خاص| بموازاة حرب الإبادة بغزة.. عدوان استيطاني رهيب بالضفة

الرسالة نت

الرسالة نت- رشا فرحات 

لطالما كان الاستيطان هو هدف الاحتلال الأول منذ سبعين عاما، وقد تزايدت الهجمات الاستيطانية بشكل ملحوظ منذ السابع من أكتوبر وإعلان حرب الإبادة على غزة حيث تستغل (إسرائيل) بسلطاتها ومستوطنيها الانشغال العالمي بغزّة لتتابع مشاريعها الاستيطانية، التي انتهجتها بهدف التهويد الكامل. 

وقد صوّت الكنيست بداية شهر كانون الأول وفي وسط الحرب على موازنة جديدة لصالح التوسعة الاستيطانية وأقرّ من خلالها تمويل الاستيطان في خلال الحرب، فتزايدت معها اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيّين لتهجيرهم بشكل مباشر أو غير مباشر وسرقة أراضيهم وإقامة مستوطنات أو بؤر استيطانية جديدة عليها.

وقد اختلفت الأساليب الاستيطانية حسب المنطقة التي يستهدفها الاحتلال بينما يعطي تسهيلات كبيرة لجذب المهاجرين اليهود من أنحاء العالم عبر منحهم الجنسية الإسرائيلية والأوراق الرسمية، وتم ربط هذه التسهيلات بالسكن في الأراضي المحتلّة لفترة معيّنة بهدف إرساء «الهوية اليهودية» للكيان الإسرائيلي. وكانت الحرب الروسية-الأوكرانية سبباً لهجرة 100 ألف من اليهود إلى الأراضي المحتلّة في خلال سنة ونصف، فصاحب هذا توسعة استيطانية جديدة ومكثفة خاصة في منطقة القدس .

المحلل المختص بشؤون الاستيطان مراد اشتيوي يحدث الرسالة عن التوسعة الاستيطانية في الأشهر الثمانية الماضية قائلا:" في الضفة الغربية كان هناك استغلال حقيقي لما يجري في قطاع غزة من حرب إبادة عن طريق تنفيذ مخططات استيطانية تهدف لتقسيم الضفة الغربية إلى كانتونات تفصل بينها تكتلات استيطانية كبيرة "

كما يلفت اشتيوي إلى أن الاحتلال أصدر تشريعات جديدة تسهم في تحقيق ذلك، كإنشاء المناطق العازلة حول المستوطنات وبالقرب من جدار الفصل العنصري وشق طرق استيطانية تربط بين البؤر المتناثرة بين المستوطنات الكبيرة لفرض أمر واقع جديد.

كما يلفت إلى أن الاحتلال دعم الاستيطان الرعوي الذي عادة ما يكون مقدمة لبناء مستوطنات، علما بأن "رعاة" المستوطنين يستولون على أكثر من 300 ألف دونم، أي حوالى 10% من مساحة الضفة الغربية، وهي تفوق في مساحتها مجمل ما تمت السيطرة عليه من المستوطنات الإسرائيلية كافة منذ العام 1967! 

كما أن منظمة "حراس يهودا والسامرة" تتبنى وحدها حوالى 30 مزرعة ماشية وأبقار وزراعة، والعديد من هذه المستوطنات الرعوية يسيطر عليها ويديرها من 4-8 أفراد فقط. 

كما أن منظمة الاستيطان "أمانا" تؤمن الدعم المعنوي واللوجستي للألوية الاستيطانية التي "ترعى" في الضفة الغربية. وتوفر وزارتا الزراعة والمالية التابعة لحكومة الاحتلال التمويل السخي و"الرعاية القانونية". الظاهرة باتت "نموذجية" ومستقطبة، والبعض من هذه المزارع تمت "تسويته" كمستوطنة رسمية بشكل "هادئ" وبعيداً عن انشغال الإعلام العربي والعالم بأخبار الإبادة في غزة.

ويعتقد اشتيوي أن تسليح المستوطنين وإطلاق العنان لهم لتنفيذ اعتداءات وصلت لحد تنفيذ عمليات إعدام بحق الفلسطينيين إضافة إلى حرق الممتلكات والعربدة على الشوارع الرئيسية.

ويرى الخبير في الاستيطان المحلل عثمان أبو صبحة من الخليل أن الاحتلال استغل ما يدور في غزة لتوسعة الاستيطان، لأن هدفه الأول أصلا الاستيطان، وقد صادق على مشاريع كثير مثل الحديقة الوطنية وحديقة مجلي التي تقع بين بيت حنينا وشعفاط ويصادر بموجبها720 ألف دونم من الأرضي الفلسطينية 

كما أن وزير المالية الإسرائيلي سموترتش أوقف كل ميزانيات الوزرات بسبب الحرب ولكنه أبقى على ميزانيات الاستيطان، وأهدر قانون فك الارتباط وسمح للمستوطنين الذين غادروا مستوطناتهم في 2005 بالعودة لمستوطناتهم، لذلك فإن مشروع الاستيطان هو الوحيد المتنامي في ظل شلل كل المشاريع الأخرى بسبب الحرب، على حد قول أبو صبحة.

ويذكر أبو صبحة كيف دعم بن غفير كل المستوطنين بالسلاح وأعطاهم الضوء الأخضر لتصعيد اعتداءاتهم والاعتداء على ممتلكات الفلسطينيين، لافتا إلى أن جنوب الضفة الغربية وتحديدا الخليل ومسافر يطا تعاني من الاستيطان الرعوي الذي يعتبر أخطر أنواع الاستيطان والذي لا يقف عند حد فأينما تصل المواشي يمتد الاستيطان، على حد تعبير أبو صبحة. مشددا على أن ان الاستيطان هو الوسيلة الأقوى والأداة الأهم التي لن يستغني عنها الاحتلال في ظل غياب الدعم والمساندة الحقيقية للشعب الفلسطيني من العالم العربي والغربي. 

وأشار أبو صبحة إلى أن مشروع تسوية الأراضي في مدينة القدس هو مشروع خطير جدا، ويقوم الاحتلال بموجبه بتسجيل أراضي وأملاك المقدسيين بأسماء المستوطنين وهذا خطر حقيقي ويتنامى يوما بعد يوم ويهدد وجود المقدسيين .

بدأ الاحتلال في مشروع قرار تسوية الأراضي في عام 2018 وسيمتد لعام 2025 وقد بلغت ذروته في أيام الحرب وبموجبه يقوم الاحتلال بتسجيل الأراضي المقدسية وفي ظاهر القرار.

وتدعي (إسرائيل) أن تسوية أراضي شرقي القدس المحتلة من شأنه أن يزيد من دخل ما تسمى بلدية القدس ويزيد من بناء الأماكن الصناعية والتجارية وقد صادرت فعليا أكثر من 550 ألف دونم لصالح ذلك، وبقرارات غير قابلة للنقض أو للعودة وبمصادرة عشرات الدونمات وهدم عشرات البيوت لمقدسيين بحجة البناء دون تصاريح.

 لذلك يعلم المقدسيون تماما بأن هذا القرار جاء للمضي قدماً في المشروع الاستعماري الاستيطاني الذي سيصادر أراضي شاسعة من شرقي القدس ويسجلها رسمياً أملاكا للكيان، أو أملاكاً يهودية.

البث المباشر