في تطور خطير يُضاف إلى سجل الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن مقتل أحد العاملين الأجانب وإصابة خمسة آخرين بجروح بليغة، نتيجة قصف مقر للطواقم الأممية في المحافظة الوسطى. هذه الجريمة التي وُصفت بأنها "مكتملة الأركان" تأتي ضمن سلسلة من الاعتداءات المستمرة التي تستهدف المدنيين والمؤسسات الإنسانية، في محاولة لترسيخ واقع مأساوي داخل القطاع المحاصر.
دلالات استهداف العاملين في المؤسسات الأممية
يشير استهداف الطواقم الأممية العاملة في غزة إلى عدة أبعاد خطيرة:
1. نهج الاحتلال في تقويض العمل الإنساني: تعكس هذه الجريمة سياسة ممنهجة تهدف إلى عرقلة الجهود الإغاثية ومنع المؤسسات الدولية من تقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للفلسطينيين، في ظل أزمة إنسانية متفاقمة.
2. انتهاك صارخ للقانون الدولي: يُعد استهداف العاملين في المجال الإنساني انتهاكًا صريحًا لاتفاقيات جنيف والقوانين الدولية التي تحمي المدنيين والعاملين في المجال الإغاثي، مما يثير تساؤلات حول غياب المساءلة القانونية.
3. محاولة لترهيب المنظمات الدولية: يهدف هذا الاعتداء إلى بثّ الخوف في صفوف العاملين بالمؤسسات الأممية، ودفعهم إلى تقليص أو وقف أنشطتهم داخل القطاع، وهو ما يُعدّ جزءًا من مخطط أوسع لإحكام الحصار والتجويع.
وندّد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بهذه الجريمة، محمّلاً الاحتلال المسؤولية الكاملة عن استهداف الطواقم الإنسانية، ومؤكدًا أن هذا الاعتداء يعكس إصرارًا واضحًا على ضرب العمل الإغاثي.
كما أدان الصمت الدولي، معتبرًا أن التجاهل المتواصل للجرائم الإسرائيلية يشجع الاحتلال على التمادي في انتهاكاته.
أما حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فقد اعتبرت هذه الجريمة امتدادًا لسلوك الاحتلال الفاشي، داعيةً الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف واضح وحاسم إزاء هذا التصعيد، والعمل الجاد لمحاسبة حكومة نتنياهو على جرائمها المتكررة ضد الإنسانية.
مأزق الأمم المتحدة والمجتمع الدولي
ويثير هذا الاستهداف أسئلة جوهرية حول دور الأمم المتحدة في حماية موظفيها داخل المناطق المحتلة، خاصة في ظل تكرار الاعتداءات على العاملين الإغاثيين في غزة. فبينما تكتفي الأمم المتحدة بإصدار بيانات الإدانة، يواصل الاحتلال ارتكاب جرائمه دون رادع، مما يضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي حول مدى جديته في تطبيق القانون الدولي الإنساني.
ما جرى اليوم في قطاع غزة ليس مجرد استهداف عشوائي، بل هو جزء من استراتيجية منظمة تهدف إلى عزل القطاع عن العالم وإغراقه في كارثة إنسانية غير مسبوقة.
وفي ظل استمرار الصمت الدولي، يبقى السؤال: إلى متى سيُسمح للاحتلال بالاستمرار في جرائمه دون محاسبة؟ وهل سيكون لهذه الجريمة وقعٌ مختلف في تغيير معادلة التعامل مع الاحتلال على المستوى الدولي؟