيما ينتظر الناجون منهم حلمًا يتحقق وينقلهم إلى مقاعدهم الدراسية عما قريب.
في أمنيات أحدهم، الطالب عابد القرا، التلميذ بالصف الخامس، قبل أن تمنعه الحرب من إكماله، يقول لوكالة "رويترز"، بينما كان يتفقد الأضرار مع صديقه محمد الفجم في بني سهيلا بشرق مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزة: "كنا ندرس في هادول المدارس، كنا نلعب في الساحة وينزلوا لنا اللعب والكور، وكنا نطلع على الصفوف نلفلف ويجي علينا المدير يلفلف على الصفوف ويوزع علينا الكتب. كنا ننزل هناك ونشوف البني آدمين اللي رايحين ونقف على بوابة المدرسة. كنا عايشين يعني".
وصار تلاميذ صغار متعطشون للتعلم يتساءلون "عما إذا كانوا سيستطيعون حزم كتبهم والعودة إلى المدرسة مجدداً". وسكان غزة -كباراً وصغاراً- في حاجة ماسة لرؤية أي مؤشر على أن القتال سينتهي، لكن لا يوجد شيء.
ومن جانبهم، حذر خبراء أمميون من "إبادة تعليمية متعمدة" في غزة، عقب تدمير أكثر من 80 بالمئة من مدارس القطاع الذي يتعرض لحرب إسرائيلية مدمرة منذ أكثر من نصف عام.
وقال 19 خبيرًا ومقررًا أمميًا مستقلًا، في بيان مشترك الخميس، إنه "مع تضرر أو تدمير أكثر من 80 بالمئة من مدارس غزة، قد يكون التساؤل معقولًا عما إذا كان هناك جهد متعمد لتدمير نظام التعليم الفلسطيني بشكل شامل، وهو عمل يعرف باسم الإبادة التعليمية".
وأوضح الخبراء، بحسب موقع الأمم المتحدة، أن "الهجمات القاسية المستمرة على البنية التحتية التعليمية في غزة لها تأثير مدمر طويل الأمد على حقوق السكان الأساسية في التعلم والتعبير عن أنفسهم بحرية، ما يحرم جيلاً آخر من الفلسطينيين من مستقبلهم".
ويشير مصطلح "الإبادة التعليمية" إلى المحو الممنهج للتعليم من خلال اعتقال أو احتجاز أو قتل المعلمين والطلاب والموظفين، وتدمير البنية التحتية التعليمية، وفق الموقع.
وذكر البيان أنه: "بعد 6 أشهر من الهجوم العسكري على غزة، استشهد أكثر من 5.479 طالباً و261 معلماً و95 أستاذاً جامعياً، وأصيب أكثر من 7.819 طالباً و756 معلماً، مع تزايد الأعداد كل يوم. كما لا يحصل ما لا يقل عن 625 ألف طالب على التعليم".
وأكد الخبراء أن "مدارس الأمم المتحدة التي تؤوي المدنيين النازحين قسراً تتعرض للقصف، بما في ذلك في المناطق التي حددها الجيش الإسرائيلي على أنها آمنة".
وشددوا على أن تلك الهجمات "ليست حوادث معزولة، وإنما تمثل نمطاً ممنهجاً من العنف يهدف إلى تفكيك أسس المجتمع الفلسطيني".
وقال الخبراء إنه "عند تدمير المدارس، يتم تدمير الآمال والأحلام كذلك".
وأضافوا: "نحن مدينون لأطفال غزة بدعم حقهم في التعليم وتمهيد الطريق لمستقبل أكثر سلاماً وعدلا".
وبشأن تدمير المكتبات ومواقع التراث الثقافي في غزة، قال الخبراء في البيان إن "أسس المجتمع الفلسطيني تتحول إلى أنقاض، ويتم محو تاريخه".
وشددوا على أنه "لا يمكن التسامح مع الهجمات على التعليم، وعلى المجتمع الدولي أن يبعث برسالة واضحة مفادها أن من يستهدفون المدارس والجامعات سيتحملون المسؤولية".
وأوضح الخبراء أن "المساءلة عن الانتهاكات تشمل الالتزام بتمويل وإعادة بناء النظام التعليمي" في القطاع.
يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينهم مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهي جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان في العالم.
ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان، بحسب موقع الأمم المتحدة.
والشهر الماضي، أفادت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، أن عدد الطلبة الذين استُشهدوا في قطاع غزة منذ بداية العدوان وصل إلى أكثر من 5826، والذين أصيبوا إلى 9570،
وأشارت إلى، أن 264 معلمًا وإداريا استُشهد وأصيب 960 بجروح في قطاع غزة، وستة أصيبوا بجروح.
ولفتت إلى، أن 286 مدرسة حكومية و65 تابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" تعرضت للقصف والتخريب في قطاع غزة، ما أدى إلى تعرض 111 منها لإضرار بالغة، و40 للتدمير بالكامل، كما تم استخدام 133 مدرسة حكومية كمراكز للإيواء في قطاع غزة.
وأكدت التربية، أن 620 ألف طالب في قطاع غزة ما زالوا محرومين من الالتحاق بمدارسهم منذ بدء العدوان، فيما يعاني معظم الطلبة صدمات نفسية، ويواجهون ظروفا صحية صعبة.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تواصل "إسرائيل" عدوانًا وحشيًا على قطاع غزة مخلفة أكثر من 110 آلاف بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ودمارًا هائلًا ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، وفق بيانات فلسطينية وأممية.