قائد الطوفان قائد الطوفان

لماذا طلبت رغد الزرد عدم كتابة اسم والدتها على الكفن؟

غزة - خاص الرسالة نت

كثيرة هي قصص الفقد والوجع في قطاع غزة، للحد الذي لا تتسع الصحف والفضائيات لحصرها، مع استمرار حرب الإبادة الجماعية لأصحاب الأرض على يد الغزاة الغرباء المتعطشين للدماء، مستغلين الصمت والهوان في العالم العربي والإسلامي.

يستذكر الجميع الآن قصص الموت التي لا تنتهي، والتي يجب علينا أن نرددها حتى لا يغلبها النسيان، وقبل أن نستذكر أكتوبر الماضي، يعرض أكتوبر الحالي حزنًا وفقدًا جديدًا يضاف إلى الذاكرة.
"صوت تصفير الصاروخ في وداني، لقد كانت أمي أغلى ما عندي، وصلتها شظية في القلب، كنت أتمنى أن يظلوا معي أكثر، أشعر أنني صغيرة، وحتى لو كنت كبيرة لن أشبع منهم".
هذا ما قالته الصبية رغد الزرد، التي تقف بين عمر الطفولة والصبا، تحمل في عقلها قصة صعبة ستكتب لاحقًا كل مسير حياتها حتى آخر العمر، حيث ظلت محاصرة مع الشهداء والمصابين ليومٍ كامل في اجتياح المناطق الشرقية لخان يونس جنوب قطاع غزة.
قذيفة كبيرة سقطت على منزل عائلة الفتاة رغد الزرد، كبيرة للحد الذي أخذت فيه نصف العائلة، في تمام التاسعة مساءً في الثالث من أكتوبر، حيث الذكريات تعيد نفسها، في ضربة أولى رحلت أمها، وفي الضربة الثانية رحل والدها، كانت أمها أول مصاب، وركض والدها في الشارع يريد أن ينقذها، ثم أتت القذيفة الثانية لتأخذه إلى جانبها.
تشعر رغد أنها في تلك اللحظة كأنها ماتت ألف ميتة، وهي لا تزال حية ومحتجزة، بين والديها الشهيدين،  وشقيقتها مجد التي رحلت معهما: "كانت مجد ستتخرج من الجامعة بعد يومين".
احتجزت رغد مع أشقائها الأحياء وعددٍ من أفراد عائلة الزرد، كانوا جميعهم مصابين، إصابات احتاجت منها لعمل إسعافات أولية بسيطة فيما توفر لديهم من أدوات.
تواصلت رغد آنذاك مع عددٍ من الصحافيين لإنقاذها وأشقائها، أرسلت مناشدات، تجلس مع أمها عن اليمين، ووالدها عن اليسار، وتناشد لإنقاذ من تبقى من إخوتها المصابين وعدد من أفراد أسرتها، وتستذكر كيف تغيرت الحياة كلها خلال عام من الفقد المتواصل، حيث الأمل لم يفارق قلوب المكلومين، ثم كيف تحولت الأحلام إلى سراب، وذكريات عائلة نصفها استشهد.
تتذكر رغد أمها وهي تشاهد أخبار الشهداء قبل استشهادها بيومين: "كانت أمي تقول لماذا يكتبون الأسماء على الأكياس البيضاء، كان المشهد مؤلمًا بالنسبة لها، وحينما كتبوا اسمها أمامي على الكيس الأبيض رجوتهم أن لا يفعلوا، حتى لا تحزن أمي، حملوها ولم يكتبوا الأسماء، كنت أتمنى حينما قصف المنزل أول مرة أن تصيبني الضربة ولا تصيبها".
وتكمل: "وحينما نزلت الضربة الثانية ركضت إلى أبي فأصيب ولم أصب أنا، كنت أتمنى لو أنا التي رحلت، ولكنني بقيت لأظل مع إخوتي وأساعدهم على إكمال حياتهم."
حاولت رغد النجاة، ورغم حزنها وصدمتها، إلا أنها تواصلت مع الدفاع المدني، وطواقم الإسعاف واستطاعت من بين الدموع والموت أن تنقذ سبعة من عائلتها بينهم شقيقتيها رهف ومجد.

البث المباشر