غزة – خاص الرسالة نت
كثيرة هي أوصاف جيش الاحتلال (الإسرائيلي) التي تدلل على إجرامه، فهو القاتل والمجرم والسارق وكل شيء لا يمت للإنسانية، ويكفي أن تعرض صورا وفيديوهات ما يفعله بحق المدنيين العزل في قطاع غزة ليفضح أمام مرأى العالم بعنجهيته وعنصريته.
قبل أيام حاول إفراغ محافظتي غزة والشمال، وأعلن عن خط سيرهم، لكن السكان باتوا يفهمون حيلته، فهو يريد قتلهم أو اعتقالهم عبر الحواجز أو سرقتهم كما جرى مع الحالات السابقة.
موقع (الرسالة نت) يستعرض عبر تقرير حيل جنود الاحتلال في سرقة الغزيين طوال فترة الحرب، من خلال الحديث مع حالات تعرضت لسرقة مصاغها وأموالها.
شهادات عوائل سرقها الاحتلال
في شهر نوفمبر العام الماضي، قررت "أم ياسر" النزوح إلى الجنوب برفقة زوجها وأولادها الثلاثة، بعدما قصف بيتهم في الشمال وتنقلت عند الأقارب عدة مرات وأصيبت وعائلتها إصابات حرجة، بعد تحسنهم قليلا حزمت أمتعتهم ووضعت مع كل واحد من عائلتها بعض المصاغ والأموال للعبور.
وعن توزيعها لمدخراتهم أوضحت أم ياسر أنها فعلت ذلك حال تفرقوا فيكون مع كل واحد ما يكفيه، خاصة وقبل خروجها كانت تسمع عن عوائل أضاعوا بعضهم.
وتكمل حكايتها أنها تقدمت عائلتها وقت التفتيش على الحاجز ثم سمعت الجندي ينادي على من خلفها "انت وهو تعالوا هون"، وقتها لم تعرف من يقصد حتى وصلت بر الأمان لتفاجأ أنه تم اعتقال زوجها وابنها.
بعد شهرين أفرج عنهما دون أي شيء علما أنهما كانا يحملان مبلغا يتجاوز العشرة آلاف دينار، وبعض المصاغ الذهبية، وجهاز حاسوب حديث وهواتف الآيفون.
وتتذكر أن العبور من الحاجز لا يمكن وصفه، فكانت الحركة ممنوعة، فقط السير للأمام دون الالتفاف للخلف، وشاهدت خلال سيرها بعض الأموال والقطع الذهبية التي فقدتها النساء أرضا عدا عن شنط الكتف التي سقطت من السيدات ولم يجرؤن على تناولها.
وتعلق خلال حديثها مع (الرسالة نت) بالقول:" كل تعب وشقى العمر ضاع، كنت أنوي تزويج أبنائي ومساعدتهم في بناء شققهم لكن هدم البيت كله في جباليا البلد".
أما أبو وائل وهو موظف وكالة سابق، حصل على مدخرات نهاية الخدمة قبل شهور قليلة من الحرب، بعد أسبوع قرر النزوح للجنوب وسحب مبلغا كبيرا من رصيده خشي قصف البنك كما تجري العادة وقت التصعيد.
حملت زوجته مصاغها في حقيبتها ووضع أكثر من 10 آلاف دولار فيها، وأثناء العبور عن الحاجز ورؤية "أبو وائل" كيف يؤشر الجنود على الشباب وكبار السن بأن يلقوا ما معهم في حفرة كبيرة، تأكد أنه فعل الصواب حين وضع كل شيء في حقيبة زوجته.
اقترب وعائلته من الحاجز، وهناك كانت المفاجأة حين نادى الجندي على الزوجة بأن ترفع يديها وتقترب ناحية الجنود، حاولت أن تلقي حقيبتها على الأرض لكن الجندي نهرها، وهناك سلمت كل شيء واحتجزت لثلاث ساعات ثم خرجت تبحث عن زوجها وعائلتها التي مضت ووصلت النصيرات.
