في مشهد أثار تفاعلًا واسعًا، ظهر الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن حاملاً نسخة من كتاب المؤرخ الفلسطيني الأميركي رشيد الخالدي "حرب المئة عام على فلسطين: تاريخ الغزو الاستعماري الاستيطاني والمقاومة، 1917-2017"، وذلك أثناء خروجه من مكتبة في ولاية ماساتشوستس.
والكتاب الذي حمله بايدن، يصف تأسيس دولة الاحتلال الإسرائيلي بأنه مشروع استعماري استيطاني قوبل بمقاومة فلسطينية مستمرة، يعد أحد أبرز المراجع التي تتناول التاريخ الفلسطيني من منظور ناقد للاستعمار.
عن الكتاب: الغزو والمقاومة
يتناول رشيد الخالدي، المؤرخ وأستاذ الدراسات العربية بجامعة كولومبيا، في كتابه ستة مفاصل أساسية في القضية الفلسطينية.
يبدأ بتحليل وعد بلفور عام 1917 الذي مهد الطريق لقيام دولة الاحتلال، مرورًا بنكبة عام 1948 وما تبعها من تهجير قسري للفلسطينيين، ثم قرار مجلس الأمن رقم 242 عام 1967، وغزو لبنان عام 1982، وصولًا إلى اتفاقية أوسلو 1993 وزيارة أرييل شارون إلى المسجد الأقصى عام 2000، وحتى حصار غزة في العقود الأخيرة.
يؤكد الخالدي أن هذه المراحل تجسد الطبيعة الاستعمارية للصراع، مستعرضًا دور القوى الدولية -خصوصًا بريطانيا وأميركا- في دعم المشروع الصهيوني.
ويبرز الكتاب أيضًا أبعاد المقاومة الفلسطينية التي واجهت هذه السياسات رغم التحديات الهائلة، مسلطًا الضوء على صمود الفلسطينيين في وجه مشروع استيطاني استعماري مدعوم بقوة عسكرية وسياسية.
بين البحث الأكاديمي والتجربة الشخصية
يمزج الخالدي في كتابه بين البحث الأكاديمي الدقيق والسرد الشخصي، حيث يستند إلى وثائق أرشيفية نادرة وتجارب عائلته الممتدة التي عاصرت محطات مفصلية في التاريخ الفلسطيني.
يعكس الكتاب مشاهد من النكبة وحكايات اللاجئين، بالإضافة إلى شهادات شخصيات بارزة من عائلة الخالدي عملت كقضاة ودبلوماسيين وصحفيين، مما يضفي بُعدًا إنسانيًا قويًا على الأحداث التاريخية.
يشير الكتاب إلى أن المشروع الاستيطاني الصهيوني بدأ بدعم من الاستعمار البريطاني الذي مهد الطريق أمام الهجرات اليهودية الجماعية إلى فلسطين، ما أدى إلى تغيرات ديموغرافية واقتصادية عميقة. وبحلول عام 1939، ارتفعت نسبة السكان اليهود إلى 31% بدعم الانتداب البريطاني، ما أسهم في تأسيس بنية دولة صهيونية موازية تمهيدًا لقيام دولة الاحتلال عام 1948.
رسائل الكتاب ودلالاته
يوضح الخالدي أن الفلسطينيين واجهوا "حربًا استعمارية متعددة الأبعاد"، تشمل التطهير العرقي، وتدمير البنية الاجتماعية، ومحاولات طمس هويتهم الوطنية.
كما ينتقد الكتاب تجاهل القوى الغربية للدور الفلسطيني في الصراع، مشيرًا إلى أن الفلسطينيين تعرضوا لهزائم نتيجة التحالفات الدولية التي دعمت المشروع الصهيوني، لكنه يشيد في الوقت ذاته بصمود الشعب الفلسطيني ومرونته في مواجهة هذه التحديات.
الكتاب يحمل أيضًا رسالة واضحة حول ضرورة الاعتراف بالطبيعة الاستعمارية للصراع، وإعادة النظر في السرديات الغربية التي تبرر الاحتلال.
يصف الخالدي المشروع الصهيوني بأنه حركة استعمارية تغلف نفسها بروايات دينية وتاريخية مزيفة، مشيرًا إلى أن هذه الروايات ساعدت في كسب دعم الحركات البروتستانتية والصهيونية المسيحية في أوروبا وأميركا.
المصدر: شبكة قدس+ وكالات