خاص| المقاومة في الضفة.. تطور لافت يربك حسابات المحتل

خاص- الرسالة نت

بإرادة وعزيمة مشتركة يتوحد المشهد بين غزة والضفة، فمجازر وجرائم الاحتلال التي استفحلت لا يمكن السكوت عنها، وتستلزم رد فعل ثوري ونوعي، والذي يتوقع كل عاقل تصاعده في الأيام القادمة.  

قبل أيام حدثت عمليتا تفجيرٍ واشتباك فدائيتان استهدفتا نقطتين داخل مجمّع "غوش عتصيون" الاستيطاني الإسرائيلي قرب الخليل جنوبي الضفة الغربية، أصيب خلالها 4 إسرائيليين أحدهم ضابط برتبة رفيعة، بينما نشرت كتائب القسّام أنّ الرد جاء "من جنوب الضفة، وللحديث بقية." 

وبالأمس ثلاثة قتلى من عناصر شرطة الاحتلال الإسرائيلي، في عملية إطلاق نار استهدفت سيارة لشرطة الاحتلال في الخليل، وانسحاب المنفّذين بسلام.

وبالعودة إلى عملية الذئاب المنفردة التي يسميها الإعلام العبري، بات الغضب الفلسطيني المنفجر، لا يقتصر على الدفاع والمقاومة في شمال الضفة، فإذا به يبدأ الهجوم من جنوب الضفة، ومن الخليل تحديدا التي وصفت يوما ما بالأسد النائم، والذي إذا ما قام من نومته افترس.

منطقة الخليل من أكثر المناطق المحاطة بالاستيطان، وأي عملية ستخرج من هناك ستكون نوعية وقاتلة ومتفجرة بالغضب، ولعلها أكثر المناطق المحاطة بإجراءات أمنية مشددة من قبل الاحتلال، وهو ما يكشف الهشاشة الأمنية للمحتل.

المحلل السياسي ساري عرابي يقول للرسالة:" إن الاحتلال نفذ الحملة الأوسع في الضفة منذ عملية السور الواقي بل هي الأكثر عنفا، ومع  ذلك يرى الجميع أن العمليات تطورت برغم كل الحملات التي شنت نحوها لا سيما شمال الضفة، وهذه المناطق ظل الاحتلال يشن عليها عمليات طويلة وحصار اقتصادي وعمليات اقتحام مكثفة قبل السابع من أكتوبر بالاضافة الى الاغتيالات بالطائرات، والآن هو يرى أنه لا يمكن أن يغض النظر حتى لا تتطور وتنتقل لأماكن آخرى".

ويعتقد الاحتلال حسب عرابي أنه الآن قادر على تنفيذ عمليات في الضفة بعد تخفيف أعداد قواته في القطاع، وعدد قواته  في الضفة الآن أكثر من غزة، وهو  يسعى لاستثمار حرب الإبادة الجماعية في غزة ونقلها للضفة، كما أن الذي ارتكب كل هذه المجازر في غزة لن يقول له العالم شيئا لو فعلها في الضفة فهو يريد بذلك أن يستثمر صمت العالم ونقله إلى الضفة وإرهابهم هناك، كما أن الأهداف بالنسبة للاحتلال أمنية وسياسية واستيطانية من أجل تكريس المشروع الاستيطاني داخل الضفة، حسب عرابي.

الكاتب سعد نمر أوضح في مقابلة مع الرسالة أن تصعيد الاحتلال لهجمته في الضفة بسبب المقاومة التي بدأت منذ عام 2015 بعد حرب غزة حيث بدأت كتيبة جنين تتمدد، ثم تتأصل بعد سيف القدس ثم أصبحت المقاومة متصاعدة الانتشار وإن كان ببطء في البداية، مذكرا بعرين الأسود في نابلس وجنين وبلاطة ثم عقبة جبر في أريحا وهذا الامتداد يقلق الاحتلال.