ويقول الزوج لـ (الرسالة نت):" الحمدالله أنني كنت أحمل بعض الأموال وإلا لم يتبق لنا شيء (..)، فبما نملك استأجرنا بيتا ولا نزال نقيم فيه حتى اللحظة (..) ما تبقى دفعنا منه الإيجار واشترينا الكثير من المعلبات والاحتياجات الأساسية للبيت (..) الله يعوضنا خير باللي سرقوه الجنود".
لم يكتف جنود الاحتلال بسرقة الغزيين أثناء مرورهم عبر الحاجز، بل استغلوا نزوحهم ودخلوا بيوتهم في المناطق التي اجتاحوها سواء في شمال وشرق غزة أو خزاعة ورفح حين اقتحموا البيوت وسرقوا الذهب والأموال والمقتنيات والتقطوا الصور ليفضحوا انتهاكاتهم بأيديهم.
السرقة الممنهجة لأموال الغزيين
وبعد مرور شهور قليلة من الحرب على غزة واجتياح البيوت من قبل الجيش (الإسرائيلي) أكد المكتب الإعلامي الحكومي أن الجنود سرقوا أموالًا ومصاغات ذهبية، قدرت قيمتها بنحو 25 مليون دولار، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وذكر المكتب، في بيان أنه رصد "عشرات الإفادات التي أدلى بها سكان القطاع، حول قيام جيش وجنود الاحتلال (الإسرائيلي) بسرقة أموال وذهب ومصاغ قُدّرت بـ90 مليون شيكل (ما يزيد عن 24 مليونًا و500 ألف دولار)، خلال 92 يوما فقط.
وأوضح البيان، أن "عمليات السرقة جاءت على أكثر من طريقة، حيث كانت الأولى على الحواجز، مثل شارع صلاح الدين، حيث سرقوا من النازحين الذين نزحوا من شمال وادي غزة نحو الجنوب حقائبهم التي تحتوي على ممتلكاتهم الثمينة كالأموال والذهب والمصاغات".
وأما الطريقة الثانية، فتمثلت وفق المكتب الحكومي، بـ"السطو على المنازل التي طلبوا من سكانها الخروج منها حيث أخذوا لهذه الجريمة صورًا تذكارية ومقاطع فيديو، نشرها بعضهم على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، كما حدث في بلدة بيت لاهيا (شمالي القطاع)".
وأشار المكتب الحكومي، إلى توثيق عدد من الصحف العبرية هذه الجريمة، حيث وصفتها صحيفة "يديعوت أحرنوت" بـ"السرقة الممنهجة لأموال الغزيين".
وفي ذات السياق أكد المركز الأورمتوسطي لحقوق الإنسان أن الجيش (الإسرائيلي) يطلق العنان لجنوده في قطاع غزة للإقدام على ممارسات غير أخلاقية بحق المدنيين الفلسطينيين خلال مداهمة منازلهم، تشمل سرقة الممتلكات وأعمال النهب.
ووثق المرصد سلسلة حالات تكشف تورط جنود (إسرائيليين) في سرقات ممنهجة لأموال ومتعلقات الفلسطينيين، بما يشمل الذهب ومبالغ مالية وهواتف نقالة وأجهزة حاسوب محمولة.
وتظهر شهادات جمعها الأورومتوسطي أن مداهمات الجيش (الإسرائيلي) تتجاوز الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري والإعدام الميداني إلى تخريب متعمد للممتلكات وسرقة المقتنيات الشخصية، ومن ثم حرق المنازل بعد نهبها في إطار نهج يقوم فيما يبدو على الانتقام الجماعي من السكان الفلسطينيين.
وقال الأورومتوسطي إن تقديراته الأولية بناء على ما وثقه من إفادات -ما يزال يواصل جمعها - بأن سرقة متعلقات شخصية لمدنيين فلسطينيين وأعمال نهب واسعة لمقتنيات ثمينة قام بها الجيش (الإسرائيلي) قد تتجاوز حصيلتها عشرات الملايين من الدولارات.
وذكر الأورومتوسطي أن المبلغ المعلن عنه قد يكون جزءًا صغيرًا من أعمال سرقة ونهب لم يبلغ عنها الجنود، في وقت انتشر فيه مقطع مصور لثلاثة من الجنود يبيعون بشكل شخصي حليًّا ذهبية في أحد متاجر الضفة الغربية بعد سرقتها من منزل في غزة.