قائد الطوفان قائد الطوفان

الفتى إسلام الزعانين.. ساقي الماء الذي استشهد

الشهيد إسلام الزعانين
الشهيد إسلام الزعانين

الرسالة نت- خاص

حينما توقفت المدرسة منذ عام مع تعطل الحياة بسبب حرب الإبادة على قطاع غزة، بدأ الصبي إسلام الزعانين في العمل ليعيل أسرته، ويساعد ولو بالقليل في خدمة الظمآنين من أبناء غزة والشمال، ممن تقطعت بهم الطرقات، وهو الابن الأكبر لعائلته التي بقيت في شمال غزة حتى اللحظة.
لم تكن الخيارات كثيرة أمام الشاب النحيل الذي تعود على كرم العيش ورفاهية الدنيا، قبل أن يضيق الاحتلال كل منافذ الحياة ويحولها إلى وجع وركض نحو لقمة عيش شحيحة وشربة ماء نادرة، فهذا إسلام يدور على سيارة الماء ليشرف على توزيع المياه العذبة على المواطنين الباقين في الشمال.

يقول رفيق عمله صائب هديل إن إسلام شاب لطيف، وهو  أصغرهم سنا، فهو من مواليد 2007 ويعمل على سيارة الماء التي تمتلكها عائلته، والده وأعمامه، يوزع الماء على الشمال، ينتقل من بيت حانون لجباليا لمدينة غزة كل يوم.
ويضيف واصفا لحظة استشهاده:" بعد انتهائه من العمل ذهب واشترى قليلا من الخضار لأهله، وبعد دخوله المنزل استهدفته طائرات الاحتلال واستشهد، بعد أن تجرع مرارة الحرب، والنزوح من بيت حانون لأكثر من مرة".

ضحكة إسلام لا تفارق وجهه البشوش، له من اسمه نصيب كما يقول رفيقه، يداعب الأطفال في الخيام، يركض وراءهم على الطرقات، يعرفونه ويلتفون حوله كلما أتى راكبا فوق سيارة الماء الحلوة، وهو كغيره ممن كانوا يركضون بين الطفولة والشباب، ثم حولتهم هذه الإبادة لرجال يشاركون في الركض خلف لقمة العيش النادرة والمرتفعة الثمن، ويسعى لتحقيق أحلامه، فهو طالب مدرسي متفوق، تعطلت حياته كما تعطلت حياة أطفال وشباب غزة.
ويذكر أهالي بيت حانون الطالب المجتهد والمعروف بتفوقه دراسيا وعشقه لكرة القدم، فيكتب عنه معلمه قائلا:" ما إن بلغني خبرُك حتى حوقلتُ وقلتُ: إنك أطهرُ من أطهرِ شبرٍ في هذه الأرض، إنك تستحق مكانا يليق بك، إنك تستحقُ الجنان، كنتَ واللهِ رجلاً في ثوبِ طالب، فيك حكمةُ الشيوخ، ورزانةُ الرجال، ورجاحةُ عقلٍ وخفةُ ظلٍ ما رأيتها في أحدٍ في مثلِ سِنّك".
ويضيف المعلم حزينا على طالبه:" كنتُ أحادثُك يوم أمس، ليتني كنتُ أدري أني أودعُك بكلماتي تلك، لكنتُ أكثرتُ منها يا فقيدي، تعجلتَ الرحيلَ يا فقيد قلبي، وتركتَ غصةً لا يمكنُ تجرعُها، رحمك الله وجعل الفردوس الأعلى مستقرَّك ومقامَك".

يعرف الجميع موقعه من لعبة القدم، فهو لاعب نادي بيت حانون  الأهلي ويصفه مدربه بأنه"  من أفضل اللاعبين  في مركز قلب الدفاع الذين شاركوا في بطولة الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم الموسم الماضي في المحافظات الجنوبية قبل الحرب لمواليد 2008".
ويضيف مدربه واصفا تميزه:" وكان من اللاعبين الذين تم تسجيل أسمائهم من قبل الكشافين  لاختيار عناصر للمنتخبات الوطنية وحضرت له العديد من المباريات في البطولة،  كان صاحب شخصية قيادية وأداء رجولي".

درس إسلام  في الصف التاسع بمدرسة ذكور بيت حانون الإعدادية للاجئين وهو من الطلاب النجباء والمتفوقين 99.7٪ .
بالإضافة إلى أنه حافظ لكتاب الله تعالى، ويذكر معلموه كم كان شابا خلوقا ومطيعا، بدأ حياته كأي لاعب في المدارس والمساجد والساحات الشعبية، حصل على كأس بطولة مدارس شمال غزة، كما انضم لنادي بيت حانون الأهلي وتدرج في المراحل العمرية تحت قيادة المدرب محمد شبات، كان حلمه اللعب في الفريق الأول وتمثيل المنتخب الوطني.
يعرف الاحتلال كيف يغتال شبابنا، وتعرف الشهادة طريقها لمن يستحقها، ها هو ساقي الماء النجيب الصغير  يرحل شهيدا، في مكان يليق به حتما، يليق بالمتفوقين، الساعين لإغاثة الملهوفين، الراكضين نحو السماء بعد  أن روى بيده قلوب الظمآنين في غزة .

البث المباشر