ويضيف نمر: "بعد السابع من أكتوبر أصبحت عمليات المقاومة أكثر وضوحا، نوعا وكما، زرع عبوات وتصنيعها، وهذا التطور يظهر في كل مرة يقتحم الجيش فيها المخيمات، لذلك يسعى الاحتلال لاستئصال المقاومة حتى لا تنتشر أكثر لاسيما بعد العملية الفدائية التي كانت في تل أبيب قبل أسبوعين والتي دقت ناقوس الخطر، بخاصة أنها اخترقت الأمنيات المشددة، وإذا ما عادت فكرة العمليات الاستشهادية سيكون له أثر كبير جدا لدى الاحتلال لذلك بدأت العملية الواسعة شمالا".

هذه القضية من وجهة نظر نمر تقلق الاحتلال لأنه يعلم أنه مهما فعل لن يستطيع القضاء على المقاومة، فالموضوع أكبر من مجرد أشخاص يعتقلهم ويتخلص منهم، فهي تتصاعد وتتطور بمنحى متسارع وعلى (إسرائيل) أن تدرك أن هذا نتيجة طبيعية ردا على إرهابها.

الاتجاه الأخر  الذي يجب الانتباه له من وجهة نظر نمر هو نوايا الاحتلال في ضم أكبر قدر من الأراضي، وهذا واضح في سياسة سموتريتش وبنغفير، معتمدين على دعم ترامب حينما كان رئيسا وداعما للاستيطان، وهذا الاستيطان المتسع له أثر كبير على الفلسطينين.

ولم يختلف الكاتب والمحلل المختص بالشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد مع ما قاله نمر، حيث لفت إلى ممارسات الاحتلال قائلا:" طرد وتهجير وتطهير عرقي في الضفة الغربية وتسليح مستوطنين بإشراف مسؤولين، ودعوات تهجير للفلسطيني ومعاملة الضفة كما تعامل غزة، وهذا له أثره، وهو الذي يدفع المقاومة للتطور في ظل عدم وجود إمكانية تفاوض أو حلول، ولذلك البديل الوحيد والطبيعي هو تصاعد المقاومة المسلحة والتي لديها حاضنة جماهيرية كبيرة جدا.

يمكن أن نسمي ما كان يحدث في الضفة  بصراع فكري، ولكن اليوم الفكر الفلسطيني يتجه نحو المقاومة، وهذا يجعل الفلسطيني يجد سهولة في تنفيذ العمليات مقارنة بالسابق، وسط التشديد الأمني الإسرائيلي، وفي الثلاثة أعوام الأخيرة نجحت العمليات كثيرا وهذا سيكون ضغط كبير على نتنياهو، حسب عماد أبو عواد.

ويضيف أبو عواد للرسالة: "هذه العمليات لها وقع مختلف الآن بعد السابع من اكتوبر، ولكن يجب أن ننتبه أن الحالة الفكرية هي المتحكم خاصة لدى الجيل الشاب، فإذا كانت الضفة هادئة سيتمدد الاستيطان، وإذا كانت ثائرة أيضا يتمدد، لكن المقاومة تبقي التعاطف العالمي، وتبقي القضية حاضرة، ونتذكر أن سموترتش وبن غفير جاؤوا على وقع دعاية أن الحكومة السابقة كان في عهدها مجموعة من العمليات المقاومة التي أدت لقتل عشرات من المستوطنين.

قدم سموتريتش وبن غفير وعودا أمنية، وزعوا سلاحا، ولكن في المقابل توسعت عمليات المقاومة أكثر، فأين السلاح الذي قال عنه بن غفير أنه زاد الى 500 % بين المستوطنين، أين حرس الحدود الذي يقع تحت امرة بن غفير؟! يتساءل أبو عواد.

ويضيف موضحا: "زيادة العمليات تعني فشل بن غفير وتراجع للصهيونية الدينية وحتى جمهور بن يامين نتنياهو إذا وجد بديلا حقيقا سيتخلى عنه، وتصاعد العمليات سيكون له انعكاسات على كل الملفات، الانتخابات الاسرائيلية والحرب والاستيطان والتسوية".

البث المباشر