أسطورة المقاومة أسطورة المقاومة

استصدار إشعار حياة يكلف صحفيًا فلسطينيًا عامًا من حياته

استصدار إشعار حياة يكلف صحفي فلسطيني عامًا من حياته
استصدار إشعار حياة يكلف صحفي فلسطيني عامًا من حياته

الرسالة نت

لم يكن الصحفي الفلسطيني خضر عبد العال (35 عامًا) يتصور أن محاولته استصدار شهادة ميلاد لابنته الوليدة “سلمى” ستتحول إلى كابوس يمتد لعام كامل، يعكس خلاله قسوة الإجراءات الإسرائيلية وانتهاكاتها لحقوق الإنسان، خاصة في ظل الحرب التي يشهدها قطاع غزة منذ أكتوبر 2023.

وُلدت سلمى في 15 أكتوبر 2023، وسط تصعيد عسكري إسرائيلي عنيف شهدته غزة، مما أدى إلى نزوح آلاف العائلات، بما فيهم أسرة خضر، التي اضطرت للانتقال إلى جنوب القطاع هربًا من القصف. وبعد ستة أشهر، وتحديدًا في مارس 2024، قرر خضر استصدار شهادة ميلاد لابنته حتى يتسنى له تسجيلها رسميًا، إلا أن هذه الخطوة البسيطة تحولت إلى محنة طويلة.

بدأت القصة في 18 مارس 2024، عندما توجه خضر إلى مستشفى الشفاء في غزة، حيث أُعيد افتتاح مكتب وزارة الداخلية لإصدار الوثائق الرسمية. لكنه لم يتمكن من إكمال إجراءاته بسبب اقتراب شهر رمضان وإغلاق المكتب مبكرًا. اضطر خضر وشقيقه الصحفي أحمد عبد العال للمبيت في المستشفى، على أمل استكمال الإجراءات في اليوم التالي.

لكن في منتصف الليل، تعرض المستشفى لهجوم إسرائيلي مفاجئ، حيث حاصرت القوات الإسرائيلية المبنى واعتقلت العشرات، بما فيهم خضر وأحمد. تم تجريد المعتقلين من ملابسهم وتعريضهم لظروف قاسية، وفقًا لشهادة خضر.

يقول خضر: “عشت أول 48 ساعة في الاحتجاز بين التجويع والتعذيب النفسي والجسدي. كانت أقسى اللحظات عندما تعرضت للضرب حتى كُسرت إحدى أضلاعي”.

تم نقل خضر إلى معتقل “سيدي تمان”، حيث عاش ظروفًا إنسانية مروعة، مع طعام محدود وتعذيب متواصل. بعد ذلك، نُقل إلى سجن النقب، حيث قضى حوالي سبعة أشهر، استطاع خلالها حفظ القرآن الكريم، لكن صحته تدهورت بشكل كبير.

ويضيف خضر: “لم أعد أستطيع الوقوف أو الحركة بشكل طبيعي، ولم تهتم إدارة السجن بعلاجي إلا بعد أن أصبحت حالتي حرجة”.

بعد أكثر من عشرة أشهر من الاعتقال، تم نقل خضر إلى معتقل آخر، حيث قابل ضابط مخابرات أخبره أن اعتقاله كان “قرارًا خاطئًا”، وأن الظروف الأمنية حالت دون إطلاق سراحه. حاول

الضابط اتهام خضر بالعمل لصالح “أجندة حماس” بسبب عمله الصحفي، لكن خضر أكد أنه كان ينقل الأحداث كما هي، دون تحيز.

تم الإفراج عن خضر قبل أيام من حلول شهر رمضان 2024، بعد أن قضى عامًا كاملًا في السجن. يقول خضر: “كنت أحاول استصدار إشعار حياة لحماية زوجتي وأطفالي من جحيم الحرب، لكنني دفعت ثمنًا باهظًا”.

اليوم، يعود خضر إلى عمله الصحفي في غزة، لكنه يحمل في قلبه غصة كبيرة بسبب تجاهل نقابة الصحفيين والمؤسسات الدولية لقضيته، وعدم زيارته أو تقديم الدعم له بعد محنته.

تعتبر قصة خضر عبد العال نموذجًا صارخًا لانتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها الفلسطينيون، وخاصة الصحفيين، في ظل الاحتلال الإسرائيلي.

وفقًا للمادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، “لا يجوز اعتقال أي شخص أو حجزه أو نفيه تعسفًا”. كما تنص المادة 5 على أن “لا يُعرض أي شخص للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة”.

حكاية خضر عبد العال ليست مجرد قصة شخصية، بل هي شهادة حية على معاناة شعب تحت الاحتلال، وتذكير بضرورة تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه الانتهاكات وحماية حقوق الإنسان الأساسية.

مركز حماية الصحفيين الفلسطينيين” Palestinian Journalists Protection Center (PJPC)

`
البث المباشر