لست منجما ولا قارئ الفنجان كي أحذر من طوفان أمريكي سيجتاح وطننا العربي مع دخول الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب «البيت الأبيض» في 20 يناير القادم وإقرار حكومته في (الكونغرس) الأمريكي التي سبقت تصريحاتهم المعادية لكل عربي أفعالهم عند توليهم مهامهم الوظيفية ولكني أنظر إلى الأفق القريب ببصيرة ثاقبة.
(2)
أعرف أن كلامي لا يفيد في غياب الفعل وأن الاجتهاد الفردي لا يجدي في غياب الإرادة الجماعية، ولكن ما العمل غير أن نكتب ونقاوم بالقلم أو اللسان أو القلب بعد أن جرد الإنسان العربي في زمن العجز ومنعنا الإرهاب الأمريكي الإسرائيلي وحلفاؤهما من استخدام أسلحتنا القادرة على قلب الموازين ومواجهة إرهاب المعتدين وخلق واقع عربي جديد نحس فيه بالعزة والكرامة وتفخر به الأجيال العربية القادمة بدل أن نورثها هذا الضياع المخيف والمهانة والمذلة والعجز المخجل.
أقول ذلك وأنا أتابع كغيري من الملايين العرب وغيرهم ما تعرضه علينا شاشات التلفزة العربية والأجنبية عن ما يحدث منذ 408 أيام في قطاع غزة والضفة الغربية من تدمير البشر والحجر والزرع حتى الحيوانات الأليفة وما يجري في لبنان وما يدور في عواصم العرب القادرة على الفعل ورد الفعل.
(3)
الملاحظ خلال العام المنصرم منذ انطلاقة «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر 2023 أن كتّاب المارين المتصهينين تكاثروا واحتلوا مساحات واسعة في وسائل الإعلام العربية وكذلك وسائل الاتصال الاجتماعي والتسجيلات بالصوت والصورة على (الوتساب) كلها تهدف إلى النيل من المقاومة الباسلة وما تفعل دفاعا عن أرضها وعرضها وقيمها إلى الحد الذي أخذ نتنياهو وإعلامه يرددون أقوال كتّاب المارين من العرب المسلمين.
لم يقف الأمر عند هولاء بل امتد إلى من يدعون أنهم الغيورون والمدافعون عن الإسلام والمسلمين من فقهاء السلطان، وعجبت من شيخ يصدر فتوى على شاشة التلفزيون مؤداها «أن الله لن يسألك يوم القيامة عن غزة وفلسطين وإنما سيسألك عن تبولك وقوفا!!». يا للهول! وصل بنا الانحطاط إلى الدرك الأسفل من المذلة طبقا لفتاوى بعض من يدعون أنهم من فقهاء الإسلام، والحق أن الإسلام منهم براء.
(4)
أصحاب مدرسة التيئيس نشطوا أيضا هذه الأيام بعد مرور 400 يوم ونيف من انطلاقة «طوفان الأقصى» بالقول إن المقاومة الغزاوية فشلت على الرغم من كل ما لحقت بجيش العدو الصهيوني من خسائر في الأرواح والسلاح ومعنويات ونفسيات منهارة لجنود العدو الأمر الذي شهدت به وسائل الإعلام الصهيونية واعترفت بتلك الخسائر قياداتهم، الوثائق المسربة من مكتب رئيس حكومة العدو نتنياهو تؤكد «أن عدد الخسائر من ضباط وجنود صهاينة بلغ 9600 قتيل، وأن الإصابات بلغت 50 ألف إصابة منها 4500 إصابات حرجة وخطيرة» إلى جانب خسائر أخرى في الاقتصاد وهجرات جماعية كبيرة وهذه الخسائر لم تحدث للكيان المعتدي منذ تأسيسه عام 1948م رغم دخولها في حروب ضد جيوش عربية منذ عام 1956، 1967،1973، والحروب مع لبنان من عام 1982 وحتى اليوم.
يذّكرنا أصحاب مدرسة التيئيس العرب أن المقاومة في غزة خسرت أكثر من 50 ألف شهيد وأكثر من 100 ألف جريح إلى جانب خسائر في الممتلكات العامة والخاصة وهذا قول صحيح لكن ليدرك المهزومون منا أن نيل حرية الأوطان واستقلالها وصون كرامة شعبها أمور تحتاج إلى تضحيات وكل حركات التحرر في العالم من فيتنام إلى كوبا مرورا بجنوب أفريقيا والجزائر وصولا إلى عدن مرت بنفس التجربة، والنصر بإذن الله قريب.
(5)
من خذل المقاومة الفلسطينية؟ أجهر بأعلى صوت وأقول خذلتها السلطة العباسية في رام الله واصطفت إلى جانب العدو لملاحقة نشطاء المقاومة في الضفة الغربية جنبا إلى جنب مع جيش العدو الصهيوني، دول عربية شاركت في حصار غزة لمدة أكثر من خمسة عشر عاما وما برحت تحاصرها.
حتى اليوم، قيادات عربية كانت تريد رأس حماس وفي تقديري أن حماس ليست أخطر على تلك الأنظمة العربية ـــ التي تطالب بالقضاء على حركة حماس حتى النهاية ـــ من الكيان الإسرائيلي أو الإرهاب الأمريكي المتوحش.
آخر القول: نداء إلى كل ولاة الأمر العرب وعلماء الأمة وأصحاب القلم وحّدوا صفوفكم ومواقفكم تجاه أعداء أمّتكم الصهاينة وحلفائهم وإلا فإن العدو والمتربصين بثرواتكم سيتناولونكم واحدا بعد الآخر، ولا عاصم لكم منهم إلا بوحدتكم وتضامنكم والله مع الصادقين.